فى جولة ميدانية داخل الشركة المصرية لتدوير المخلفات الإلكترونية بالمنطقة الصناعية بالسادس من أكتوبر، شهدت «الأخبار» مراحل عملية تدوير المخلفات الإلكترونية، والتى تتعدد مراحل التدوير بدءًا من عملية ورود حصة الشركة من المخلفات، وصولاً إلى تفكيكها واستخراج المعادن حتى التخلص الآمن من المرفوضات داخل المدافن الصحية الآمنة.
الوزن والتفكيك
وعملية التدوير تبدأ بوزن كمية كمية المخلفات الواردة للشركة لمعرفة الكمية والحجم، ثم يتم تمرير هذه المخلفات على سير أمام عدد من العمال المختصين بتفكيك كل جهاز منفردا يدويا، حيث يتم وضع كل جزء بعد انتهاء عملية تفكيك الجهاز فى مكان منفصل، بحيث توضع المسامير والحديد فى مكان، بينما يتم وضع الدوائر الإلكترونية فى مكان آخر، وكذلك يوضع كل معدن يتم تفكيكه مع شبيهة من المعادن، ليتم جمعها وإرسالها لإعادة استخدامه مرة أخرى داخل مصانع الحديد والنحاس وغيرها من المصانع.
وبعد انتهاء عملية التفكيك اليدوى، يتم التعامل مع الدوائر الإلكترونية، بمعالجة كيميائية خاصة لإزالة المواد الخام الموجودة بداخلها، لتتحول إلى بوردة فارغة يتم وضعها فى ماكينة التكسير والطحن لفصل النحاس عن البلاستيك، وهناك لوحات إلكترونية أخرى يتم من خلالها استخراج العديد من المعادن الثمينة مثل الذهب، حيث يتم فصل الحديد عن النحاس عن الذهب وغيرها من المعادن.
اقرأ أيضًا | المخـلفـات الإلكـترونيـة.. كـنـز أم «قنبلـة مـوقـــوتـة»؟
مرحلة المعالجة
وتأتى مرحلة المعالجة فى نهاية مراحل إعادة تدوير المخلفات، حيث يقوم العاملين داخل المصنع بمعالجة الكابلات الكهربائية، حيث يتم وضعها داخل ماكينة مخصصة لتكسير وطحن وفصل أجزاء هذه الكابلات إلى نحاس بيور وبلاستيك، كما يتم أيضا معالجة الدوائر الإلكترونية «البوردة» بطريقة كيميائية ثم تكسيرها وطحنها لاستخلاص المعادن الثمينة منها لأنها تحتوى على 8 طبقات من النحاس الخام، ويتم شفط كل الأبخرة الناتجة عن العمليات الكيماوية وتحويلها إلى ماء مالح، يمكن الاستفادة منها فى زراعة بعض النباتات، عن طريق جهاز مخصص لتلك العملية حتى لا تتسرب هذه الأبخرة فى الهواء.
وبعد الانتهاء من عملية التدوير، يتم جميع النفايات المرفوضة من البطاريات والحبارات وغيرها من المواد التى لا يمكن استغلالها، وإرسالها إلى المدافن الصحية الآمنة للتخلص منها بشكل صحى غير ضار بالبيئة.
وخلال جولتنا بالشركة، أكد أحمد سالم رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتدوير المخلفات الإلكترونية، ورئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية لتدوير المخلفات، أن المخلفات الإلكترونية تندرج تحتها العديد من الأجهزة مثل الكمبيوتر والهواتف الحمول والشاشات وغيرها من أدوات الطباعة، بينما المخلفات الكهربائية مثل التليفزيون والثلاجة والتكييف وغيرها من الأجهزة المنزلية التى تعمل بالكهرباء، وانتهى عمرها الافتراضى أو تم إتلافها.
وأشار سالم، إلى أن حجم المخلفات الإلكترونية والكهربائية التى ينتجها العالم تتعدى 53 مليون طن سنويا، بينما مصر تنتج من 80 إلى 90 ألف طن مخلفات إلكترونية سنويا، وتتم معالجة نسبة لا تتجاوز 15 إلى 20% من حجم المخلفات الإلكترونية بطريقة سليمة وآمنة داخل المصانع المعتمدة من قبل الدولة ووزارة البيئة، بينما يستحوذ القطاع غير الرسمى على النسبة الأكبر من تلك المخلفات التى تتم معالجتها بطريقة غير آمنة.
وأضاف رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتدوير المخلفات الإلكترونية، أنه رغم إصدار القانون رقم 202 لسنة 2020 ولائحته التنفيذية، والذى ينص على إلزام الجهات التى تنتج المخلفات الإلكترونية بعدم التخلص من هذه المخلفات إلا للجهات المعتمدة والمعنية والمرخص لها بتدوير هذه المخلفات، إلا أن هذا لم يحدث بالشكل المطلوب، وطالب سالم بضرورة تفعيل القانون، وحذر من تعامل تلك الجهات مع القطاع غير الرسمى «تجار الخردة» واقتصار توزيعها على المصانع الرسمية لتحقيق أكبر استفادة من تلك المخلفات بطريقة صحية وآمنه للبيئة.
تجار الخردة
وأوضح سالم أن المخلفات الإلكترونية لها ثلاثة مصادر لإنتاجها، منها المتواجدة داخل المنازل تمثل نسبة 40% من حجم المخلفات المنتجة، وتعد الحكومة هى المصدر الثانى لهذه المخلفات، وتطرحها للبيع من خلال الهيئة العامة للخدمات الحكومية، وللأسف تمت مخاطبة الهيئة أكثر من مرة من خلال وزارة البيئة وجهاز تنظيم إدارة المخلفات، للالتزام بالقانون واقتصار طرح بيع هذه المخلفات للمصانع المرخصة رسميا ولكن دون جدوى، حيث تقوم الهيئة بطرحها للبيع على تجار الخردة فى مخالفة صريحة للقانون، ويأتى القطاع الخاص من ضمن المصادر المنتجة للمخلفات الإلكترونية، ويقوم ببيع مخلفاته عن طريق مكاتب الخبراء لطرحها فى مناقصات علنية.
وحذر رئيس مجلس إدارة الشركة، المواطنين من خطر الاحتفاظ ببطاريات الهواتف المحمولة بعد إتلافها، لأنها تشكل خطورة عند الاحتفاظ بها تالفة، فعند ارتفاع درجة الحرارة تتحول هذه البطارية أو «الباور بنك» إلى قنبلة موقوتة يمكن لها أن تنفجر فى أى لحظة، بالإضافة إلى خطورة بعض المواد التى تدخل فى مكونات الأجهزة الإلكترونية على البيئة وصحة الإنسان إذا لم يتم التخلص منها بشكل آمن، فانبعاثاتها تؤدى إلى الإصابة بالعديد من الأمراض التى تهدد صحة الإنسان.
وضرب سالم مثلاً لأضرار التخلص غير الآمن من هذه المخلفات، مؤكدًا أن هناك إحدى القرى بالصين كانت تعيش على زراعة الأرز وفى غير موسم زراعة الأرز، كانت تعمل فى مجال المخلفات الإلكترونية بطريقة بدائية غير متوافقة مع الاشتراطات البيئية للحصول على المعادن النفيسة والتخلص من باقى النفايات فى الأرض عن طريق دفنها، وعلى المدى الطويل أصيب جميع أهالى القرية وكان قوامها 100 ألف نسمة بالسرطان بسبب التخلص غير الآمن من تلك المخلفات.
وعن مراحل تدوير المخلفات الإلكترونية.. أكد رئيس مجلس إدارة الشركة، أن أولى مراحل تدوير هذه المخلفات يبدأ بوزن إجمالى المخلفات التى حصل عليها المصنع من المزاد أو من بعض الجهات المنتجة لها، ثم يتم وضع المخلفات على السير لتبدأ عملية التفكيك اليدوى لكل جزء داخل المخلف، ويتم من خلال هذه العملية فصل كل مكونات الجهاز عن بعضها، فعلى سبيل المثال عند التعامل مع أجهزة الكمبيوتر، يتم فصل الشاسية الخاص بالجهاز عن الحديد، واستخلاص الكابلات، والبطارية يتم وضعها منفردة مع البطاريات الأخرى ويتم إرسالها إلى مدفن الناصرية فى الإسكندرية للتخلص منها بشكل آمن.