يأخذنى الحنين إلى صالة تحرير الأخبار. سنوات طويلة مرت منذ أن غادرتها بسبب تولى مسئوليات أخرى. ذكرياتها باقية، علاقاتها مع زملاء كبار منهم من رحل ومنهم من نتمنى له موفور الصحة وطول العمر.
مديرو التحرير الساهرون أو من يطلق على الساهر منهم «رئيس التحرير السهران»، زملاء الديسك صنايعية الصياغة المسئولين عن صدور الجريدة فى أفضل صورة.
على مكتبى فى الديسك كنت مجاورا للأساتذة مصطفى حسن وعبد المنعم قنديل وعبد الفضيل سرحان وصابر المكاوى ومحمد عبد السلام جمعة وأحمد الجابرى وعبد المنعم سليم. أخشى أن أكون نسيت أحدا، لكن كان الأستاذان قنديل وعبد الفضيل سرحان من المقربين لفكري. كنت أحب أن أجالسهما لأطول فترة، استفدت من علمهما كثيرا. شغفى باللغة العربية جعلنى أداوم على سؤالهما فى النحو والتفسير والبلاغة.
كان الأستاذ عبد الفضيل صديقا لى أكثر منهم، زميلا كبيرا وأستاذا فى علمه ومهنته وهو ضليع فى اللغة العربية. ذات مرة سألته عن أمر حار فيه كثير من أصدقائى المتمكنين من اللغة العربية ولم يعرفوا الإجابة، وعرفها الأستاذ عبد الفضيل وشفى فضولى بعدما احترت فى العثور على الإجابة مدة طويلة.
عرفت صالة التحرير بالأخبار فى المبنى الرئيسى للمؤسسة والمسمى حاليا بالمبنى الإداري، دخلت الصالة للمرة الأولى لكى أقدم خطابا من الجامعة بغرض إتاحة فرصة للتدريب. وبعد قليل انتقلنا للمبنى الصحفى وبعد سنوات انتقلت للمبنى الرئيسى مرة أخرى عندما توليت رئاسة تحرير آخر ساعة، ثم عدت للمبنى الصحفى بعد أن تركت المجلة، والآن عدت مرة أخرى للمبنى الرئيسى بعدما توليت موقع مدير عام المؤسسة.
رحلة عمرها يزيد على أربعين عاما، فى قلبها صالة التحرير التى تعلمنا فيها ويتعلم كل صحفى فنون الصياغة وآليات تنفيذ الجريدة وإعدادها للصدور. ولطالما أتذكر أساتذتى الذين علمونى ولا أنسى فضلهم وأترحم على من توفاه الله.
طعم الصحافة ومتعة ممارستها تكون أقصى ما تكون فى صالة التحرير.