فى أروقة السياسة

هل ورَّط جو بايدن ترامب؟

د. سمير فرج
د. سمير فرج


وفقاً لقواعد الاشتباك النووى فى الحروب، فإن الدول المالكة للسلاح النووى، لا يجوز لها استخدامه، إلا فى حال تعرضها لتهديد لعمق الدولة نفسها، بما يُعد تهديداً مباشراً لأمنها القومى.

ولقد تابعنا خلال العامين الماضيين، الحرب الروسية - الأوكرانية، التى اندلعت على خلفية إعلان أوكرانيا قرارها بالانضمام إلى «حلف شمال الأطلنطى»، أو «حلف الناتو»، وهو ما عارضته روسيا، لرفضها وجود قوات الحلف على حدودها مع أوكرانيا، وأمام إصرار أوكرانيا على المضى قدماً فى تنفيذ قرارها، هاجمتها روسيا بعملياتٍ عسكرية، تُصنف فى إطار الحرب التقليدية، أو Conventional Warfare، وعلى هذا الأساس، تركزت أعمالها القتالية، منذ بدء الحرب، داخل الأراضى الأوكرانية.. ومن منطلق الدراية التامة بقواعد الاشتباك فى الحروب النووية، فقد كان إصرار الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الناتو، على أن يكون دعم أوكرانيا بالسلاح، مشروطاً بعدم مهاجمة العمق الروسى. ولعلنا نتذكر دعم أوكرانيا بمدافع الهيمارس، ذات المدى الطويل، الذى يصل لنحو 90 كيلو متراً، والتحذير الواضح الصادر من الولايات المتحدة، بعدم استخدام ذلك السلاح لضرب العمق الروسى، وإلا استخدمت حقها فى استخدام السلاح النووى، ضد أوكرانيا، وهو ما سيحول القتال لحربٍ نووية فى أوروبا.

إلا أننا فوجئنا، منذ بضعة أيام، بقرار الرئيس الأمريكى، الحالى، جو بايدن، بالسماح لأوكرانيا باستخدام السلاح الأمريكى فى ضرب العمق الروسى، وهو ما أثار إدارات، وشعوب، كل دول العالم، لعلمهم بعواقب ذلك القرار، الذى ينطوى تنفيذه على تحويل القتال من حربٍ تقليدية، محدودة النطاق من حيث العمليات العسكرية، وإن خيمت آثارها الاقتصادية على معظم دول العالم، إلى حرب نووية عالمية، تمتد عواقبها على الجميع، دون استثناء، أو تمييز. 

فإن استخدام قذيفة مدفعية واحدة، داخل العمق الروسى، كفيل بتفعيل حق الأخيرة فى استخدام سلاحها النووى، للرد والدفاع عن أمنها القومى، حتى إن اقتصر ذلك الرد على مهاجمة أوكرانيا بقنبلة نووية تكتيكية، سواء باستهداف إحدى مدنها الرئيسية، أو ميناء أوديسا، الذى أظن أن روسيا ستستهدفه، حينئذٍ، وما سيعقب ذلك من انبعاثاتٍ نووية، لن تنحسر فى النطاق الجغرافى لأوكرانيا، وإنما ستمتد إلى أوروبا، وربما تتخطاها.

مما لا شك فيه، أن قرار استخدام السلاح النووى يخضع للكثير من الحسابات المُعقدة؛ سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، إلا أن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدى أمام أى تهديد مباشر لأمنها القومى، وهو ما يزيد الأمور تعقيداً أمام ترامب، الذى وعد بإنهاء تلك الحرب، فور توليه المسئولية. فهل اتخذ جو بايدن هذا القرار، اتباعاً لسياسة «الأرض المحروقة»، لإحراج ترامب قبل توليه المسئولية يوم 20 يناير القادم؟