أخيرا بدأت محاصرة عمليات السرقات العلمية بالجامعات بعد أن أصبحت مصر ثاني أكبر دولة علي مستوي العالم في حجم هذه السرقات ـ وأصبحت معظم رسائل الماجستير والدكتوراة وأبحاث الترقي منقول معظمها من آخرين.

وبدأ من الشهر الحالي تطبيق قرار المجلس الأعلي للجامعات في محاربة هذه السرقات العملية بجميع جامعات مصر سواء كان ذلك في رسائل الماجستير أو الدكتوراة أو الأبحاث المقدمة من أعضاء هيئة التدريس للجان العملية المختصة بالترقيات للأساتذة المساعدين أو الأساتذة وسيتم وضع من يثبت قيامه بعملية السرقة تحت طائلة القانون الذي قد يصل العقاب فيه إلي الشطب من الجامعة بالكامل ومنعه من التدريس بأي جامعة ـ حيث تقرر إلزام كل متقدم لمناقشة رسالة الماجستير أو الدكتوراة باللغة الإنجليزية بأن يأتي قبل المناقشة بشهادة من المكتبة الرقمية بالمجلس الأعلي للجامعات أو بأي من فروعها بالجامعات المختلفة تؤكد أن الرسالة العلمية أو البحث المقدم للترقية لايوجد به نقل أو اقتباس علمي مع الأخذ في الإعتبار السماح بنسبة 25% فقط كحد أقصي للاقتباس لاستدلال الباحث علي طبيعة موضوع البحث الذي يناقشه والإشارة إلي ماسبق أن تم تناوله من قبل في مجال بحثه فقط .

هذه الحقيقة كشفها لنا د.أشرف حاتم أمين المجلس الأعلي للجامعات ـ وأضاف أن هناك مشروعا آخر خاصا بكيفية محاربة السرقات العلمية الموجودة بالرسائل والأبحاث العلمية المكتوبة باللغة العربية مقدم الآن للمجلس الأعلي للجامعات عن طريق صندوق العلوم والتكنولوجيا التابع لوزارة البحث العلمي وبالتعاون مع بنك المعرفة لاستغلال المستودع الرقمي لرسائل الماجستير والدكتوراة الموجود بالمجلس الأعلي للجامعات وذلك لعمل برنامج للاقتباس العلمي سيتم من خلاله فحص رسائل الماجستير والدكتوراة وأية أبحاث أخري للترقية وكشف مابها من سرقات ومعاقبة القائمين بعملية السرقة بنفس الضوابط السابقة الخاصة بالرسائل المكتوبة باللغة الإنجليزية ـ إلا أن هذا المشروع لن يكون جاهزا للتطبيق إلا بعد عامين من الآن.
بني سويف وقناة السويس
وأشار أمين المجلس الأعلي للجامعات الي أن هذه المدونات التي تمت الموافقة عليها لمحاربة السرقات العلمية تقدمت بها كل من جامعة بني سويف برئاسة د.أمين لطفي رئيس الجامعة وجامعة قناة السويس برئاسة د.ممدوح غراب رئيس الجامعة والتي تم عرضها علي المجلس الأعلي للجامعات ووافق عليها بعد مناقشتها أمام مجلس الدراسات العليا والبحوث والتي تهدف في المقام الأول لوضع ضوابط صارمة منظمة لدعم الأمانة العلمية لنظام الاقتباس وأن يتم تعميم ذلك علي جميع الباحثين وأعضاء هيئة التدريس بجميع الجامعات والمراكز البحثية في مصر ـ وأن يتم استخدام برامج تكنولوجية متقدمة تكشف عن نسب الاقتباس أسوة بالمجلات الدولية العريقة ـ وأن تكون جميع المجلات التي تصدر محليا لها مواقع الكترونية محمل عليها جميع الأبحاث ومزودة ببرامج كشف الاقتباس ومعدله، وضرورة الحصول علي إقرار من الباحث بعدم تجاوز النسبة المعتمدة في الإقتباس والتي لايجب أن تزيد علي المعدل المتعرف عليه عالميا في كل تخصص وقد وافقنا في المجلس الأعلي للجامعات علي أن تكون هذه النسبة في حدود 25% من إجمالي البحث أو الرسالة العلمية. كما طالبت المدونة بعمل ميثاق أخلاقي عام علي مستوي الجامعات المصرية ويشتق منه ميثاق مدونة سلوك داخل كل جامعة في ضوء التخصصات العملية وتوجهاتها البحثية والمجتمعية ـ والتفعيل الصارم لنصوص العقوبات الخاص بالسرقات العلمية وعدم الأمانة العلمية في قانون الجامعات الحالي والتأكيد عليها بشكل بارز عند التعديل والتطوير ـ وحرمان من يثبت عليه عدم الأمانة العلمية من أي منصب إداري في القسم أو الكلية أوالجامعة التي ينتمي إليها وحرمانه من النقل لجامعة أخري، وعمل تصنيف للأخطاء ومستويات عدم الأمانة العلمية حتي لايتم توقيع أي عقوبات لاتتناسب مع حجم الخطأ أو مستوي عدم الأمانة التي وقع فيها الباحث، وإنشاء إدارة علمية متخصصة «فنيا وإداريا وتكنولوجيا» للفتوي في حالة الشكوي أو التظلم .
ضوابط السلوك في الأبحاث
ويضيف د. أشرف حاتم أن المجلس الأعلي للجامعات قد وافق علي كل ماقدمته جامعة قناة السويس أيضا في هذا المجال والذي أعدته بمهارة ودقة شديدين جدا د.ناهد محمد مصطفي نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث لتلتزم به كل الجامعات والمراكز البحثية المختلفة بدءا من الآن والتي تتناول ضوابط السلوك المسئول في الأبحاث العلمية خاصة أننا في أشد الحاجة لتشجيع النشر الدولي لأبحاثنا العلمية لكن هناك العديد من المشاكل التي تقابلنا في هذا المجال سواء كان ذلك في شكل شكاوي من الأقسام العلمية المختلفة بمختلف الجامعات علي ترتيب الأسماء الموجودة علي البحث العلمي، أو إضافة أسماء علي البحث لم تشترك فيه، أو أن المشرفين يقومون بنشر أبحاث من الرسالة العلمية سواء كانت ماجستير أو دكتواره بأسمائهم دون ذكر أسماء الطالب ـ كما أن هناك مخاطبات كثيرة من المجلات الدولية تشتكي من النشر الثانوي ومن السرقات العلمية ـ وهناك أيضا مشاكل خاصة بالتحكيم واستخدام المعلومات لمصالح شخصية قبل نشر البحث، ومن هنا أقر المجلس الأعلي للجامعات في المدونة الجديدة التي بدأ تطبيقها بدءا من هذا الشهر بضرورة احترام الملكلية الفكرية للآخرين وذلك بضرورة الإشارة إلي المصادر التي استقي منها الباحث المعلومات التي إستعان بها، وأنه يجب جمع البيانات بعناية ودقة ودون تحيزمن جانب الباحث، كما أقر المجلس برفض سوء السلوك في الأبحاث بجميع صوره.
أشكال سوء السلوك
< وما أشكال سوء السلوك في الأبحاث التي يرفضها المجلس في قراره وفي القواعد الجديدة ؟
ـ قال د.أشرف حاتم : لسوء السلوك في الأبحاث أشكال متعددة مثل الاختلاق fabrication أو التزييف falsification أو الانتحال plagiarism وذلك أثناء إعداد أو تنفيذ أو كتابة البحث بجميع مراحله، كما يعتبر الخروج عن قواعد التأليف authorship والتحكيم peer reviewing من ضمن سوء السلوك في الأبحاث.
< قلت أرجوأن توضح المعني من كل ماسبق من مظاهر سوء السلوك في الأبحاث.
ـ قال أمين المجلس الأعلي للجامعات إن «الاختلاق» هو عمل مقصود لتلفيق بيانات أو نتائج بحث لم يتم إجراؤه من الأصل والقيام بنشر هذه النتائج الملفقة ـ ومن أمثلة ذلك :
< ملء استبيانات لمقابلات لم تتم من الأصل بغرض زيادة العينة البحثية.
< اختلاق بيانات لمجموعة أو أكثر خاصة بتجربة لم تتم في الواقع.
< في البحوث السريرية : إدراج مذكرة سريرية أو أكثر لمرضي وهميين.
أما بالنسبة لمظاهر التزييف والتي يتم فيها استبعاد أوإضافة أوتغيير نتائج البحث العلمي للوصول إلي نتيجة مرجوة يرغب فيها الباحث أوالجهة الممولة للبحث دون وجود مبرر علمي لذلك.
ومن أمثلة التزييف :

< تغيير البيانات لتؤدي الي نتائج مرجوة غير حقيقية.
< تزوير تواريخ واجراءات في سجلات الدراسة.
< تزييف نتائج التحليل الاحصائي.
< اضافة بيانات كاذبة الي مسودة الورقة البحثية
< تحريف مواد أو اساليب الدراسة البحثية في الورقة البحثية المنشورة.
< تزوير مكالمات هاتفية لجمع البيانات في الدراسات المسحية.
< تزييف البيانات في السيرة الذاتية الخاصة بالباحث والمقدمة الي الجهات المعتمدة.
ـ أما بالنسبة لمسمي «الانتحال» والذي يعني «السرقة العلمية» فهو الادعاء الكاذب بالتأليف أي إستخدام إنتاج فكري لشخص ماعلي أنه إنتاج الشخص نفسه، فالأفكار والكلمات مثلها مثل الاختراعات تعتبر ملكية فكرية وتحميها قوانين الملكية الفكرية وحقوق النشر.
ومن أنواع هذا الانتحال هناك الانتحال غير المتعمد، والانتحال المتعمد، وبالنسبة للإنتحال غير المتعمد ـ أو السرقة العلمية غير المتعمدة فتأتي من الجهل بتعريف هذا الانتحال أو هذه السرقة مثل أن يظن البعض أنه إذا كانت المعلومات متاحة للجميع علي صفحات الإنترنت مثلا فهذا يعني أن ذكر المصدر غير ضروري، أوقد يظن البعض الآخر أن يتغير الصياغة والكلمات يفقد المؤلف الأصلي للفكرة حقه في الملكية الفكرية.
أما الانتحال المتعمد «أوالسرقة المتعمدة» فهو أن يقوم الباحث بنقل أفكار أو كلمات الغير بدلا من أن يقوم بصياغتها بنفسه سواء ذكر المصدر أو لو لم يذكره مثل:
ـ نشر نتائج خاصة بباحث آخر وينسبها لنفسه ـ نقل بعض الكلمات أوالأفكار لباحث آخر بدون ذكر المصدر ـ عدم وضع علامات ترقيم حول قول مأخوذ من باحث آخر ـ تغيير الكلمات مع نقل محتوي الجملةوعدم ذكرـ النقل أكثر مما يجب من مصادر متعددة سواء تم ذكر المصدر أم لا ـ نقل عدة فقرات بنفس ترتيب المؤلف الأصلي لأن ذلك يعد انتحالا لأسلوب تفكير المؤلف ـ الانتحال من النفس وهونشر نتائج البحث نفسه في عدة أوراق بحثية دون ذكر ذلك.
حقوق وأخلاقيات التأليف
< وما حقوق وأخلاقيات التأليف ؟
ـ قال د.أشرف حاتم ان المؤلف هو من يثبت مشاركته في فكرة وتصميم البحث، أو تحليل البيانات وتفسيرها، وكتابة مسودة المقالة أو مراجعتها بدقة للتحقق من أهمية محتواها الفكري، والموافقة النهائية علي النص الذي سوف ينشر، أما استجلاب التمويل أو جمع البياناتData Collectors أو الإشراف العام علي الفريق البحثي فقط فهذا لا يبرر اكتساب صفة المؤلف، وكل المساهمين الذين لا تنطبق عليهم صفة المؤلف، تدرج أسماؤهم في فقرة الشكر والتقدير.
ـ أما بالنسبة لترتيب أسماء المؤلفين في البحث ففي حالة الأبحاث المشتقة من الرسائل العلمية ترتب الأسماء علي النحو التالي:
< الاسم الأول: الطالب «صاحب الرسالة».
< الاسم الأخير: المشرف الرئيسي.
< باقي الأسماء: ترتب حسب مشاركة كل منهم في العمل البحثي وذلك بمعرفة المشرف الرئيسي علي البحث.
وفي حالة الأبحاث غير المشتقة من الرسائل العلمية:
< فيكون ترتيب الأسماء حسب الاتفاق بين أعضاء الفريق البحثي قبل البدء في البحث ويفضل تسجيل ذلك في مجالس الأقسام.
ـ ويتحمل الاسم الأول
< دقة المعلومات المطروحة في البحث.
< ترتيب أسماء المشاركين في البحث.
< موافقة كل المشاركين في البحث علي المسودة النهائية للبحث.
< الرد علي جميع الاستفسارات المتعلقة بالبحث.
ـ أما بالنسبة لما يسمي « بالمؤلف الشرفي» فيحظر إدراج مايطلق عليه المؤلف الشرفي هذا في الأبحاث، وهي عملية ادراج أسماء مؤلفين غيرمستحقين لصفة المؤلف علي الأبحاث المنشورة، وهذه الممارسة تعتبر من ضمن سوء السلوك في الأبحاث، مثل ادراج:
< رئيس القسم أو البرنامج الذي أجري فيه البحث.
< من يقوم بدور المرشد للمؤلف الرئيسي.
< كبار الباحثين في المنطقة.
< من قدم تمويلا للبحث.
< من قدم المواد الفعالة أو الكواشف التي استخدمت في البحث.
حقوق وأخلاقيات النشر والتحكيم
< قلت : وماذا عن حقوق وأخلاقيات النشر والتحكيم في القواعد الجديدة التي وافقتم عليها ؟
ـ أجاب د.أشرف حاتم : لقد وضعنا عددا من المعايير الأخلاقية للنشر وهي:
< أِنه يجب أن يكون كل مؤلف قد شارك في العمل بدرجة تكفي ليتحمل المسئولية أمام القراء عن أجزاء معينة من المحتوي.
< ذكر أعمال الباحثين السابقين في الموضوع محل البحث ولا يجب علي الباحث أن ينسب لنفسه فكرة مسبقة أو درست من قبل الآخرين.
< الإشارة إلي الدراسات السابقة التي تكون قد أعطت نتائج مختلفة.
< يجب الاعتراف بإسهام من شاركوا في البحث والتعريف بما قدموه.
محررو المجلات العلمية
< وماذا عن المسئولية الأخلاقية لمحرري المجلات العلمية في التحكيم ؟
ـ قال أمين المجلس الأعلي للجامعات انه لا يجوز قبول أبحاث لا تتفق مع المعايير الأخلاقية، لأنهم يتحملون مسئولية أي بحث يقومون بنشره.
< وأن يتخذوا كل الإجراءات لضمان دقة المواد التي ينشرونها.
< وعند ملاحظة نشر خطأ جسيم /عبارات مضللة / تقرير محرف يجب عليهم تصحيح ذلك علي الفور وفي مكان بارز.
< وإذا ثبت أن المقالات كانت خادعة أو تحتوي علي أخطاء جسيمة فيجب عندئذٍ سحبها.
< ينبغي نشر التعليقات الانتقادية المقنعة علي البحوث المنشورة.
< كما يجب الابتعاد عن أي تضارب في المصالح قد يؤثر علي نزاهة نتائج البحث:
< علي المحكمين أن يكشفوا للمحررين عن أي تضارب في المصالح يمكن أن يؤثر علي رأيهم في البحوث، وعليهم أن ينسحبوا من مراجعته إذا استشعروا وجود تضارب في المصالح.
< وعلي المحررين أن يتجنبوا اختيار محكمين خارجيين من الواضح أن لديهم تضاربا محتملا في المصالح، أو يعملون مع المؤلفين في نفس القسم أو المؤسسة.
< كما يجب علي المحكمين ألا يستغلوا معرفتهم بالعمل قبل نشره من أجل تعزيز مصالحهم العلمية الشخصية.
< ولا يحق للمحكم بالمجلة العلمية استخدام أو إفشاء أي معلومات وردت بالبحث الذي يقوم بتحكيمه حتي يتم نشر
البحث وذللك حفاظاً علي سرية المعلومات وحفاظاً علي حقوق الملكية الفكرية للمؤلف «المؤلفين» الأصلي للبحث.
< وعلي الباحثين أن يفصحوا عن أية صلات مادية مع الجهات التي تمول البحث.
ضوابط التمويل
< وماذا عن ضوابط تمويل البحوث ؟
ـ أجاب أمين المجلس الأعلي للجامعات :
< أنه يجب ألا يكون قبول الدعم مشروطاُ بما يتنافي مع ضوابط البحث العلمي.
< أن يجري البحث بطريقة علمية ومنهجية صحيحة وألا يكون للجهة الداعمة أي تدخل في نتائج البحث أو طريقة إجرائه.
< يجب ألا تتعرض الدولة أو أي من مؤسساتها لضغوط من جهة التمويل الخارجي.
< وكالات التمويل والمنظمات: لا يجوز تمويل أي مقترح من قبل أي وكالة دولية أو قومية إلا إذا أبوودت ءوولاء الجوانووب الأخلاقيووة للدراسووة وقوودمت ضوومانات حووول مراقبووة المبوواد الأخلاقية، متضمنة قبول لجنة مراجعة مؤسسية.
وفي جميع الأحوال في حالة الإبلاغ عن أي ممارسات سوء السلوكفي الأبحاث يتم تحويل الحالة إلي لجنة أخلاقيات البحث العلمي بالجامعة التي ترفع تقريرها عن الحالة مباشرة إلي رئيس الجامعة لإتخاذ الإجراءات القانونية.