في الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، تتصاعد التساؤلات حول إمكانية اتخاذه قرارات قد تغير مسار الأزمات العالمية قبل أن يودع البيت الأبيض.
من دعم إسرائيل بميزانية عسكرية إضافية إلى منح أوكرانيا الضوء الأخضر لضرب عُمق الأراضي الروسية بصواريخ أمريكية بعيدة المدى، يبدو أن العالم يقف على حافة تصعيد جديد قد يشعل فتيل الحرب العالمية الثالثة، فهل سيضع بايدن حليفه الرئيس المنتخب دونالد ترامب على أعتاب قرارات تاريخية قبل تسليمه السلطة؟
اقرأ أيضًا| أشهُر البطة العرجاء| ما مصير قضايا بايدن العالقة قبل تسليم مقاليد الحكم؟
قرارات بايدن وسيناريوهات التصعيد العالمي
تثير خطوات الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة تساؤلات حول دورها في إشعال التوترات العالمية، فمع سماحه لأوكرانيا باستخدام صواريخ أمريكية لاستهداف العمق الروسي، ورد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتعديل العقيدة النووية لخفض عتبة استخدام السلاح النووي، تتزايد المخاوف من تصعيد غير محسوب، وفي ظل ترقب انتقال السلطة إلى ترامب، تزايد السؤال حول هل تسعى إدارة بايدن لتضييق الخيارات أمام الإدارة الأمريكية الجديدة في تهدئة الحرب؟
يوم الثلاثاء الماضي، استخدمت أوكرانيا صواريخ «ATACMS» الأمريكية لضرب أهداف في منطقة «بريانسك» الروسية، في خطوة تعد الأولى من نوعها، وبينما أسقطت الدفاعات الروسية 5 صواريخ، أكد الحطام المتساقط حجم التصعيد، فهذه الصواريخ، التي سمحت إدارة بايدن بتزويد كييف بها، أثارت جدلا واسعا حول مدى تورط واشنطن بشكل مباشر في الحرب الروسية الأوكرانية، وفق صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية.
كشفت تقارير أمريكية، عن أن بايدن وافق على تزويد أوكرانيا بالألغام الأرضية المضادة للأفراد، لتعزيز دفاعاتها أمام القوات الروسية، ورغم ما تمنحه هذه الخطوة من قوة لكييف، إلا أنها أثارت انتقادات واسعة من منظمات الحد من الأسلحة التي اعتبرتها تهديدًا للأمن الإنساني، وتزايدت التساؤلات حول هل مخاطرة الولايات المتحدة بمصداقيتها الأخلاقية لدعم حلفائها.
عقيدة بوتين النووية الجديدة
في رد حاسم على التحركات الأمريكية الأخيرة، وقع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين مرسومًا يوسع استخدام السلاح النووي ليشمل الرد على أي تهديد يطال أراضي روسيا أو حلفائها، لتوضح هذه الخطوة التصعيدية رغبة موسكو في توجيه رسالة واضحة لواشنطن وحلفائها بأن أي تدخل مباشر في الحرب الروسية الأوكرانية قد يحمل «تداعيات كارثية على الجميع».
اقرأ أيضًا| صواريخ أمريكية داخل روسيا| هل تندلع شرارة الحرب العالمية الثالثة؟
بعد قرار بايدن| فرنسا والصين بين «التحذير والتهدئة»
وسط التصعيد المتبادل، ندد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون بما وصفه بـ«التصعيد الروسي»، داعيًا موسكو للتعقل، وفي المقابل، دعت الصين إلى التهدئة وضبط النفس عبر الحوار، مؤكدة أهمية تجنب التوترات التي يمكن أن تؤدي لاشتعال الحرب العالمية الثالثة.
على صعيد متصل، أكد الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، على أن بلاده قد تواجه خطر الهزيمة إذا توقفت الولايات المتحدة عن تقديم الدعم، ليفتح اعتماد كييف على المساعدات الغربية في مواجهة روسيا، باب التساؤلات حول مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية في ظل احتمال تغير السياسة الأمريكية مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، عقب تنصيبه في الـ 20 من يناير المقبل.
ما هي قرارات بايدن خلال الأشهُر الأخيرة؟
في الأشهر الأخيرة، شهدت السياسات البيئية الأمريكية تسارعًا لافتًا مع تركيز خاص على إزالة الأنابيب المحتوية على الرصاص من شبكات المياه، وأعلنت وكالة حماية البيئة التزامها بإنهاء هذا التهديد عبر خطة متكاملة تشمل تخصيص 3 مليارات دولار لدعم الحكومات المحلية.
كما قدمت وزارة الطاقة الأمريكية قرضًا بقيمة 544 مليون دولار لشركة في ولاية ميشيجان، لتوسيع إنتاج رقائق السيليكون للمركبات الكهربائية، وذلك حسبما أفادت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية.
وعززت إدارة جو بايدن دعمها العسكري لأوكرانيا عبر تخصيص 7.1 مليار دولار من المساعدات، كجزء من حزمة شاملة لمواجهة روسيا، ويعمل البنتاجون على تسريع تنفيذ هذه المساعدات قبل تولي ترامب السلطة، وسط نية الأخير لمراجعة سياسات الدعم لكييف، مما يبرز أهمية استباق أي تغييرات سياسية محتلمة.
اقرأ أيضًا| وقف إطلاق النار| هل ينجح بايدن في إرساء السلام بغزة قبل عودة ترامب؟
التصديق على القضاة| الأولوية القصوى في السياسة القضائية
سعت إدارة بايدن لضمان استمرارية السياسة القضائية من خلال تسريع التصديق على القضاة الفيدراليين، ونجح مجلس الشيوخ الأمريكي، في تعيين القاضية أبريل بيري لمحكمة شمال إلينوي، بينما يواصل البيت الأبيض الجهود لاستكمال التصديقات قبل انتقال السلطة لدونالد ترامب، لضمان تأثير طويل الأمد على المنظومة القضائية.
اقرأ أيضا| قرارات ترامب تصطدم بحلفائه| هل ينفجر الصراع داخل الحزب الجمهوري؟
إلغاء قروض الطلاب| مبادرة تخفف الأعباء المالية
ضمن خططه الأخيرة، يعمل جو بايدن على إتمام قاعدة قانونية جديدة لإلغاء قروض الطلاب ممن يواجهون صعوبات مالية، ورغم التحديات القانونية المحتملة، تأمل الإدارة الأمريكية الحالية، في إنجاز هذه القاعدة قبل نهاية ولايته، وفقًا لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية.
ومع اقتراب تسلم ترامب السلطة، تتوقع الإدارة الأمريكية القادمة صعوبات في عكس سياسات بايدن، خصوصًا تلك المتعلقة بالمناخ والطاقة النظيفة، وصرح وزير النقل الأمريكي، بيت بوتيجيج بأن الإدارة الحالية تلتزم بتخصيص الموارد التي وافق عليها الكونجرس الأمريكي، الأمر الذي يزيد من تعقيد محاولات التغيير المنتظرة بإدارة ترامب
هل ستبقى تأثيرات سياسات بايدن بعهد ترامب؟
بينما تسعى إدارة بايدن لإنجاز أكبر قدر ممكن من المشاريع الاستراتيجية قبل 20 يناير، يُنظر إلى هذه الفترة كاختبار حاسم لإرثه السياسي، ومن المتوقع أن تواجه إدارة دونالد ترامب تحديات في التراجع عن هذه السياسات، ما يضمن بقاء تأثير سياسات بايدن، خاصة مع ارتباطها بقضايا مثل المناخ والتعليم ودعم أوكرانيا، بحسب الصحيفة الأمريكية ذاتها.
وأخيرًا، خلصت صحيفة «لوس أنجلوس»، إلى أن جهود بايدن تهدف إلى ترسيخ إنجازات طويلة الأمد قبل انتهاء ولايته، ورغم احتمالية تراجع ترامب عن بعض سياسات بايدن، إلا أن التنفيذ السريع والفعّال لهذه المبادرات يعزز من بقاء إرث بايدن ضمن المشهد السياسي الأمريكي.