العام الدراسي يقترب من نهايته والدروس الخصوصية تزدهر وتزدحم قاعاتها أكثر من كثافات الفصول بالمدارس، وأولياء الأمور راضون قانعون لايتكلمون، ويصطحبون أبناءهم إلي السناتر «بنفس راضية» ، وهجر الجميع كل الحلول التي قدمتها وزارة التربية والتعليم بدءا من دروس التقوية بأسعار رمزية والمراجعات المجانية في المدارس ودروس الشرح علي الموقع الالكتروني للوزارة، وفضلوا العادة السيئة بضياع ميزانيتهم الشهرية علي أعتاب السناتر.
الغريب أن سناتر الدروس تعمل من التاسعة صباحا «جهارا نهارا»وحتي أوقات متأخرة من الليل قد تصل إلي ساعات الصباح الأولي، والجميع يسأل أين ذهب قرار الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم بغلقها وعلي أساس قراره منحته وزارة العدل صفه الضبطية القضائية لأفراد الشئون القانونية بالوزارة، وكأن الجميع اتفق علي أن يبقي الوضع كما هو عليه،ومازال استنزاف موارد الأسرة المصرية مستمرا،فيما تشيراحصائية للمركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية إلي أنها تستنزف 18 مليار جنيه سنويا، وهو مبلغ يمثل ضعف ميزانية التعليم في أعلي سنواتها.
وفيما يتصاعد ذعر الطلاب وأولياء أمورهم مع اقتراب دق أجراس ماراثون الثانوية العامة،تكتظ مراكز الدروس الخصوصية بالطلاب في الوقت الذي خلت فيه المدارس تماما من الطلاب،كان ذلك المشهد علي بعد أمتار من إحدي المدارس الرسمية، هجر الطلاب مدرستهم وتوافدوا علي مركز الراعي للدروس الخصوصية، في حين وقف بعض اولياء الأمور في إنتظارهم علي الباب،ويقول لنا الطالب محمود محسن :» منذ اكثر من شهر واغلب اصدقائي يفعلون مثلي»..ويتساءل زميله مينا عاطف:» لماذا أذهب للمدرسة وأضيع وقتي مع مدرس لايشرح، في حين أقوم بتحصيل كافة موادي الدراسية من مراكز الدروس الخصوصية ؟»..أما بسمة أحمد طالبة بالصف الثالث الثانوي فتصف حجز الدروس حاليا بأنه أشبه بالتقديم للمدرسة،حيث توجد «قائمة انتظار» عليها بسبب الطلب الكثير علي بعض المدرسين، فالحجز في مادة الكيمياء أغلق من 3 شهور ويتكلف 150 جنيها، بالإضافة إلي دفع مبلغ آخر رسوم «أرضية للسنتر» تتراوح بين 100 إلي 150 جنيها للمادة شهريا،بخلاف أسعارالملازم بدون اشتراك مسبق فيقوم بدفع أرضية 5 جنيهات في المادة كل حصة.
وفي احد مراكز الدروس الخصوصية بمدينة نصر يقول محمد منتصر طالب بالثانوية العامة :» ليس لي اي علاقة بالتعليم في المدرسة ولا التزم بالحضور فيها من الأساس لأنها لا تضيف لي اي شئ بل وتسرق يومي بلا جدوي»..وفيما تنتشر سنترات الدروس الخصوصية في منطقة إمبابة بشكل كبير جدا،تقول لنا الطالبة «هند» بالصف الثالث الثانوي، إن سعر الحصة وصل إلي 50 جنيها بالإضافة إلي ثمن الملزمة.
ويؤكد نفس المعاني أولياء الأمور،حيث تقول السيدة نرمين نشأت :» مهما كان مستوي المدرسة التي يلتحق بها الطلاب، إلا ان مراكز الدروس الخصوصية هي الأساس ولا غني عنها ، موضحة أن كل المدارس سواء حكومية أو لغات لايوجد بها انضباط ولاشرح..والغريب أن الطلاب داخل سنترات الدروس الخصوصية راضون بالزحام والوقوف لسماع الدروس دون لوم أو ضجر، وهو اصطفاف الطلاب بجوار بعضهم البعض دون كراسي في بعض الأحيان، لدرجة وصلت إلي أن بعضهم يجلس في مساحات ضيقة جدا في كثافة القاعات أضعاف كثافة فصول المدارس الحكومية.
ومن جانبه يقول الدكتور طارق شوقي رئيس المجلس الرئاسي للتعليم، أن الحل الوحيد للقضاء علي الدروس الخصوصية هو تغيير نظام الثانوية العامة بالكامل، ونسف نظام الامتحان النهائي آخر العام الذي يحدد مصير الطالب في 3 ساعات هي مده الامتحان، ووضع نظام جديد يؤسس فكر الامتحانات الشهرية ودرجات علي البحوث التي يقدمها الطلاب، والأنشطة، ويصبح التعلم متعة وليس عقابا، أو دواء مرا يضطر الطلاب لشربه،وقال إن الأهم هم أولياء الأمور بضرورة التخلي عن موروثهم الفكري بأهميه الدروس الخصوصية، وأن مصير الطالب معلق بها، ولن ينجح الا بالذهاب لسنترات الخصوصي، لأن القضاء علي الفكرة أهم من القانون الذي يجرمها.