خبـــراء: حلقة وصل لتنشيط الصادرات وتنويع الواردات.. وزيادة الاستثمارات الأوروبية

جسر بحرى جديد بين مصر وإيطاليا يختصر المسافات ويُعزز التجارة

 د. عبد المنعم السيد -   د. خالد الشافعى
د. عبد المنعم السيد - د. خالد الشافعى


 كتبت: أسماء ياسر
 

فى خطوة استراتيجية لتعزيز التبادل التجارى بين مصر وإيطاليا، أطلقت وزارة النقل خدمة نقل بحرى جديدة «الرورو» تربط بين مصر وإيطاليا، لتعزيز التجارة فى منطقة البحر الأبيض المتوسط، وذلك بالتعاون مع شركة السفن البخارية المتحدة، ويهدف هذا الربط الجديد بين ميناء دمياط فى مصر وتريستا فى إيطاليا إلى تعزيز تدفق التجارة بين شمال إفريقيا وأوروبا. ويسهل هذا الطريق الجديد نقل الفواكه، والخضراوات الطازجة والملابس والبضائع الأخرى من مصر إلى أوروبا من خلال ميناء ترييستى.

بالإضافة إلى نقل منتجات الألبان والمنتجات الزراعية والصناعية من أوروبا إلى مصر، ويقدم هذا الطريق الجديد بديلًا سريعًا وفعالًا من حيث التكلفة لنقل البضائع بالحاويات، وبشكل خاص بالنسبة للبضائع سريعة التلف، كما تعزز القدرة على ربط الثقافات ودعم الاقتصاديات المحلية وفتح فرص للتجارة والعلاقات الاقتصادية الأكثر تواصلًا بين البلدين.

يتميز الطريق الجديد بخفض أوقات عبور العبارات، حيث من المقرر أن تنطلق الرحلة الأولى غدًا، مغادرة من ميناء دمياط إلى ميناء ترييستى، وستتم عمليات النقل برحلات أسبوعية تنطلق من كل ميناء، على أن تغادر ميناء دمياط يوم الجمعة بينما تغادر ميناء ترييستى يوم الاثنين، بمدة زمنية تقدر بنحو 68 ساعة.

وأوضح د. عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أن النقل البحرى يلعب دورًا محوريًا فى تسهيل التجارة بين مصر وأوروبا، مستفيدًا من الموقع الاستراتيجى لمصر على البحر المتوسط والبحر الأحمر، بالإضافة إلى قناة السويس التى تُعتبر أحد أهم شرايين الملاحة العالمية، لافتًا إلى أن النقل البحرى يُعتبر العمود الفقرى للتجارة مع أوروبا، والاستثمار المستمر فى تحسين الموانئ والبنية التحتية البحرية، بالإضافة إلى الاستفادة من الاتفاقيات التجارية مع الاتحاد الأوروبى، يعزز مكانة مصر كشريك تجارى رئيسى لأوروبا، حيث استثمرت مصر نحو 200 مليار جنيه حتى عام 2024 فى تطوير الموانئ والبنية التحتية البحرية.

اقرأ أيضًا|  أراضٍ صناعية جديدة.. إتاحة تقدم المستثمر على قطعة أساسية وأخرى بديلة لفرصة أكبر

عبر تنفيذ 80 مشروعًا لتحسين كفاءة الموانئ وزيادة طاقتها الاستيعابية، ما يُمكنها من استقبال السفن العملاقة وتوسيع نطاق التبادل التجارى الدولى، لافتًا إلى أن مشروعات تطوير الموانئ المصرية تشمل إنشاء محطات متعددة الأغراض مثل محطة «تحيا مصر» بالإسكندرية ودمياط، وتطوير أرصفة الموانئ الرئيسية، وإنشاء مناطق لوجيستية، كما يجرى العمل على تطوير موانئ البحر الأحمر مثل سفاجا ونويبع لتعزيز القدرة على استقبال التجارة العالمية وتحفيز الأنشطة الاقتصادية.

وأضاف أن أهمية النقل البحرى فى تعزيز التجارة بين مصر وأوروبا تتمثل فى عدة نقاط أهمها: الموقع الجغرافى الاستراتيجى، حيث إن مصر تُعد جسرًا بحريًا يربط بين إفريقيا وأوروبا، مع موانئ قريبة مثل الإسكندرية ودمياط تربط بسهولة بالموانئ الأوروبية مثل مرسيليا وجنوة، مما يُقلل تكلفة وزمن النقل، كما أن تطوير موانئ مثل شرق بورسعيد والعين السخنة يعزز مكانة مصر كمركز إقليمى للتجارة والخدمات اللوجيستية.

بالإضافة إلى التكامل مع الموانئ الأوروبية، فالموانئ المصرية تُسهل تصدير السلع الزراعية والصناعية، واستيراد المعدات والسلع الأوروبية، والنقل البحرى يضمن تدفق السلع الأساسية مثل القمح والنفط، مما يدعم استقرار الأسواق المحلية، فضلًا عن خفض التكلفة مقارنة بوسائل النقل الأخرى، فالنقل البحرى يُعد الأقل تكلفة لنقل البضائع بكميات كبيرة، مما يجعله الخيار الأكثر كفاءة وربحية، وأيضًا تتمثل أهمية النقل البحرى فى تسهيل التجارة الحرة مع أوروبا، حيث إن اتفاقيات الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، مثل اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية.

تُعزز حركة البضائع عبر البحر، وتربط المناطق الساحلية مثل الإسكندرية وبورسعيد بالأسواق الأوروبية، لافتًا إلى أن البنية التحتية البحرية المصرية تلعب دورًا مهمًا أيضًا، حيث إن قناة السويس تُعتبر محورًا مختصرًا للتجارة بين آسيا وأوروبا، ما يختصر 40% من وقت الشحن مقارنة برأس الرجاء الصالح، والموانئ المصرية مثل الإسكندرية ودمياط وبورسعيد تُعد مراكز رئيسية للتجارة مع أوروبا، إلى جانب المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التى تُقدم خدمات لوجيستية متطورة مثل التخزين والتصنيع وإعادة التصدير، مما يعزز دور مصر كمركز تجارى عالمى.

وأكد السيد أن سهولة التجارة البحرية بين مصر وأوروبا تساهم فى تنشيط الصادرات المصرية وتسهيل وصول المنتجات الزراعية والصناعية للأسواق الأوروبية، بالإضافة إلى دعم القطاعات الصناعية والزراعية المصرية بفضل القرب الجغرافى وسرعة الشحن، كما تساهم فى تنويع الواردات واستيراد التكنولوجيا والمعدات الثقيلة والسيارات لدعم التقدم الصناعى والاقتصادى فى مصر، فضلًا عن المساهمة فى زيادة الاستثمارات الأوروبية حيث إن سهولة نقل البضائع تُشجع الاستثمارات الأوروبية فى القطاعات الصناعية والزراعية المصرية، موضحًا أن تطوير النقل البحرى يُعزز من دور مصر كحلقة وصل استراتيجية بين القارات، ويُدعم الاقتصاد الوطنى بزيادة التصدير وتنشيط الاستثمار المحلى والأجنبى.

وفى نفس السياق، أشار د.خالد الشافعى رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية إلى أن تحسين التجارة بين مصر والتكتلات الاقتصادية الكبرى مثل دول الاتحاد الأوروبى وإيطاليا يتطلب توفير خطوط شحن مباشر أو غير مباشر، مما سيُسهم فى زيادة معدلات التجارة بنسبة لا تقل عن 20% وفق التقديرات، موضحًا أن ارتفاع الصادرات المصرية خاصة من الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية يُعزز حصيلة الدولار، ويزيد الطاقات الإنتاجية، مما يدعم الاقتصاد الوطنى ويوفر وظائف جديدة، مؤكدًا أن هذه القطاعات تُعد من الأكثر تصديرًا إلى إيطاليا، ما يُحفّز الأنشطة الاستثمارية ويرفع معدلات الرواج الاقتصادى.

وأكد الشافعى أن الدولة المصرية عملت خلال السنوات الماضية على تهيئة البنية التحتية وقطاع النقل واللوجيستيات، من خلال ضخ مليارات الجنيهات لتحسين البنية الأساسية، وهو ما ساعد على جذب الاستثمارات القطاعية وزيادة الحركة التجارية، مضيفًا أن مصر ركزت على تنمية القطاعات التى تمتلك فيها ميزات تنافسية، مثل الزراعة، الصناعة، والصناعات التحويلية واللوجيستيات، ما يُعد ركيزة لتحقيق معدلات النمو الاقتصادى المطلوبة، لافتًا إلى أن تقارير التصنيف الدولى تُظهر أن الاقتصاد المصرى يسير بخطى ثابتة نحو صعود مؤشراته، ما يدل على قدرته على التطور واستيعاب التغيرات المختلفة، واستقراره على كل المستويات القطاعية.