● كل عمل إنسانى يمر بثلاث مراحل متعاقبة، وأحيانا تكون متداخلة، وهي: "نقطة البداية" أى القرار، ثم "الممارسة" أى الحركة، ثم "المحصلة" أى النتائج..
ولو اعتبرنا أن الزراعة كانت مدخل الانسان إلى الحضارة لوجدنا أن المراحل الثلاث تتمثل فيما يلى: "الغرس" وهو نقطة البداية أو القرار.. ثم "الفلاحة" وهى حركة الرعاية المستمرة للغرس ومتابعة مراحل النمو والتنبه للعلاقة بالفعل ورد الفعل بين الانسان والارض، بما فى ذلك حساب متغيرات المناخ والاستعداد للعوارض الطارئة.. ثم "الحصاد" وهو جميع النتائج التى يحققها الغرس والفلاحة ، وحماية هذه النتائج، والاستفادة منها إلى الحدود القصوى..
والزراعة - أيا كانت - على مر العصور، هى عمل إنسانى، قد تتغير الوسائل والأدوات وتتنوع المؤثرات والاحتمالات - لكن المعالم الرئيسية تبقى كما هى بدون اختلاف كبير : "صنع القرار واتخاذه لتحقيق هدف مطلوب، وإدارة شاملة للوصول الى هذا الهدف، مع استغلال العناصر التى تظهر من خلال الإدارة وتوجيه النتائج التى تتحقق به للوصول إلى حل يتلاءم - أو هو قريب - من الهدف المطلوب.."
ولقد قلت إن المراحل الثلاث فى أى عمل متعاقبة، وأحيانا تكون متداخلة، والحقيقة أن الصلة بين المراحل الثلاث وثيقة إلى درجة عضوية ، أى أنه لابد أن تكون نقطة البداية سليمة، لتكون هناك فرصة لممارسة سليمة، ثم المحصلة نهائية سليمة..
وقد يحدث أحيانا أن يكون "الغرس" طيبا، ولكن "الفلاحة" تقصر فى دورها، فلا يكون هناك "حصاد"، أو أن يكون الغرس طيبا، وتكون الفلاحة واعية، ولكن أسلوب الحصاد يفسد المحصول ، أو يكون القصور فى حماية المحصول بعد الحصاد فإذا اللصوص يسرقونه من "الجرن"!..
والله من وراء القصد..