في عام 1999، كشفت ألمانيا عن أحد أعظم الاكتشافات الأثرية في التاريخ، وهو "قرص نيبرا السماوي"، الذي يُعد أقدم تصوير معروف للسماء في العالم.
و يعود هذا القرص الفريد إلى أكثر من 3600 عام، ويُعتبر قطعة استثنائية من العصر البرونزي تُظهر براعة الإنسان القديم في تفسير الكون واستخدام المعرفة الفلكية في حياته اليومية.
فما هي قصة هذا القرص؟ وما الأسرار التي يحملها؟
ما هو قرص نيبرا السماوي؟
"قرص نيبرا السماوي" هو قطعة أثرية مستديرة مصنوعة من البرونز ومزينة بعناصر ذهبية تمثل الشمس، القمر، والنجوم، يبلغ قطره حوالي 32 سم ويزن 2.2 كيلوجرام، اكتُشف هذا القرص في منطقة نيبرا بألمانيا، وهو يُعد أقدم مخطط فلكي معروف في العالم، يعكس فهمًا متقدمًا للسماء من قبل الإنسان القديم.
تاريخ وتصميم القرص:
يعود تاريخ القرص إلى حوالي 1600 قبل الميلاد، وهو ينتمي إلى العصر البرونزي الأوسط، يظهر على سطحه:
الشمس أو القمر الكامل: في مركز القرص، يعكس أهمية هذه الكواكب في حياة الإنسان القديم.
هلال القمر: يمثل المراحل الشهرية للقمر.
النجوم: من بينها مجموعة تمثل كوكبة الثريا التي كانت تُستخدم في الزراعة وتحديد المواسم.
قوسان ذهبيان على الجانبين: يُعتقد أنهما يرمزان إلى حركة الشمس بين الانقلاب الصيفي والشتوي.
الاستخدامات الفلكية والدينية:
يُعتقد أن قرص نيبرا السماوي كان يُستخدم كأداة لتحديد الأوقات المثالية للزراعة والحصاد بناءً على مواقع الشمس والنجوم، كما قد يكون له دور ديني أو طقوسي، حيث يُظهر العلاقة بين الإنسان والسماء كجزء من إيمانهم بالآلهة الطبيعية.
أهمية قرص نيبرا السماوي:
1. أقدم مخطط فلكي: يُعد أول محاولة معروفة لتوثيق الظواهر الفلكية باستخدام الرسوم.
2. تطور الفكر البشري: يعكس فهمًا متقدمًا للكون واستخدام الفلك في تنظيم حياة الإنسان القديم.
3. إرث ثقافي: يُعتبر رمزًا للثقافة الأوروبية القديمة ويسلط الضوء على براعة الإنسان في العصور المبكرة.
الاكتشاف والجدل:
تم العثور على القرص بواسطة مكتشفين غير قانونيين، لكنه أصبح لاحقًا جزءًا من المقتنيات الرسمية للمتحف الوطني في ألمانيا. وقد أثار الجدل حول أصالته وأهميته التاريخية، لكن الدراسات أكدت أنه تحفة أصلية وفريدة من نوعها.
"قرص نيبرا السماوي" ليس مجرد قطعة أثرية؛ إنه شهادة حية على براعة الإنسان القديم في تفسير الكون واستخدام المعرفة الفلكية لخدمة حياته اليومية.
ويظل هذا القرص رمزًا لفضول الإنسان ورغبته الدائمة في فهم أسرار السماء.
وركزت الدراسة على العملية التفصيلية لتشكيل قاعدة القرص البرونزية، وكشفت أن المعدن تم تسخينه إلى حوالي 700 درجة مئوية وتعرض إلى حوالي 10 دورات من التسخين والتشكيل والتلدين، وهي عملية معالجة حرارية تستخدم لجعل المادة أقل صلابة وأكثر قابلية للتشكيل.
اقرأ أيضًا| توافد الزوار على المتحف المصري بالتحرير| 122 عامًا من العراقة والتاريخ
وقال عالم الآثار هارالد ميلر إن الدراسة تركز على عملية صب وتصنيع الشكل الأساسي للقرص البرونزي، وليس العناصر الذهبية الملحقة به.
وأكدت تقنيات التحليل الحديثة، بما في ذلك الفحص المجهري والتصوير، أنه تم تصنيع القرص عبر عملية سبك مكلفة. وقدمت عينة أُخذت عام 2002 وأُعيد فحصها أثناء الدراسة مزيداً من البيانات حول تصنيع القرص، إلى جانب قياسات الصلابة.
وتم استخدام "قرص نبرا السماوي"، مع تصويره الذهبي للشمس والقمر والنجوم وسفينة، من قبل مجتمعات العصر البرونزي لمدة تصل إلى 400 عام.
وفي عام 2013 تمت إضافة القرص إلى سجل ذاكرة العالم التابع لليونسكو، والذي يجمع المقتنيات الأثرية التي تمثل أهمية للإنسانية. ويعتبر القرص أحد أهم الاكتشافات الأثرية في ألمانيا.