لا ننسى أبداً أن بعض الهتافات التى كانت مخضبة بالدماء بعد أحداث ٢٠١١، والذى أوقف ذلك هو الرئيس عبدالفتاح السيسى، واستطاع أن يحدث مصالحة تاريخية بهدوء وثقة وصبر، وأن يلم شمل المجتمع، وأن يمهد لاستعادة دولة قوية تستشرف آفاق المستقبل.
كانت بعض الأصوات تنادى بمحاكمات الشوارع ونصب المشانق، ولو حدث ذلك لكانت الدماء تجرى فى الشوارع حتى الآن، وكان المولى عز وجل رحيماً بمصر والمصريين.
وكان البعض يطالب بمحاكمات على غرار نورنبرج، رغم أن مصر لم تحدث فيها أشياء تشبه جرائم النازى، ولا غرف غاز، ولا قتل على الهوية، ولا تصفيات عرقية.
وكان البعض يطالب بمحاكمات ومصالحات مشروطة، على غرار ما حدث فى جنوب إفريقيا، رغم أن مصر لم تحدث فيها تفرقة عنصرية، ولا مقابر جماعية، ولا قتل حسب اللون.
وانتصرت الدولة لفكرة العدالة القانونية، وإعلاء شأن القضاء، وأن يمثل المتهمين أمام قاضيهم الطبيعى، دون محاكم استثنائية، وأثمرت العدالة عن تنامى الشعور بالارتياح، وسرعة تضميد الجراح.
وأخطر من كل ذلك محاولات بث الفتن الدينية التى لا تنطفئ نيرانها مهما طال الزمن، فترصدوا الأقباط بحوادث متتالية، أملاً فى تحريض الغرب على مصر، بزعم الاضطهاد الدينى، ولكن الأقباط آمنوا بأن حمايتهم فى أحضان وطنهم، وليس بالاستقواء بالخارج.
وفشلت محاولات بث الفتن بين المسلمين، على غرار ما يحدث فى بعض الدول، ولكن أثبت المصريون أنه لا يمكن المزايدة على دينهم، وإيمانهم بالمولى عز وجل، وحب الرسول صلى الله عليه وسلم.
والمصريون مسلمين وأقباطاً متشابهون فى كل شيء، فى مظهرهم وملبسهم وعاداتهم وتقاليدهم وروح المحبة والتسامح، وبعضهم يذهب إلى المساجد، وبعضهم يذهب إلى الكنائس.. ولا فرق.
وهذا هو الوطن الذى يتطلع للمستقبل تحت شعار «مصر لنا جميعا»، فى مواجهة الأحداث مترامية الأطراف، والتحديات غير المسبوقة، فلنا وطن يستحق أن نعض على أمنه واستقراره بالنواجز، وأن يكون الاصطفاف خلف الدولة هو أقوى سلاح لمواجهة ما يحاك له فى العلن والخفاء.
وطن يتطلع لفتح صفحة جديدة مع جميع أبنائه، وجاءت قرارات رفع عدد كبير من المدرجين فى القوائم الإرهابية، رسالة واضحة بإعلاء شأن لم الشمل من جديد، وأن يلتف الجميع حول وطنهم، وأن نغلق صفحة الماضى بما فيها من آلام وأوجاع.
«مصر لنا جميعاً»، بشرط عدم تكرار أخطاء الماضى التى كادت أن تصل بالبلاد إلى الانهيار، وكانت مشيئة المولى عز وجل هى الحارس والحامى من أجل شعب طيب، لا يوجد مكان فى الأرض يمكن أن يحتويه إلا وطنه.