فى ظل التحديات البيئية والاقتصادية التى تواجه العالم، تبرز أهمية التنمية المستدامة كحل أساسى لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادى والحفاظ على الموارد الطبيعية.. وتزداد أهمية التعاون بين الدول الإفريقية، كونها الأكثر تضررًا واحتياجًا لتحقيق هذه التنمية، وذلك من خلال المعطيات المتاحة لديها، والاستفادة من تجارب الدول الناجحة فى هذا المجال. من هذا المنطلق، كان هذا الحوار مع جارى نكومبو وزير الحكم المحلى والتنمية الريفية بدولة زامبيا، حول رؤيته للتنمية المستدامة والتحديات التى تواجه بلاده بشكل خاص، والقارة بصورة عامة، بالإضافة للتعرف على رؤيته لما حققته مصر فى هذا المجال وسبل التعاون المشتركة بين البلدين.. وكان هذا الحوار:
اقرأ أيضًا | عودة الروح :الحرف اليدوية «تنطلق».. وخطط لتعظيم «البراند المصرى»
يعتقد البعض أن الحديث عن البيئة أو تغيرات المناخ مجرد رفاهية من جانب المتخصصين رغم ارتباط القضيتين بشكل مباشر بالبشر.. فما رأيك؟
هذا حقيقي، فالعالم يسعى لضمان أن تكون المدن وبيوت البشر مُعقّمة وخالية من التلوث، وهذا الهدف الذى يأتى يتحقق من التمدّن وعبر توفير الموارد التى ينبغى أن تُخصّص لمساعدة الناس على العيش فى ظروف لائقة، فى هذه الحالة سيصبح العالم مكانًا أسعد للعيش.. لكن إفريقيا على وجه الخصوص، تعانى من مشكلة عدم ملاءمة البيوت للمعيشة الآمنة فى كثير من المناطق، الأمر الذى أدى إلى تفاقم أزمة الهجرة من الريف إلى المدن، حيث يُغادر الناس المناطق الريفية إلى المُدن لتحقيق ظروف معيشية أفضل، خاصة أن هناك أحياء فقيرة لا تتوافر بها مياه نقية، أو صرف صحي، أو مراحيض داخلية، كما يستخدم سكانها آبارًا ضحلة للمياه، مما يجعل البيئة المعيشية غير آمنة نهائيا.. ومع تحديات تغير المناخ التى نواجهها الآن من ظروف جفاف شديدة، وأحيانًا فيضانات مُفاجئة، فإن هذا يخلق بيئة مثالية للأخطار الكبيرة على شعوبنا، خاصة فى ظل عدم تواجد مُدن مرنة محمية ببنية تحتية تتوافق مع التغيرات المناخية.. وإذا لم يتم الاهتمام بهذا الأمر الآن، فإننا نواجه كارثة مؤكدة.
فى ظل معاناة القارة من آثار التغيرات المناخية.. هل ترى أن الإسكان الأخضر قادر على تقليل هذه الآثار؟
يجب أن نستفيد من الوضع الذى وجدنا أنفسنا فيه، وتحويل كل ما نقوم به فى طريق التنمية إلى اللون الأخضر بقدر الإمكان، وذلك بهدف حماية الأجيال الحالية والقادمة.. وهو الأمر الذى تتطلع إليه اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، كما يقع فى صميم ما تحاول الأمم المتحدة تحقيقه.. وهو الأمر الذى يجعل هذه القضية البند الأول فى جدول أعمال أجندة التنمية لدول القارة.
ما أبرز التحديات التى تواجهها زامبيا أو الدول الإفريقية وتعوق تحقيق هذه الأهداف؟
يكمن التحدى الأول فى التمويل، فإن زامبيا وإفريقيا ككل تقعان تحت فئة ما يُسمى بالدول الفقيرة النامية؛ ولأن مُعظم دول القارة مُثقلة بالديون التى يتعين عليها سدادها، بل إن مُعظمها مُتعثّر، الأمر الذى يجعل من الصعب وضع الموارد فى الأماكن الصحيحة، التى من شأنها أن تُحسّن مستويات معيشة شعوبنا. لذلك، لدينا هذه التحديات المُتعددة من الإجهاد نتيجة الاقتصاد السيئ، بجانب تحدى التغير المناخي؛ كما أن سلوك الشعوب من بين التحديات التى تواجهها كثير من الدول، حيث يفضل مواطنوها المعيشة فى الأحياء الفقيرة التى ارتبطوا بها بدلا الانتقال إلى المناطق المحسنة، وهذا عيب ثقافى خطير، يجب علينا كأفارقة تعلم كيفية التعامل معه.
ما رأيك فى تجربة مصر فى مجال التنمية المُستدامة؟
نتابع ما تحققه مصر، وهو مُثير للإعجاب للغاية، خاصة مُشاركة القطاع الخاص فى تحقيق التنمية.. وهذا يعنى أن ظروف الاستثمار جيدة جدًا فى مصر.. وهو الأمر الذى يتيح للناس وضع أموالهم بهدف الحصول على عائد على الاستثمار فى وقت ما فى المُستقبل البعيد.. وتحتاج مُعظم الدول الإفريقية إلى مُحاكاة نفس التجربة.. لكن هناك أمرًا مؤسفًا يمثل إعاقة كبيرة لتمويل المشروعات، ويتمثل فى زيادة فائدة الاقتراض التى تتراوح فى بعض الدول بين 32% إلى 40%.. فى حين تتمتع بعض دول العالم العربى بانخفاض أسعار الفائدة على الإقراض، وهو الأمر الذى يتيح تمويل المشروعات التنموية بسهولة.
وما هى الخُطط المُستقبلية التى تكفل لبلادكم ودول القارة تحقيق التنمية المستدامة المطلوبة؟
تتمثل الخُطط المُستقبلية فى دخول المسار الصحيح، والسير جنبا إلى جنب مع بعض دول العالم، ويمكن تحقيق ذلك من خلال دمج العالم فى كيان واحد، حيث يُمكننا أيضًا الاستمتاع بما يتميز به العرب من حيث التمويل، وهى نقطة اختلاف جوهرية حقًا؛ حيث إن تكلفة المال فى المناطق التى نأتى منها أعلى بكثير من تكلفة المال فى أوروبا ودول أخرى، ورغم أن المخاطر على الإقراض فى مُعظم الدول الإفريقية عالية جدًا، إلا أنه يجب علينا معالجة ذلك، من أجل اللحاق بعجلة التنمية مع بقية العالم.
ما الدعم التى تقدمه دولتكم للمُستثمرين لضمان إنشاء المزيد من المشاريع من أجل تحقيق التنمية المُستدامة؟
الأبواب مفتوحة على مصاريعها للمُستثمرين ليأتوا إلى بلدنا.. ولا يحتاجون إلى المزيد من الدعم.. كما أن أى شخص يرغب فى الاستثمار يجب عليه أولًا أن ينظر إلى عائد ذلك الاستثمار.. بجانب ضرورة أن يجد مناخًا استثماريًا مُواتيًا.. وهو الأمر الذى يحتم علينا توفير هذا المناخ بهدف الحفاظ على المستثمرين وضمان عدم مغادرتهم.
هل توجد مجالات تعاون بين وزارتكم ومثيلتها فى مصر؟
لقد عقدت اجتماعًا مع وزيرة التنمية المحلية فى مصر، خلال زيارتى الأخيرة .. واستعدنا ذكريات الاجتماع الذى عُقد مع الوزير السابق لى فى نيروبى حول كيفية تعاوننا؛ كما نعمل حاليًا بشكل مُشترك على إعداد مُذكرة تفاهم حول كيفية إيجاد مجالات مُشتركة للتعاون مع الحكومة المصرية.