روشتة الخبراء للتخلص الآمن: سمعان: التجميع مقابل حوافز مادية

 د. عبد المسيح سمعان و د. وفاء على و د.مجدى علام
د. عبد المسيح سمعان و د. وفاء على و د.مجدى علام


أكد خبراء البيئة أن «المخلفات الإلكترونية»  تشكل خطرا يهدد العالم، إذا لم يتم استغلالها بالطرق العلمية ، والعمل داخل منظومة متكاملة لإعادة تدويرها بطريقة آمنة، وأكد الخبراء على القيمة الاقتصادية التى تضيفها عملية تدويرها، كما نوه الخبراء إلى التعامل الجاد من قبل الدولة فى هذا المجال الأمر الذى أدى الى منح تراخيص لـ27 مصنعا تعمل بشكل رسمى فى مجال تدوير المخلفات الإلكترونية.

فى البداية..أكدت د .هدى شقرة، استشارية البنك الدولى بخصوص المخلفات الإلكترونية، أن هناك أكثر من 10 أصناف من المخلفات الإلكترونية، فهو يشمل أى جهاز يتم تشغيله بالكهرباء أو بالمجال المغناطيسى ينتهى عمره الافتراضى، ومن المفترض لتحقيق عملية الاستدامة أن يقلل الإنسان استهلاكه من الأجهزة الإلكترونية بشكل عام قبل الوصول إلى مرحلة التدوير، وعند وصول الجهاز لنهاية عمره الافتراضى، لابد من إعادة تدويره من خلال المصانع الرسمية، لتحقيق أكبر استفادة منها دون التأثير على الصحة العامة والبيئة المحيطة، لأننا نتعامل مع مخلف يحتوى على مكونات خطرة تهدد صحة الإنسان ، وعند حرقها بطريقة غير آمنه من الممكن أن تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، مثل البطاريات وغيرها من المواد الخطرة.

اقرأ أيضًا | علاقات سامة تهدد السـلام النفسى للمرأة :بالأرقام.. الظاهرة تراجعت فى مصر خـلال الـ10 سنوات الأخيرة

قيمة اقتصادية
وعن أوجه الاستفادة من هذه المخلفات.. أشارت هدى، إلى القيمة الاقتصادية العالية لهذه المخلفات عند إعادة تدويرها، مؤكدة على ضرورة حث المواطنين من خلال الدعم المادى بتسليم هذه المخلفات لمصانع رسمية، وبدورها تقوم هذه المصانع بتفكيك هذه الأجهزة واستخلاص المعادن التى تستخدم مباشرة فى صناعات أخرى مهمة، مثل معدن النحاس والبلاستيك بعد تصنيعه مره أخرى، والزجاج، والألومنيوم، والذهب، والفضة وهناك اللوحات الإلكترونية التى يدخل فى تكوينها عدد كبير جدا من المعادن، وهناك مكونات مثل البطاريات تحتاج إلى معالجة خاصة لا تضر بالبيئة وصحة الإنسان، وهنا نحقق أعلى نسبة استفادة من تلك المخلفات.

وأكدت استشارية البنك الدولى، أنه يتم الآن التنسيق مع شركات تشغيل المحمول للالتزام بقانون المُخلفات عند طرح مناقصات المُخلفات الإلكترونية وذلك استكمالاً لما بدأه المشروع بالتعاون مع جهاز تنظيم إدارة المُخلفات، حيث نتج عن ذلك التخلص من حوالى 7091 طنا من المخلفات الإلكترونية وبطاريات حامض الرصاص، والتخلص الآمن من 5.95 جرام من الملوثات العضوية الثابتة غير المتعمدة و670 كجم من الملوثات العضوية الثابتة.

مشكلة عالمية
من جانبه، قال د. عبد المسيح سمعان، الخبير البيئى، إن المخلفات الإلكترونية تمثل مشكلة ضخمة على مستوى العالم، فى ظل الثورة التكنولوجية والتطور السريع والمتلاحق لنوعية الأجهزة الإلكترونية وتحديثاتها، الأمر الذى جعل العمر الافتراضى للأجهزة أقل، ولهذا يوجد كم كبير جدا من أجهزة الكمبيوتر واللاب توب والهواتف المحمول تتراكم سنويا وتزيد من حجم المخلفات.

وأشار الخبير البيئى، إلى ضرورة التخلص السليم والآمن من هذا الكم الهائل من المخلفات، لأنها تحتوى على أكثر من ألف مادة كيميائية، بخلاف سهولة التخلص من مخلفات الأجهزة المنزلية التى تحتوى على مواد عضوية وبلاستيك يمكن تدويره بشكل مباشر، وأوضح سمعان أنه عند حرق الأجهزة الإلكترونية التى تحتوى على مواد كيميائية بشكل عشوائى، فإنها تنتج مواد كيميائية خطرة جدا على صحة الإنسان والبيئة فضلا عن تلوث التربة والهواء بشكل مباشر، ويمكن لهذه المواد أن تظل عالقة فى الهواء لفترات طويلة من الزمان.

الجمعيات الأهلية
وشدد سمعان على ضرورة الإسراع فى عملية الإدارة المتكاملة لجمع وتدوير المخلفات، منوها إلى أنه اقترح من خلال الجمعيات الأهلية إمكانية جمع المخلفات من المنازل بحوافز مادية للمواطنين لتحفيزهم على التخلص من هذه المخلفات للجهات المعنية بتدويرها أو لإحدى الجمعيات الأهلية العاملة فى هذا المجال وتسليمها للمصانع المرخصة.

وأوضح الخبير البيئى، أن تدوير هذه المخلفات له عائد اقتصادى وعائد بيئى وآخر صحى، مؤكدا على أن جميع المواد الكيميائية التى تحتويها الأجهزة الإلكترونية يمكن أن تتم إعادة تدويرها والاستفادة منها فى استخدامها مرة ثانية، مثل الزئبق والرصاص مما يعمل على توفير الموارد الطبيعية، بالإضافة الى توفير الطاقة، باستخدام مكونات تم إعادة تدويرها بالفعل.. وعن تجارب أهم الدول المتقدمة فى إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية.. أشار سمعان، إلى أن ألمانيا وسويسرا والسويد واليابان من أكثر الدول المتقدمة فى هذا المجال، فهذه الدول  نجحت فى إعادة تدوير أكثر من 80% من إجمالى عملية جمع هذه المخلفات.

الحلول
وعرف د.مجدى علام، مستشار برنامج المناخ العالمى أمين اتحاد خبراء البيئة العرب، «المخلفات الإلكترونية» على أنها كل الأجهزة الكهربائية التى أصبحت غير صالحة للاستعمال، ولابد من التخلص منها، وتشمل مجموعة واسعة من المعدات التى نستخدمها يوميا فى حياتنا، بما فى ذلك أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة والأجهزة المنزلية، ومع التقدم التكنولوجى المتسارع، أصبحت النفايات الإلكترونية مصدر قلق بيئى رئيسيا؛ حيث ينتهى المطاف بملايين الأجهزة الإلكترونية كل عام فى مدافن النفايات، مما يطلق مواد سامة فى البيئة.

وعن الحلول، قال الخبير البيئى، إن جهود الدولة فى مجال تدوير النفايات الإلكترونية ومحاولات دعمها المستمر والإسراع من وتيرتها، حلاً لهذه المشكلة المتزايدة، مما يحمى كوكبنا من التلوث ويوفر المواد الخام القيمة.

وأوضح د. علام، أن النفايات الإلكترونية تحتوى على مكونات سامة مثل الرصاص والزئبق والكادميوم، ويمكن لهذه المواد عند التخلص منها بشكل غير آمن، أن تتسرب إلى التربة والمياه الجوفية، ما يشكل خطرًا على صحة الإنسان والبيئة، وأيضا تحتوى النفايات الإلكترونية على مواد خام قيمة، مثل الذهب والنحاس والفضة، ونجد من خلال إعادة تدويرها استرداد هذه المواد واستخدامها مرة أخرى فى تصنيع المنتجات الجديدة، ما يقلل من الطلب على الموارد الطبيعية.

الاقتصاد الدائرى
من جانبها أكدت د. وفاء على أستاذة الاقتصاد والطاقة الجديدة والمتجددة، أن مصر بذلت جهوداً كبيرة فى تنمية الاقتصاد الاخضر فى عدة قطاعات و عرضت تجربتها الرائدة بكوب ٢٧ فى نوفمبر ٢٠٢٢ فى إطار الهدف رقم ١١ للتنمية المستدامة و اهدافها، الكلية الاستراتيجية الذى ينص على إنشاء مدن ومجتمعات محلية مستدامة، وكان لمصر أول إصدار سيادى أخضر بالشرق الأوسط و هو السندات الخضراء بقيمة ٧٥٠ مليون دولار ، كما وضعت استراتيجية متكاملة نحو مواجهة التغيرات المناخية ٢٠٥٠ بمشروعاتها الخضراء فى الطاقة والبنية التحتية والمواصلات مما جعلها من أكبر منتجى الطاقة الخضراء فى إفريقيا.

وأشارت أستاذ الاقتصاد إلى اعتماد الدولة المصرية خلال هذه الفترة وما قبلها على مبدأ الاقتصاد الدائرى، الذى يشجع على إعادة تدوير المواد والمخلفات بكافة أنواعها وبينها بالطبع المخلفات الإلكترونية، وإدخال ما يستخلص منها من معادن متعددة ومواد أخرى فى صناعات جديدة، مما يؤدى إلى تقليل فاتورة الاستيراد بوجه عام، وأضافت، أنه تم زيادة تمويل المشروعات الخضراء للعام المالى ٢٤ / ٢٥ إلى ٥٠ % من الاستثمارات العامة.

وعن نصيب إعادة تدوير المخلفات من التوجه الى التمويل الأخضر.. أكدت د. وفاء على، أن مصر تعمل على تفعيل التحول إلى اقتصاد أخضر مستدام من خلال شراكات دولية أهمها الاستراتيجية المصرية القطرية المشتركة مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية للفترة من ٢٠٢٢ / ٢٠٢٧، التى تتضمن الاستدامة والتحول الأخضر واشتراك القطاع الخاص، إضافة إلى الاتفاق على تحويل ٤ ملايين طن من المخلفات إلى ٣٠٠ الف طن من الوقود الأخضر سنوياً باستثمارات تبلغ ٤ مليارات دولار.