شهدت مكتبة الإسكندرية، الثلاثاء، جولة ميدانية ضمن الملتقى التاسع عشر لشباب المحافظات الحدودية بمشروع "أهل مصر" برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، تحت شعار "يهمنا الإنسان".
تاريخ المكتبة القديمة
استهلت الزيارة بجولة مع ندى بهاء - مرشدة بالمكتبة، للتعرف على تاريخ المكتبة القديمة التي تأسست عام 288 قبل الميلاد في الحي الملكي بالإسكندرية في عهد بطلميوس الأول، وتضمنت حوالي 700 ألف بردية، وتعود فكرة تأسيسها إلى الفيلسوف اليوناني "ديمتريوس الفاليري" والذي يوجد تمثاله حاليا عند مدخل المكتبة الحديثة.
وأضافت أنه في عام 48 قبل الميلاد، تعرضت المكتبة القديمة لحريق كبير إثر تدمير الأسطول البحري القريب منها، أثناء الصراع بين يوليوس قيصر وبطلميوس الثالث عشر، في محاولة للسيطرة على المدينة، مما أدى إلى احتراقها وتدمير الكثير من محتوياتها القيمة.
فكرة إحياء المكتبة
وتواصلت الجولة بتقديم نبذة عن فكرة إحياء المكتبة التي بدأت في التسعينيات، واستغرق بناؤها حوالى ست سنوات، وتم افتتاحها في أكتوبر 2002، لتصبح واحدة من أبرز معالم الإسكندرية وأيقونة ثقافية وعلمية عالمية.
أما عن التصميم المعماري للمكتبة أوضحت أنه تم بواسطة فريق مهندسين مشروع "سنوهاتا" النرويجي، بعد أن فاز بمسابقة عالمية شارك فيها 1400 مكتب هندسي.
أقسام المكتبة الحديثة
وشهدت الجولة حديثا مفصلا عن أقسام المكتبة الحديثة والتي تضم ثلاثة مبان، الأول: المبنى الرئيس ويأخذ شكل قرص الشمس غير المكتمل، ويرمز إلى أن المعرفة مستمرة في النمو مع كل يوم جديد، ويضم قاعات الاطلاع، المكتبة الرئيسية، المعارض والمتاحف، وتستقبل المكتبة الطلاب والباحثين، على مدار العام وتوفر لهم إمكانية الوصول إلى مصادر المعرفة المتنوعة، من خلال أكبر قاعة مفتوحة في العالم، يمكنها استيعاب أكثر من 2000 قارئ في نفس الوقت، بالإضافة إلى القدرة على تخزين 5 ملايين كتاب، وتحتوى حاليا على 2.1 مليون كتاب فعلي، بالإضافة إلى 1.8 مليون كتاب ومادة مرقمنة.
أما المبنى الثاني فهو "مركز المؤتمرات" ومعد لاستضافة المؤتمرات والحفلات والفعاليات الثقافية، والمبنى الثالث يتمثل في القبة السماوية: ويشبه كوكب الأرض، ويعرض فيه الأفلام العلمية والوثائقية.
التصميم الداخلي للمكتبة
وفي قاعة الاطلاع تعرف الشباب على التصميم الداخلي للمبنى المكون من 11 طابقا، ويضم ٢.٥ مليون كتاب، وتم تصميم القاعة بزجاج ممتد يوفر رؤية بانورامية مريحة للعين أثناء القراءة، بالإضافة إلى تزويدها بنظام امتصاص الصوت لعدم ازعاج القراء، أما الأعمدة فجاءت مستوحاة من زهرة اللوتس، رمز الحضارة المصرية القديمة.
تلى ذلك جولة للتعرف على أقسام المكتبة المتخصصة ومنها: مكتبة الوسائط المتعددة والفنون، مكتبة الكتب النادرة، بالإضافة إلى مكتبة الخرائط، والمكتبة الفرنكوفونية، التي تعد سادس أكبر مكتبة فرنكوفونية عالميا بعد إهداء 500,000 كتاب من فرنسا عام 2009.
جولة داخل المعارض والمتاحف
وواصل الشباب جولتهم بتفقد المعارض الموجودة داخل المكتبة ومنها معرض "الإسكندرية عبر العصور" وهو تجربة غنية بالقطع الفنية واللوحات التي تسلط الضوء على تاريخ الإسكندرية من مختلف العصور، وكذلك معرض "الصحفي محمد حسنين هيكل" الذي يحتوى على أكثر من 4000 كتاب من مكتبته، وبعض متعلقاته الشخصية.
أعقب ذلك جولة داخل عدد من المتاحف منها: "متحف الآثار المصرية" الذي يضم بعض القطع الأثرية، والأدوات المستخدمة في كتابة اللغة المصرية، و"متحف المخطوطات" الذى يضم ١٢٠ مخطوطة، وعددا من الكتب المهمة منها موسوعة "وصف مصر"، والكتب المنمنمة الخاصة بالأدب الروسي، والبردية الوحيدة المتبقية بعد حريق المكتبة القديمة.
كما شملت الزيارة تفقد متحف "الرئيس الراحل محمد أنور السادات"، الذي يشتمل على مقتنياته الخاصة وتشمل الأوسمة والنياشين التي حصل عليها، والسيوف والهدايا التذكارية، والمكتب والكرسي، وكتابات بخط يده، نسخة من القرآن الكريم بصوته، والملابس العسكرية التي كان يرتديها يوم اغتياله.
كما تعرف الشباب خلال الجولة على معرض مطابع بولاق، ومطبعة محمد علي، والمقتنيات المرتبطة بها، بالإضافة إلى التعرف على أسرار التحنيط، ومشاهدة مومياوات تعود للعصرين الروماني، والبطلمي وذلك بقسم "الحياة في العالم الآخر".
ختام الزيارة
واختتمت الزيارة بعرض فيلم تسجيلي عن تاريخ الحضارة المصرية على مر العصور من داخل "قاعة البانوراما"، بحضور أحمد يسري، مدير عام ثقافة الشباب والعمال والمشرف التنفيذي للملتقى.
تفاصيل الملتقى
"الملتقى التاسع عشر لشباب المحافظات الحدودية" تقيمه الإدارة العامة لثقافة الشباب والعمال، ضمن برامج الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د. حنان موسی رئیس اللجنة التنفيذية لمشروع أهل مصر، وبالتعاون مع إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، برئاسة أحمد درويش، وفرع ثقافة الإسكندرية.
ويضم الملتقى مجموعة مكثفة من الورش الفنية والحرفية، ويشهد عدة لقاءات تثقيفية، بجانب تنظيم عدد من الزيارات الميدانية لأشهر الأماكن السياحية بعروس المتوسط، ومن المقرر أن تختتم فعالياته في الواحدة مساء اليوم الأربعاء.
مشروع "أهل مصر" أحد أهم مشروعات وزارة الثقافة المقدمة لأبناء المحافظات الحدودية "المرأة والشباب والأطفال" وينفذ ضمن البرنامج الرئاسي، الذي يهدف لتشكيل الوعي، وتعزيز قيم الانتماء والولاء للوطن، ورعاية الموهوبين، وتحقيق العدالة الثقافية.