شهدت الساحة العسكرية السودانية تحولاً استراتيجياً مع إعلان القوات المسلحة السودانية سيطرتها الكاملة على مدينة سنجة، أحد أهم معاقل قوات الدعم السريع في ولاية سنار، إذ أن هذا النصر الحاسم يأتي كتتويج لسلسلة متواصلة من العمليات العسكرية الناجحة التي نفذتها القوات المسلحة خلال الأشهر الأخيرة من عام 2024، والتي أدت إلى تغيير جذري في موازين القوى على الأرض.
ومثلت معركة سنجة في 20 نوفمبر 2024 نقطة تحول استراتيجية في مسار الصراع، إذ بدأت العملية بهجوم واسع النطاق من ثلاثة محاور رئيسية، مع التركيز على الجبهة الشرقية للمدينة.
استمر الحصار لمدة أسبوعين كاملين، استخدمت خلالهما الجيش السوداني مزيجاً من القصف المدفعي المركز والضربات الجوية الدقيقة.
تحركت الفرقة 17 مشاة وبإسناد من الكتيبة الاحتياطية بالفرقة الرابعة في عملية منسقة أدت إلى تدمير العديد من المركبات القتالية للميليشيا وقطع خطوط إمدادها الرئيسية.
قبل معركة سنجة، وتحديداً في 21 أكتوبر 2024، نجحت القوات المسلحة في تحقيق نصر استراتيجي مهم بالسيطرة على مدينة الدندر في ولاية سنار، حيث تميزت هذه العملية بدقة التنفيذ وفعالية التنسيق بين مختلف الوحدات العسكرية، مما أدى إلى تدمير عشرات المركبات القتالية للميليشيا وتأمين خطوط الإمداد الرئيسية في المنطقة.
اقرأ أيضًا: من معركة لمعركة.. الجيش السوداني يستعيد الأراضي ويطوق الدعم السريع
قطع شريان الإمداد
مع بداية أكتوبر 2024، نفذت القوات المسلحة عملية نوعية للسيطرة على سلسلة جبال موية الاستراتيجية في ولاية سنار.
استمرت المعارك لعدة أيام، واستطاعت القوات تحقيق هدفها بقطع طرق الإمداد الحيوية للميليشيا، لتشكل هذه السيطرة نقطة تحول مهمة حيث حرمت الدعم السريع من استخدام هذه المنطقة الجبلية كممر آمن لنقل الأسلحة والمؤن.
الغارات الجوية المركزة على معاقل الميليشيا
شهد شهر أكتوبر تكثيفاً للعمليات الجوية، حيث نفذ سلاح الجو السوداني في 9 أكتوبر سلسلة من الغارات المركزة على مواقع الدعم السريع في الخرطوم بحري ومنطقة المقرن.
امتدت الضربات الجوية لتشمل مناطق الجريف والسوق العربي، مستهدفة مراكز القيادة ومخازن الأسلحة والذخائر.
تأمين شمال العاصمة
في 30 سبتمبر 2024، أطلقت القوات المسلحة عملية واسعة النطاق لاستعادة منطقة الجيلي شمال الخرطوم.
نجحت القوات في تحرير هذه المنطقة الاستراتيجية التي كانت تستخدمها الميليشيا كنقطة انطلاق لعملياتها نحو العاصمة، إذ تميزت العملية بالتنسيق العالي بين القوات البرية والجوية.
الهجوم الشامل على العاصمة
شكل يوم 26 سبتمبر 2024 بداية لعملية عسكرية شاملة لاستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم، حيث ركزت العملية على استهداف المواقع الاستراتيجية للميليشيا، وخاصة في منطقة المقرن غرب الخرطوم.
استخدمت القوات المسلحة في هذه العملية مزيجاً من الغارات الجوية والمدفعية الثقيلة، مما أدى إلى إضعاف قدرات الميليشيا بشكل كبير.
دور القوات الجوية في تغيير المعادلة
لعب سلاح الجو السوداني دوراً محورياً في جميع العمليات العسكرية، حيث نفذ مئات الطلعات الجوية التي استهدفت بدقة مواقع تمركز قوات الدعم السريع ومخازن أسلحتهم.
امتدت الضربات الجوية لتشمل ولايات دارفور وكردفان، مما أدى إلى تشتيت قوات الميليشيا وإضعاف قدرتها على المناورة والتحرك.
بعد كل عملية تحرير، اتبعت القوات المسلحة استراتيجية محكمة لتأمين المناطق المحررة، شملت نشر قوات خاصة لمكافحة الخلايا النائمة، وإقامة نقاط تفتيش استراتيجية، وتعزيز الوجود الأمني لمنع أي محاولات لإعادة التمركز من قبل الميليشيا.
الموقف الرسمي وآفاق المستقبل
أكد المتحدث الرسمي باسم الحكومة السودانية، وزير الثقافة والإعلام خالد الأعيسر، أن هذه الانتصارات المتتالية تعكس قوة وصمود الشعب السوداني وقواته المسلحة.
وشدد على أن المرحلة المقبلة ستشهد عملية شاملة لإعادة الإعمار وتحقيق العدالة، مؤكداً أن "لحظة الحساب قادمة" لكل من ارتكب جرائم في حق الشعب السوداني.
تشير هذه التطورات الميدانية المتسارعة إلى تحول استراتيجي عميق في مسار الصراع لصالح القوات المسلحة السودانية، إذ نجحت القوات في تحقيق سلسلة من الانتصارات النوعية التي أضعفت بشكل كبير قدرة ميليشيا الدعم السريع على المقاومة، مما يمهد الطريق لاستعادة الاستقرار في البلاد وبداية مرحلة جديدة من تاريخ السودان.