قضية ورأى

الجنائية الدولية وتصدير السلاح لإسرائيل

د. طارق فهمى
د. طارق فهمى


د. طارق فهمى

وسيثير قرار المحكمة الجنائية الدولية مخاوف لدى الدول المصدرة للأسلحة لإسرائيل، خشيةً من التعرض لاتهامات بالمشاركة فى جرائم الحرب بشكل مباشر

أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، على خلفية جرائم حرب فى قطاع غزة، تساؤلات بشأن تداعيات الحكم، وإمكانية تنفيذه، والوضع القانونى لإسرائيل أمام المؤسسات الدولية بما فى ذلك موضوع تصدير السلاح إلى إسرائيل حيث تشكل مذكرة اعتقال نتنياهو وجالانت، إحراجًا كبيرًا وإدانة غير مباشرة لإسرائيل، ويترتب عليها إلزام 124 دولة عضوة بالمحكمة بتنفيذها، ما سيضع إسرائيل تحت ضغط دولي.


فى هذا السياق يحمل قرار المحكمة تداعيات قانونية مهمة بداية من أنه غير قابل للاستئناف ونهائى ولا يمكن الطعن فيه وفق مواد نظام روما وأنه سيقيد تحركات نتنياهو وجالانت فى الدول الموقعة على تنفيذ المذكرة، خاصة مع صدور مواقف إيجابية من فرنسا وهولندا وإسبانيا وبلجيكا والاتحاد الأوروبى عقب القرار، كما أنه وضع إسرائيل فى مأزق خاصة أنه لا يسقط بالتقادم ولا توقفه الحصانة، ويعتبر إدانة غير مباشرة لها بشأن ارتكاب جرائم حرب، وسيحدث القرار استجابة من دول عديدة لا سيما فى الاتحاد الأوروبى لقرار المحكمة الوجوبى بجانب دول فى آسيا وإفريقيا، ما يضع نتنياهو خاصة تحت خطر التوقيف، خاصة أن القرار سيؤثر على صورة رئيس الوزراء الإسرائيلى سياسيًا كما  سيساهم قرار الجنائية الدولية فى تسريع وتيرة الدعاوى القضائية المرفوعة أمام المحاكم، التى تطالب بحظر تصدير السلاح إلى إسرائيل، وسط توقعات بتراجع بعض الدول عن تقديم الدعم العسكرى لتل أبيب خشيةً من اعتبارات قانونية وأخلاقية.


ومن اللافت وجود عشرات الدعاوى القضائية المقامة من قبل مؤسسات وجمعيات حقوقية أمام محاكم أوروبية فى دول مثل بريطانيا وهولندا وألمانيا، تطالب بمنع حكومات تلك الدول أو الشركات العاملة فيها من تصدير أسلحة إلى إسرائيل، لاستخدامها فى ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة وبالتالى سيكون لقرار المحكمة دور مباشر  فى صدور دعاوى بحظر السلاح وستسهم مذكرات الاعتقال الصادرة عن الجنائية الدولية فى تسريع وتيرة الدعاوى القضائية المقامة أمام المحاكم الدولية مثل محكمة العدل الدولية، وأيضًا فى المحاكم المحلية داخل بعض الدول، التى تطالب بحظر تصدير السلاح لإسرائيل، الذى يُستخدم فى قتل المدنيين العُزل فى غزة كما سيدفع قرار المحكمة بعض الدول إلى التراجع عن إتمام صفقات سلاح مع إسرائيل، أو تقليل حجم التعاون العسكري، فى ظل وجود وثائق وأدلة تثبت استخدام السلاح فى جرائم حرب ارتُكبت بأوامر من نتنياهو وجالانت، مثل القتل والتجويع الممنهج للمدنيين، وأعمال عنف غير إنسانية بحق الفلسطينيين وسيثير قرار المحكمة الجنائية الدولية مخاوف لدى الدول المصدرة للأسلحة لإسرائيل، خشيةً من التعرض لاتهامات بالمشاركة فى جرائم الحرب بشكل مباشر أو غير مباشر؛ ما قد يؤثر سلبًا على مكانتها الأخلاقية والإنسانية ويشار إلى أن بريطانيا قررت من قبل تعليق صادرات بعض الأسلحة لإسرائيل (حوالى 30 رخصة تصدير لمعدات عسكرية إلى إسرائيل، وذلك بعد مراجعة امتثال إسرائيل للقانون الإنسانى الدولى خلال عملياتها العسكرية فى غزة).


وفى مقابل ذلك هناك تصور مقابل يرى أن إسرائيل تعتمد فى تسليحها على عدة أطراف، منها دول لن تلتزم بقرار الجنائية الدولية، فضلا عن الدور الكبير للولايات المتحدة الأمريكية، التى لن تسمح تحت أى ظرف حتى بتقليل حجم السلاح المقدم إلى إسرائيل وأن هناك عوائق كبيرة أمام أى محاولات لمنع تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، حتى مع صدور مذكرات التوقيف باعتبار أن حظر بيع الأسلحة لإسرائيل على المستوى الأممى أمر معقد للغاية كما تتلقى إسرائيل السلاح من عدة أطراف، بينها دول لن تلتزم بقرارات الجنائية الدولية، كما أن دولا أوروبية كبري، لن تسمح بفرض قيود على الدعم العسكرى لإسرائيل بل قد تستخدم حق النقض (لمنع صدور أى قرارات دولية فى هذا الصدد).


وسيعوق حظر تصدير السلاح إلى إسرائيل الالتزام بالصفقات المبرمة سابقا، التى تذرعت بها الدول للاستمرار فى مد إسرائيل بالأسلحة، على الرغم من قرار الحظر، فضلا عن تسريب الأسلحة من الدول المانعة إلى إسرائيل، عبر دول أخرى لم تتخذ قرارا بهذا الصدد كما سيتم استثمار قرار المحكمة بصورة عاجلة حيث طلبت 10 منظمات غير حكومية مناصرة للفلسطينيين من محكمة هولندية إصدار حكم يلزم هولندا بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل وستواجه إسرائيل حظرا على الأسلحة نتيجة لقرار المحكمة الجنائية وحتى قبل قرار المحكمة الجنائية الدولية، كان شبح حظر الأسلحة يخيم على إسرائيل، حيث انضمت أكثر من 50 دولة -بما فى ذلك روسيا والصين- إلى وزير الخارجية التركى هاكان فيدان إلى الأمم المتحدة، للمطالبة بفرض حظر على إسرائيل. يضاف إلى هذه الدول، فرنسا، وبريطانيا، وكندا.