ديون أمريكا.. هل باتت عقبة تهدد طموحات ترامب الاقتصادية؟

الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب - صورة تعبيرية
الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب - صورة تعبيرية


تواجه طموحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الاقتصادية اختبارًا صعبًا بسبب عبء ديون أمريكا، مع عودته للبيت الأبيض في 20 يناير المقبل.

وعلى خلفية ديون أمريكا، يسعى الرئيس الجمهوري إلى تنفيذ خطط تتضمن تخفيضات ضريبية وجمارك مشجعة، لكن ارتفاع الفوائد وكلفة سداد الديون الفيدرالية، التي تجاوزت 36 تريليون دولار، تجعل تحقيق رؤيته الاقتصادية أكثر تعقيدًا، خاصة مع تصاعد التضخم في الولايات المتحدة بعد جائحة «كورونا»، وفقًا لوكالة الأنباء الأمريكية «اسوشيتد برس».

اقرأ أيضًا| قبل التحديات الحزبية.. دعم الجمهوريين لترامب لتسريع تأكيد ترشيحاته

 

عبء خدمة الدين وتأثيره على خطط ترامب

يفرض تضخم ديون أمريكا تحديًا ماليًا على أجندة دونالد ترامب الاقتصادية، فالإنفاق على خدمة الديون سيرتفع العام المقبل متجاوزًا الإنفاق على الأمن القومي، ما يترك ميزانية محدودة لدعم تخفيضات الضرائب، كما أن أسعار الفائدة المرتفعة أثقلت كاهل الأسر الأمريكية، مما يزيد الضغوط على ترامب الذي يعتمد على هذه الملفات لاستعادة الرئاسة.


التأثيرات الاجتماعية لارتفاع الديون

ارتفاع ديون أمريكا يعكس تأثيره بوضوح على الحياة اليومية للمواطنين الأمريكيين، فأسعار الفائدة المتزايدة رفعت تكاليف شراء المنازل والسيارات، ما فاقم أعباء الأسر، ووفقًا للوكالة الأمريكية ذاتها، فإن هذا الوضع يؤدي إلى تضخم تكاليف المعيشة، مثل السكن والبقالة، مما يهدد بعرقلة النمو الاقتصادي ويدفع إلى تراجع الاستثمارات الأساسية مثل التعليم والبنية التحتية.

معظم الإنفاق الحكومي موجه حاليًا لسداد ديون أمريكا، مما يعطل استثمار الميزانية في مشاريع النمو، إلا أن اختيار ترامب للمستثمر سكوت بيسنت، كوزير للخزانة يعكس رغبته في كبح هذا المسار، لكن ارتفاع الدين يعقد جهوده لإحياء تخفيضات 2017 الضريبية، إذ قد يرفع الفوائد أكثر ويقلص الفوائد المحتملة على الاقتصاد.


انتقادات الجمهوريين لإدارة الدين

أكد المحلل بمعهد مانهاتن الأمريكي، برايان ريدل، على أن تكرار تخفيضات ضريبية دون معالجة العجز الهائل، الذي تضاعف ثلاث مرات، هو خيار غير مسؤول، حتى الجمهوريين في الكونجرس بدأوا خلف الكواليس في محاولة تقليص طموحات ترامب الاقتصادية، لتجنب تفاقم ديون أمريكا وتأثيرها السلبي على مستقبل الاقتصاد الوطني بالبلاد.

 

ديون أمريكا في قلب السياسة والاقتصاد

تشكل ديون أمريكا محورًا رئيسيًا للنقاش السياسي والاقتصادي، حيث ترتبط بالسياسات الضريبية، والإنفاق الحكومي، وتوجهات الأحزاب السياسية، وتؤثر هذه القضية بشكل مباشر على حياة المواطنين، من خلال برامج المساعدات والفوائد العامة، وتظهر بوضوح في معارك الخطط المالية بين الديمقراطيين والجمهوريين.

يرى الديمقراطيون وخبراء الاقتصاد أن التخفيضات الضريبية التي أقرها دونالد ترامب أفادت الأغنياء بشكل غير متوازن، مما حرم الحكومة من إيرادات ضرورية لتمويل برامج الطبقة الوسطى والفقراء، وهذه السياسات، وفقًا لنقادها، ساهمت في تضخم ديون أمريكا، مما يطرح تساؤلات حول العدالة المالية والقدرة على تمويل الاحتياجات الاجتماعية.

اقرأ أيضًا| الولاية الثانية لترامب| أجندة تغير وجه السياسة الأمريكية

 

خفض الضرائب وزيادة العجز.. «جدل متواصل»

بحسب وكالة «اسوشيتد برس»، أوضحت الخبيرة الاقتصادية، جيسيكا فولتون، أن خطط ترامب الضريبية المقترحة ستزيد العجز، حيث ستخفض الضرائب على الشركات الكبرى، مقترحة تقليص المعدلات إلى 15%، بينما يأمل فريق دونالد ترامب في تحقيق توازن مالي، تبقى هذه الخطط مثيرة للقلق بسبب آثارها على ديون أمريكا والعجز الحكومي المتفاقم.

أكدت المتحدثة باسم فريق ترامب، كارولين ليفات، على أن إعادة انتخابه منحت تفويضًا شعبيًا لتنفيذ وعوده الانتخابية، بما في ذلك خفض الضرائب، ومع ذلك، أثار النقاد تساؤلات حول قدرة هذه الخطط على معالجة العجز وتخفيف عبء ديون أمريكا التي تتزايد مع كل تخفيض ضريبي جديد بالولايات المتحدة.

خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، ارتفعت ديون أمريكا بسبب التخفيضات الضريبية والمساعدات، ورغم أن تكاليف السداد ظلت تحت السيطرة بسبب الفائدة المنخفضة حينها، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة لاحقًا زاد الضغط على المالية العامة، مما أدى إلى تعاظم عبء الدين الأمريكي إلى مستويات قياسية.

توقعت تقارير الكونجرس أن تتجاوز تكاليف خدمة الدين الفيدرالي تريليون دولار العام المقبل، وهو رقم يتخطى ميزانية الدفاع وأغلب البرامج غير الدفاعية، وهذا الواقع يعكس تحديا خطيرا لإدارة ديون أمريكا، خصوصا في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وتأثيرها على قدرة الحكومة على تغطية العجز.


الفوائد المرتفعة وتعقيدات الديون

في 2020، انخفضت الفائدة على سندات الخزانة إلى مستويات قياسية، ما سهّل اقتراض الحكومة، لكن مع توقعات المستثمرين بزيادة العجز نتيجة تخفيضات ضريبية جديدة، ارتفعت الفائدة إلى 4.4%، مما زاد من تكلفة الاقتراض، ليشكل هذا التطور تحديا كبيرا في تعامل دونالد ترامب مع ديون أمريكا خلال فترة رئاسته.

اقرأ أيضًا| للتصدي لقرارات ترامب.. ديمقراطي يقترح «حكومة الظل» كإدارة معارضة

 

سياسات بايدن وموروث العجز

رغم نجاح الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن في تحقيق نمو اقتصادي وتجنب الركود، فإن العجز المالي وديون أمريكا استمرا في الارتفاع، ويعود ذلك إلى مبادراته لمعالجة تغير المناخ وتعزيز التصنيع، بالإضافة إلى تأثير التخفيضات الضريبية الموروثة من عهد ترامب، مما يسلط الضوء على التحديات المالية طويلة الأمد.

في حين يسعى الجمهوريون لتقليص الإنفاق الحكومي وتخفيض العجز لمواجهة ديون أمريكا المتصاعدة، ورغم الانتقادات التي يوجهونها لسياسات بايدن المالية، يبقى التساؤل قائمًا، حول مدى قدرتهم على إقناع دونالد ترامب باتخاذ خطوات حقيقية لمعالجة الدين من دون التضحية بالبرامج الحيوية.


حلول مقترحة لتخفيف عبء الديون

اقترح الملياردير الأمريكي ورجل الأعمال، إيلون ماسك تخفيض الإنفاق الحكومي في أمريكا، من خلال تقليل أموال البرامج التي وافق عليها الكونجرس، وهذه الخطوة، رغم دعم ترامب لها، قد تواجه تحديات قانونية لأنها تتعارض مع صلاحيات الكونجرس الأمريكي، ومع ذلك، تبقى واحدة من المحاولات للتعامل مع أزمة ديون أمريكا.

أما عن ارتفاع تكاليف خدمة الدين وتأثيرها على الميزانية، فخلال التسعينيات، قاد الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، مفاوضات ناجحة مع الكونجرس لخفض العجز وتحقيق فائض في الميزانية، مستفيدًا من ارتفاع عائدات السندات، ليُظهر هذا النهج، كيف يمكن للتعاون السياسي أن يخفف من أعباء ديون أمريكا، مع تقديم نموذج عملي للتعامل مع التحديات.

اقرأ أيضًا| قرارات ترامب تصطدم بحلفائه| هل ينفجر الصراع داخل الحزب الجمهوري؟