حـضور

أنقذوا مجمع الخالدين

طارق الطاهر
طارق الطاهر


طارق الطاهر

عندما بدأت حياتى الصحفية، منذ ما يزيد على الثلاثين عامًا، كان مجمع اللغة العربية من المؤسسات التى أتولى متابعتها، لاسيما مؤتمره السنوى، وكذلك إصداراته المتعلقة بـ «تعريب المصطلحات» ومعاجمه.
ومع مرور الوقت انقطعت صلتى «العملية» به؛ لكننى كنت أتابع أخباره، والجدل الذى يُثار دائمًا من قبل «الوسط الثقافى»، حول دوره وجدواه، وإمكانية تطويره، باعتباره -حسب قانون الإنشاء- «هيئة علمية مستقلة ذات شخصية اعتبارية لها استقلال مالى وإدارى وتتبع وزير التعليم ومقرها مدينة القاهرة».


لكن تطورت الأمور فى السنوات السابقة، ولم يعد الحديث عن دوره، بل أصبحنا فى منطقة تهدد كيانه ووجوده وليس جدواه، فهناك مواد فى القانون رقم 14 لسنة 1982، الخاص بإعادة تنظيم مجمع اللغة العربية، أصبحت تحول بشكل قاطع دون إمكانية تشكيله، القائم على الانتخابات، سواء انتخاب رئيس المجمع أو نائبه أو الأمين العام، وكذلك انتخاب الأعضاء أنفسهم؛ إذ يتطلب النصاب القانونى توافر ثلثى الأعضاء، وهو ما تنص عليه هذه الفقرة من المادة ٧ التى تنص على أنه «يُنتخب أعضاء المجمع المصريون بطريقة التصويت السرى من بين المرشحين للعضوية، ويتم الترشيح بتزكية اثنين من أعضاء المجلس، ولا تكون الجلسة التى يجرى فيها الانتخابات صحيحة، إلا إذا حضرها الثلثان على الأقل من أعضاء المجلس».. هذه الفقرة تصطدم مباشرة بالأمر الواقع حاليا؛ إذ أصبح أعضاء المجمع الآن ٢٣ عضوًا من إجمالى ٤٠، وبالتالى يستحيل قانونًا إجراء جلسة التصويت؛ لأن النصاب من الأساس غير قانونى، حتى لو حضر الـ ٢٣ مجتمعين، والأمر نفسه ينطبق على طريقة اختيار الرئيس التى حددتها المادة العاشرة من القانون السابق الإشارة إليه، وهو ضرورة حضور الثلثين، وهو ما يستحيل حدوثه.


الحقيقة أن المخرج الوحيد لهذا الوضع هو إجراء تعديل تشريعى، بتغيير المادتين السابقتين، بجعل اختيار أعضاء ورئيس المجمع بالتعيين، وليس بالانتخاب، أسوة بهيئات علمية وثقافية راسخة، مثل: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ومجمع البحوث الإسلامية، والمجلس الأعلى للثقافة، فهذه هيئات تشغلها شخصيات بارزة فى مجالاتها.
أظن أن هذا التشريع، هو المخرج الوحيد للحفاظ على هذا الكيان، وتستطيع الحكومة أن تتقدم بهذا التعديل العاجل، وأن يكون الأساس فى التعيين هو البناء على الـ ٢٣ عضوًا الحاليين، ثم يضاف إليهم شخصيات تستطيع أن تنعش المجمع، وأن يكون من مهام هذا المجلس، إعداد قانون متكامل لهذا المجمع العريق.. إن مؤسساتنا أمانة فى أعناقنا يجب الحفاظ عليها وتدعيمها وتطويرها.