في ثلاثينيات القرن الماضي، أصيب أهالي قرية النزلة التابعة للشرقي بهجورة بنجع حمادي، بمرض الكوليرا والطاعون، كان الأمر صعبا للغاية على الجميع ، القلق والخوف سيطر على أهالي القرية والقرى المجاورة.
مواقف صعبة خيمت بأحزانها على الجميع، في أيام ما زال يتذكرها البعض، خاصة كبار السن في القرية، ويقصون حكايات لأبنائهم، عن ما ذا حدث للقرية ، التي سيطر عليها الكوليرا والطاعون، ووقوفهم عاجزين عن ما ذا سيفعلون في مواجهة هذه الأمراض، التي تسببت في وفاة عدد من أهالي القرية وقتها.
ولم يملك أهالي القرية إلا أن يرفعوا أكف الضراعة إلى المولى عز وجل، بعد أن وقف الطب عاجزا في الشفاء، ودعوا الله عز وجل ، بأن يشفيهم من المرض ويبعده عنهم ، وأن يبعد الله عنهم الهم والغم والحزن والمرض.
اقرأ أيضا| انطلاق أولى فعاليات القوافل التعليمية بنجع حمادي
ونذر أهالي القرية، أنه في حالة استجابة الله لدعواتهم ، بأن يقيموا "وليمة" للطعام، للفقراء والمحتاجين، حالة رحيل المرض عن القرية، وبالفعل حدث ذلك، ومن وقتها وتحديدا منذ قرابة 87 عاما، يقيم أهالي القرية مع يوم الجمعة الأخيرة في شهر نوفمبر ، وليمة غذاء ، للفقراء ، عقب الانتهاء من صلاة الجمعة، كعادة سنوية ، يحافظ أهالي القرية عليها ولم تنقطع منذ ذلك الوقت .
في مظهر مهيب، وعقب الانتهاء من صلاة الجمعة، يُخرج الأهالي صواني الطعام من كل منزل، بها ما لذ وطاب من خضراوات ولحوم ، يخرجون سويا في طوابير ، يمر حاملو الصواني مع بعضهم البعض في شوارع القرية، حتى يصلوا إلى ساحة كبيرة أمام المسجد، ويقدمون الطعام للفقراء والمحتاجين، كما أنهم يتناولون الطعام معهم.
يقول مدحت عباس، أحد أهالي القرية، إنه في آخر أسبوع من شهر نوفمبر منذ قرابة 87 عامًا، استجاب الله لدعاوى أهالي القرية، بشفائهم من الكوليرا والطاعون، وبدأوا يوفون بالنذر بتقديم الطعام للفقراء والمحتاجين في آخر جمعة من كل شهر نوفمبر سنويًا.
وتابع : أول من بدأ في الوفاء بالنذر من أبناء القرية هو الشيخ محمد عويس، بالتنسيق مع كبار العائلات، وواصل أبناء القرية وفائهم بالنذر إلى يومنا هذا، فلقد كان أعيان هذه القرية يدعون الله أن يرفع البلاء لنتصدق بصدقة عامة يشارك فيها الجميع وتكون في يوم الجمعة عقب الصلاة، في هذا الميعاد من كل عام، حيث يخرج أهل القرية كل يحمل صينية الطعام، وعليها أشهى ما عنده من طعام أمام المسجد الكبير بنجع النزلة ليأكل المارة والمساكين والأرامل والأيتام وفاءًا بالنذر، بعد أن رفع الله البلاء عن القرية، بعد إصابة البعض بالكوليرا والطاعون.
ويوضح أنه يكلف أعيان البلدة من يقوم بجمع الخبز واللحوم والأطعمة وتوزيعها على فقراء القرية والنجوع في فرح وسرور ومشاركة وتآلف ومحبة والمصافحة و التهنئة بين الجميع، متمنين أن يعود الله على الجميع بالخير، واصفًا هذا اليوم كأنه يوم عيد من أعياد القرية والإسراع لإسعاد بعض فقراء القرية.