لبنان يلتقط أنفاسه بعد سريان الهدنة

دموع الفرحة ترافق آلاف النازحين فى رحلة العودة إلى الجنوب

نازح يلوح بالعلم اللبنانى فى طريق عودته إلى بلدته
نازح يلوح بالعلم اللبنانى فى طريق عودته إلى بلدته


الجيش يبدأ الانتشار على الحدود.. وبرى يطالب بسرعة انتخاب رئيس


عواصم-(وكالات الأنباء):


حمل آلاف اللبنانيين دموع الفرحة على جبينهم مع بدء حركة عودتهم الواسعة إلى مدن وقرى الجنوب متجاهلين تحذيرات جيش الاحتلال من العودة إلى المدن والقرى مع بدء اليوم الأول لسريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل بعد 14 شهرًا من الاشتباكات أسفرت عن آلاف الشهداء والجرحى.


الجيش اللبنانى بدوره أكد أمس أنه يتخذ الإجراءات اللازمة لاستكمال انتشاره فى جنوب البلاد بعد بدء سريان وقف إطلاق النار، داعيًا النازحين من البلدات الحدودية للتريث فى العودة إليها بانتظار انسحاب قوات الاحتلال منها.
وقال فى بيانه العسكري، «مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، يعمل الجيش على اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال الانتشار فى الجنوب»، داعيًا «المواطنين إلى التريث فى العودة إلى القرى والبلدات الأمامية التى توغلت فيها قوات العدو الإسرائيلى بانتظار انسحابها وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار».
وبعد يوم من هجوم «حماس» فى السابع من أكتوبر 2023، فتح حزب الله «جبهة إسناد» ظل ملتزمًا فيها بقواعد الاشتباك ضد الاحتلال حتى تكثيف إسرائيل ضرباتها على لبنان فى 23 سبتمبر الماضى وبدء عمليات برية فى مناطق الجنوب اعتبارًا من الـ30 من الشهر نفسه فى عمليات أجبرت مئات الآلاف من اللبنانيين وعشرات الآلاف من المستوطنين على النزوح من مواقعهم.


لكن جيش الاحتلال تحدث أمس عن تدمير 70% من مخزون الطائرات المسيرة لدى حزب الله ومعظم مخزون الصواريخ المجنحة، وقال وزير الدفاع الإسرائيلى يسرائيل كاتس إن هدف الحرب فى لبنان كان الإضرار بقدرات الحزب وتهيئة الظروف لعودة السكان هناك إلى منازلهم، و«سنرى ما إذا كانت ذلك تحقق، متعهدًا بقيادة جهود تطبيق قوى وصارم لجميع الشروط المتفق عليها خصوصًا بعد تلقى الحزب ضربة قاسية أضرت بقدراته وأعادته إلى الوراء سنوات عديدة».أما وزير المالية الإسرائيلى المتطرف بتسلئيل سموتريتش فاعتبر أن اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان ربما يضمن أمن إسرائيل للأبد..وبعد أن وضعت حرب حزب الله وإسرائيل أوزارها، أزيح الستار عن 3823 شهيدًا على الأقل فى لبنان منذ أكتوبر 2023 بالإضافة إلى تشريد 900 ألف شخص، بحسب أرقام الأمم المتحدة. وإسرائيليًا قُتل 82 عسكريا و47 مدنيا خلال الفترة نفسها.
ميدانيًا ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، عادت الحياة إلى جنوب لبنان، وشوهدت صفوف من السيارات التى تقل نازحين فروا من الجنوب فى طريقهم مرة أخرى إليه. وتدفقت عشرات السيارات التى غادرت مدينة صيدا الساحلية جنوبى بيروت متجهة إلى جنوب لبنان.
وانتشرت لقطات لحركة سيارات كثيفة على الطرقات باتجاه جنوب لبنان وتظهر بدء عودة أهالى جنوب لبنان والبقاع إلى بلداتهم وقراهم مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. بينما سادت حالة من الهدوء فى العاصمة بيروت.


وعلى رغم حالة التفاؤل السائدة لبنانيًا وعربيًا وعالميًا، رأت شبكة سى إن إن الأمريكية أن اتفاق وقف إطلاق النار، وإن بشر بفترة راحة بالنسبة للمدنيين اللبنانيين والإسرائيليين، فإنه يطرح تساؤلات حول المدة التى قد تصمد فيها الهدنة. وسلطت الضوء على إعلان جيش الاحتلال أنه سيتخذ إجراءات عسكرية ضد على أى خرق للاتفاق، الأمر الذى من شأنه أن يشعل الصراع من جديد، ويعرض الجهود الدبلوماسية التى تدعمها الولايات المتحدة للخطر.


وفى الوقت نفسه، وافق حزب الله على سحب قواته شمال نهر الليطاني، على بعد نحو 40 كيلومترًا من الحدود الإسرائيلية اللبنانية عند أقصى نقطة لها. وبالنظر إلى اتفاق 2006، فإن الحزب قدم هذا التنازل، إلا أنه استطاع إنشاء بنية تحتية ضخمة تحت الأرض فى منطقة داخل حيز الاتفاق، وذلك ردًا على انتهاك جيش الاحتلال الاتفاق نفسه بإجراء طلعات جوية شبه يومية فى سماء لبنان. ومع ذلك، استمرت الهدنة لمدة عقدين تقريبًا، وهى أطول فترة هدوء على هذا الخط السياسى منذ ستينيات القرن العشرين.ويستعد حزب الله لإقامة تشييع شعبى لأمينه العام السابق حسن نصرالله الذى سقط فى غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية أواخر سبتمبر الماضي، بحسب ما أعلن مسؤول فى الحزب أمس. كما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن نائب بالحزب قوله إنه سيتعاون بشكل كامل مع الدولة اللبنانية ومع الجيش لتعزيز انتشاره فى الجنوب.
سياسيًا، دعا رئيس البرلمان اللبنانى نبيه برى النازحين جراء الحرب بين إسرائيل وحزب الله، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان الهدنة، مطالبًا فى الوقت نفسه بالإسراع فى انتخاب رئيس للجمهورية بعد عامين من شغور المنصب.
من جانبه، أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتى التزام بلاده بتعزيز انتشار الجيش فى جنوب البلاد بعد وقف إطلاق النار، مطالبًا فى الوقت عينه تل أبيب بالالتزام بالهدنة وسحب قواتها.
ولقى اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان ترحيبًا دوليًا واسعًا، فبعد الإشادة الأمريكية الفرنسية المتبادلة بالجهود المشتركة لهما فى التوصل إلى هدنة، رحبت الصين ببدء سريان الاتفاق، حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فى بكين ماو نينغ خلال مؤتمر صحفى «ندعم كل الجهود الهادفة إلى خفض التوترات وتحقيق السلام، ونرحب بالاتفاق لوقف إطلاق النار الذى توصلت إليه الأطراف المعنية».