التصعيد الإجرامى للعدوان الاسرائيلي على لبنان لم يمنع كل الأطراف اللبنانية المسئولة من التعامل الجاد مع مسودة الاتفاق المقترح لوقف إطلاق النار الذى قدمته أمريكا.. ويبدو أن موقف «حزب الله» قريب من موقف الحكومة ورئيس البرلمان نبيه برى الذى يتولى المسئولية الرئيسية فى التفاوض، وكما أشرنا بالأمس فإن التقديرات تشير الى موقف لبنانى موحد يتعامل بإيجابية مع مسودة الاتفاق، لكنه يضع ملاحظاته لمنع أى محاولة اسرائيلية للالتفاف حول القرار الدولى «١٧٠١» ورفض أى تفسير يمس سيادة لبنان على أرضه.
لبنان يدرك ما تعانيه اسرائيل من حربها على الجبهة اللبنانية، ويدرك أيضاً أن نتنياهو وسط أزماته وفضائحه- يريد على الأقل أن يؤجل أى اتفاق حتى تسلم ترامب للسلطة فى أمريكا، ويتمنى أن يأتى رفض الاتفاق لبنانياً حتى لا تتضاعف متاعبه الداخلية أو يتصادم مع قيادات الجيش الذى يعانى من ضربات المقاومة ويخشى من تورطه فى حرب استنزاف طويلة يعرف مقدماً أنه لن يكسبها!.. لكن يبدو أن الرد اللبنانى على مسودة الاتفاق الذى سيتلقاه المبعوث الأمريكى «هوكشتاين» اليوم فى بيروت سوف ينقل الكرة الى الملعب الاسرائيلى ويضع المسئولية على نتنياهو والشريك الأمريكى!!
المفاجأة (إذا صح التعبير) تأتى هذه المرة من الوزير السابق «جانتس» الذى كان ينظر له على أنه المنافس الأساسى لنتنياهو على الحكم والذى كان متهماً بأنه «معتدل» من جانب نتنياهو وحلفائه، هو الذى يبادر بخلط الأوراق والمزايدة على الجميع بمن فيهم بن غفير وسيموتريتش اللذان يركزان إرهابهما على الضفة الغربية وغزة، جانتس يستبق الجميع ويعلن رفضه لأى اتفاق لا يضمن حرية التحرك العسكرى لاسرائيل فى لبنان، ويجعل من جنوب لبنان منطقة مستباحة من جانب قوات اسرائيل كما تفعل الآن فى المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية بالمخالفة لكل القوانين والاتفاقات بما فيها اتفاق أوسلو الذى يفتخر نتنياهو بأنه دفنه تحت عجلات الدبابات الاسرائيلية!!
يزايد «جانتس» على الجميع ليؤكد أنه لا مجال لأى «اعتدال» فى كيان قام على الارهاب ولا يجد طريقاً للاستمرار إلا بهذا الإرهاب.. تبدو تصريحات جانتس المعتدل مثل الغارات على بيروت لتمرير ما لا يمكن أن يسمح به لبنان (كل لبنان .(على كل حال خلط الاوراق يترك كل الاحتمالات قائمة ويترك اسرائيل رهينة وضع لا يختلف فيه «جانتس» المتهم بالاعتدال عن «بن غفير» المدان بالارهاب!!