لا شىء يدوم إلى الأبد فى هذا العالم.. وصفة لحياة أكثر طمأنينة

الكتاب العالم مرأة القلب
الكتاب العالم مرأة القلب


نتيجة الثانوية العامة 2024- الدور الثاني

اعرف تنسيق الثانوية العامة 2024

 العالم وهمى بعدما تدرك أنه وهم ولا تتعلق به يحدث التحرر النفسى.

الحكمة تعنى إخبار الناس أن هذا العالم بطبيعته يشبه الحلم وأنه متغير

نحن لسنا نفس الشخص الذى كنا عليه أمس ولا الذى كنا عليه قبل ثانية فقط

سواء كان الجمال أو القبح، وسواء كان الامتلاك أو الفقد، لا يوجد شىء فى هذا العالم يدوم إلى الأبد، ولا حالة يمكن أن تستمر إلى الأبد، هكذا هو العالم. كل شىء فى العالم هو وهم كبير.

لماذا نقول إنها أوهام؟ لأنها لا تثبت ولا تدوم إلى الأبد، لكنها تجعلك تعتقد أنها ستكون دوما على هذا النحو. هذا الخطأ نسميه «رؤية الزيف على أنه حقيقة».

يرى الكاتب “شيوي موه” - مؤلف كتاب ((العالم مرآة القلب.. خلاصة الحكمة البوذية))- أن مصدر الألم عند البشر يكمن فى “التعلق” بالأشياء والأشخاص، فبدون التعلق لا يوجد ألم، ويرى أن ما نتعلق به ليس سوى مجرد مفاهيم وأوهام.

بداية يجب أن ندرك أن كل شىء أمام أعيننا سيختفى فى النهاية، أشياء مادية لا حصر لها، وثروات لا حصر لها، وعدد لا يحصى من الأشخاص، وتعقيدات لا حصر لها، ستختفى بلا أثر بفعل مياه الزمن، وستتلاشى جميعها وسط الليل المظلم الأبدى كفقاعات منفجرة، سيتحول ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا إلى ذكريات. وهذه الذكريات يبتلعها فم كبير يسمى النسيان.

وكل ما نستطيع الاحتفاظ به بالكاد هو الذاكرة الصغيرة المشابهة للأحلام، كل ما يمكننا الاحتفاظ به هو تلك الذكريات القليلة التى تشبه الأحلام أو الأوهام، فى كثير من الأحيان تكون ذكرياتنا وفهمنا الحالى لتلك الذكريات هما ما يحدد حاضرنا ومستقبلنا. الشىء الوحيد الذى يمكننا السيطرة عليه هو عقولنا، فعقولنا هى التى تحدد حاضرنا، والشىء الوحيد الذى نستطيع السيطرة عليه هو حاضرنا.

لماذا هذا الكتاب:

يقول “شيوي “خذ هذا الكتاب، إذا شعرت بعد قراءته بفائدة ما، وصارت حياتك أفضل قليلا من الأمس، ثم أخبرت الآخرين باستفادتك يوما ما، أو حولتها إلى كلمات ليطالعها الآخرون، فربما يكون ذلك سببا لابتعادهم عن التعلق، وعن بعض الجهل، وزيادة حسن التعاطف لديهم .هذا ما أكتب لأجله. لكننى لن أخرج أبدا إلى الشارع وأقول ذلك لأى شخص أراه، لأننى إذا فعلت ذلك فسيعتقد الناس أننى مجنون. أنا شخص منصاع للقدر. هناك أنواع كثيرة من الجشع فى العالم، والتمسك بنظرية ما بغض النظر عن السبب والنتيجة هو أيضا نوع من الجشع ونوع من ضيق الأفق.  

لا يمكن مقاومة التغير:

يشير الكاتب إلى أن كل شىء فى العالم سيتحول إلى ذكرى، والذكرى لا تختلف عن الوهم، لذا فالحياة هى وهم كبير، فعندما تكون سعيدا يتغير العالم، وتتغير أنت أيضا، وعندما تعانى لن يتوقف التغير ولو للحظة بسبب معاناتك. التغير شرط أساسى لاستمرارية الحياة، وهو أيضا القانون الذى نتبعه لكنه ليس مخيفا فى حد ذاته.

فقد اعتاد معظم الناس تجاهل “التغير” أو نسيانه، ويصعب عليهم دوما اكتشاف أن العالم بأسره ملىء بالتغيرات مثل الحلم، نعتقد دائما أن هذه المشاهد المتغيرة ستكون أبدية لذلك نشعر بالسعادة عند الامتلاك، وبالحزن عند الفقد، وبالقلق من المجهول. عندما نفهم أن كل شىء يشبه الحلم فهل سيظل لدينا كل هذا الاهتمام. 

على سبيل المثال هل المبنى الذى أسكن فيه موجود؟ بالطبع موجود، يقينى وعائلتى من الرياح والمطر، ويحتوى على كل أشيائى: كتبى، مقتنياتى، لوحاتى، وما إلى ذلك. لكنه ليس موجودا على ما هو عليه من حيث الجوهر، فهو مجرد ظاهرة، وليس له طبيعة أبدية ثابتة غير متغيرة، فقبل بضع سنوات كان بالتأكيد مكانا مختلفا.

 ويلفت نظرنا الكتاب إلى ما يحدث فينا فيذكر: تتغير أجسامنا باستمرار، وتتغير أفكارنا وعاداتنا بسبب التجارب المختلفة. نحن لسنا نفس الشخص الذى كنا عليه أمس، ولا الشخص الذى كنا عليه قبل ثانية فقط، ربما سئمنا من الأشياء التى أحببناها العام الماضى، أو حتى الأشخاص الذين أحببناهم من قبل، سئمنا من طريقة معينة فى الحياة. وجهات نظرنا تشبه إلى حد كبير السحب فى السماء يتغير باستمرار.

 فالبشر مثيرون للدهشة، لأن معظمهم يرغبون فقط فى قبول الجانب الممتع من الأشياء، ودائما ما يتجنبون الجانب غير السار من الأشياء، ودائما ما يتجنبون الجانب غير السار من الأشياء بشكل لاشعورى لذلك، فهم دوما لا يرغبون فى تحمل عواقب اختياراتهم.

اقرأأ يضا| ورش مسرح وكتابة وحرف تراثية لفتيات المحافظات الحدودية

لنأخذ بعض الأمثلة البسيطة: معظم الرجال يحبون الخروج مع زوجاتهم وأطفالهم للتنزه، لكنهم دائما ما يتذمرون عندما يواجهون اختناقات مرورية

ويضطرون للوقوف فى طوابير طويلة، معظم الفتيات يحببن تناول الكثير من الحلويات، لكن عندما يزيد وزنهن يندمن على ذلك، معظم الفتيان يحبون الفتيات الجميلات، ولكن بمجرد أن تصبح إحداهن حبيبته يشعر بالغيرة عليها من بقية الرجال، وهناك أمثلة لا حصر لها فى هذه الحياة.

ماذا يعنى ذلك؟ يعنى أننا لا نستطيع أن نرى الوجه الحقيقى للأشياء بوضوح، لأن تحيزاتنا تحجب رؤيتنا. وهذا هو السبب فى أننا نقاوم التغير بهذه الطريقة. فى الواقع، التغير هو قانون من قوانين الطبيعة، مثله مثل الحلويات الزائدة التى تصيب الناس بالبدانة. الفرق الوحيد بين الاثنين هو أنك تستطيع تجنب الحلويات، لكن لا تستطيع مقاومة التغير.

ستكتشف أيضا أن خوفك من “المجهول” يرجع تحديدا إلى مقاومة “التغير”. يحب معظمنا الاستقرار، وإبقاء كل شىء على حالته الأصلية، وأى احتمال لـ”الخسارة” يجعلنا نرتعد خوفا. ومع ذلك، فإن هذا الخوف لا يفعل أكثر من جعلك تشعر بعدم الراحة، لأن قوانين الطبيعة أقوى بكثير من الكائن الحى المفرد، ربما نستطيع إبطاء عملية التغير بطريقة ما، لكن فى النهاية لا نستطيع وقف التغير أو منعه. 

 لنضرب مثلا آخر: الفتيات الجميلات يقدرن جمالهن، كما أن معظم الفتيان يقعون أسرى لجمالهن، لكن المعروف بداهة أن هذا الجمال لن يدوم للأبد فمن المؤكد أن الشيب سيغزو شعرهن، وستظهر عليهن حتما التجاعيد وعلامات الشيخوخة، ناهيك عن التغيرات الطفيفة فى أجسادهن الميلاد والموت المفاجئ للخلايا، والتغيرات السريعة فى الأفكار.

علاوة على ذلك، فالفتيات الجميلات مثلهن مثل الفتيات العاديات: بشرتهن مغطاة بالبكتيريا وأجسامهن مدعومة بالعظام، لكن الفتيات أنفسهن لا يدركن هذا، فتنفق الواحدة منهن الكثير من المال والوقت، وتشترى الكثير من منتجات العناية بالبشرة، وتذهب إلى صالونات التجميل عدة مرات. لماذا؟ لأنها لا ترغب فى الهرم، ولا تريد أن تكون قبيحة.

سر السعادة:

كثير من الناس يعتقدون أنهم يفهمون السعادة، لكنهم فى الحقيقة لا يفهمون ما هى السعادة الحقيقية، فهم دائما ينظرون إلى المتعة التى تحدث وقت إشباع الرغبات على أنها سعادة حقيقية. على سبيل المثال، يعتقدون دائما أنه كلما امتلكت المزيد كنت أكثر سعادة، كلما كنت أكثر شهرة كنت أكثر سعادة، فى نظرهم السعادة يجب أن تستند إلى ظروف مادية معينة، ومن الواضح أن هذه متعة هشة للغاية.

ومن أجل تهيئة الظروف لنمو “السعادة” يضطر الكثيرون إلى إرهاق أنفسهم سعيا لامتلاك بعض الأشياء الخارجية، بعضهم لا يتوقف عن تحقيق المكاسب، والبعض الآخر يخسر بشكل دائم، والبعض الثالث لايزال فى سعى غير مثمر، ولكن أيا منهم لا يحصل على السعادة الحقيقية.

ما يحصل عليه أولئك الذين لا يتوقفون عن تحقيق المكاسب ليس هو ما يريدون الحصول عليه، بل بعض الأشياء الخارجية المتغيرة أو حتى المزيد من المتعة المؤقتة، لذلك تكون النتيجة هى الخسارة الكبيرة التى تسببها الخيبة، وأولئك الذين يخسرون بشكل دائم يشعرون أنهم لن يكونوا سعداء إلا بتحقيق المكاسب، لكنهم يفشلون فى ذلك، فيسقطون فى فخ اليأس العميق، وأولئك الذين يستمرون فى سعى غير مثمر يصل بهم الحال إلى نسيان ما كانوا يبحثون عنه خلال سعيهم، ولا يكون بوسعهم سوى اتباع خطواتهم الماضية، يكررون خطواتهم بشكل أعمى، ويبتعدون أكثر فأكثر عن السعادة الحقيقة. فى الواقع قد لا يجعلك الامتلاك بالضرورة سعيدا، وقد لا تجعلك الخسارة بالضرورة غير سعيد، وقد لا يجعلك الاستمرار فى السعى غير سعيد.

إذن ما هى السعادة الحقيقية بالضبط؟ قبل أن أجيب عن سؤالك، أخشى أنه يجب عليك أولا إجراء تعديل بسيط على عقليتك، وإلا فقد لا تتمكن من فهم ما أقوله. إذا أخبرتك أن السعادة الحقيقية هى مجرد شعور بالقلب فهل يمكنك أن تفهم المعنى الكامل لهذه الجملة، هل تستطيع أن تشعر بنوع من الانتعاش الروحى؟ ليس بالضرورة. لأن هذا نوع من القيمة التى قد لا تكون على دراية بها، أو حتى تعاملت معها.

لا أريد تغيير العالم:

ويردد المؤلف: أقول دوما: لا أريد تغيير العالم، ما أريد تغييره هو نفسى فقط، لا أريد أن أنير العالم، ما أريد أن أنيره فقط هو نفسى، لا أريد استخدام الأدب لجعل العالم يستمع إلى، ولا أريد استخدام الكتابة للترويج لشىء ما، أنا فقط أتحدث مع نفسى فى عالم الكلمات. كل هدفى أن أحصل على الحرية والسعادة، لا أكثر.

فالسعادة القائمة على الأشياء الخارجية لن تكون أبدية، بغض النظر عن ماهيتها. بعد أن تفهم هذه النقطة ستنظر إلى الكثير من الأشياء التى كنت تهتم بها كثيرا وتجد أنها بلا معنى، فكل شىء فى العالم ليس له معنى حقيقى، لأنه لا شىء يدوم إلى الأبد. لا يوجد فرق جوهرى بين التملك والخسارة، لذا فكل الأشياء لا تستحق الاهتمام. لكن هذا لا يعنى أنه يجب على المرء أن يتجاهل كل شىء، ويعيش أيامه بلا مبالاة، بل على العكس من ذلك، فالغرض من فهم القانون الطبيعى للوجود والعدم هو أن نحظى بحياة أكثر إيجابية.

كل ما يسعى إليه الإنسان هو السعادة. ومهما فعل فهو يفعله من أجل السعادة. رسام يرسم، ممثل يمثل، كاتب يكتب، طفل يلهو على الشاطئ كل ذلك من أجل المتعة، أن ظهور السيارات والمبانى والأوراق النقدية هو أيضا لأن البشر يريدون أن يكونوا سعداء. لكن السعادة الحقيقية بسيطة للغاية، لذلك يتجاهلها كثير من الناس ويتطلعون نحو العالم الخارجى بحثا عن شيء يشبه “السعادة”. يبدو الأمر كما لو كنت تبحث عن قلبك فى العالم الموجود خارج قلبك. إذا لم تتمكن من العثور على ما تحتاجه، فكيف سيمكنك منحه للأشخاص الذين تحبهم؟

الحياة تتغير بالحكمة

يردد شيوي: نحن الذين نعيش فى عالم البشر مضطرون إلى التعامل مع كل أنواع الشر، خاصة فى عصر المعلومات المتدفقة. لذلك فحتى لا نتلوث بالشرور، يحب أن نخلق لأنفسنا بيئة جيدة. إما أن تجد معلما يرشدك إلى الفضيلة أو تكون صداقات مع أناس صالحين، أو تداوم على قراءة الكتب الجيدة التى تحمل روح الخير العظيمة، أو تفعل بعض أفعال الخير فى حدود قدرتك، أو تعتمد على الممارسات الدينية لتمرر رسائل الخير إلى داخل قلبك، فالعقل البشرى مثل الحقل، إذا لم تزرعه بالمحاصيل تنمو عليه الحشائش. وإذا لم تملأ قلبك بالحقائق النافعة للغير فسوف يمتلئ بالجوانب الضارة والسلبية.

إذا كنت تريد أن تعيش بسعادة وهدوء، فعليك اختيار المحتوى المناسب والأساليب الجيدة لغرس الحقيقة والحب فى مروج قلبك، بنفس الطريقة إذا كنت تكره ظواهر اجتماعية معينة، عليك أن تنأى بنفسك بعيدا عنها، ثم استخدم كل أقوالك وأفعالك لنشر الخير. فعندما يعلو صوت الخير فى هذا المجتمع على صوت الشر سيتكون نوع من اللاوعى الجماعى للخير، وسيتغير العالم. إن تغيير العالم نابع من رغبة كل فرد وقدرته على تغيير نفسه.

حافظ على صفاء ذهنك، وتخلص من شرود الذهن وافهم دوما أنه لا يمكن تغيير الماضى، وأن كل شىء فى المستقبل يعتمد على كل شىء فى الحاضر، عليك فقط أن تفعل ما عليك فعله بكل طمأنينة، وأن تنتبه إلى كل الأصوات التى تصدر من قلبك، ولا تأخذها كتعليمات يجب اتباعها، ففى كثير من الأحيان يحدد القلب الحالة التى تراها أمامك، وبالتالى فظهور الحالات المختلفة نابع من قلبك.

عندما تكون سعيدا تشعر بأن الشمس مشرقة، وكل شىء يشع بالضوء، وعندما تكون غير سعيد تشعر أن كل شىء مزعج، الطائر يغنى من أجلك لكنك تقذفه بحجر وتقول إنه أزعجك.

الخير والشر:

المشكلة الآن أن الكميات الهائلة من المعلومات تغرق أذهان الناس، ووسائل الإعلام التى تتحكم بالمعلومات لا تروج لروح الخير أو توجه نحو الخير، ولكنها تلبى احتياجات المجتمع بلا مبدأ، وتضخم من ضجيج الرغبة وما إن يتصاعد العديد من الأصوات التى تنادى بالخير، يتم إغراقها على الفور بواسطة الأصوات المتهورة. لهذا أطلق على هذا النوع من الإعلاميين الذين فقدوا أخلاقهم اسم “الإعلاميين المرتزقة”.

يقول بعض الفلاسفة إن الفلسفة الغربية قد ماتت، وعلم اللاهوت قد مات. فى الواقع، تعد الأزمة الروحية الناجمة عن أزمة الإيمان هى العاقبة الوخيمة لموت علم اللاهوت. الآن بدأ إحياء علم اللاهوت مرة أخرى، وجار الآن إحياء شىء دينى وروحى لأن الناس اكتشفوا أنه مع الإشباع المستمر للاحتياجات المادية، صارت لديهم رغبة فى السعى وراء شىء روحى.

عندما تكون الأمة فقيرة للغاية تأتى احتياجات الجسد أولا، وعندما تحدث تلبية احتياجات البقاء على قيد الحياة، ستدخل احتياجات الروح ضمن مجال اهتمام الناس. ومع ازدياد الإنترنت حاليا ملأ الإنترنت الفراغ المعيشى لمعظم الناس، مما جعل الناس ينسون التفكير فى بعض القضايا الغيبية.

ومع ذلك، فإن هذه المرحلة التى يتحكم بها الإنترنت ليس سوى مرحلة فى الحياة، فمثلا معظم الأشخاص الذين يحبون تصفح الإنترنت هم من المراهقين، ولكن بعد أن يتجاوزوا سن الإدمان على الإنترنت قد يشرعون فى التفكير فى بعض الأمور الجادة.

عندما يكون الشخص فى العشرينيات من عمره قد يكون منغمسا فى الملذات، وقد لا يشغله التفكير فى بعض مشاكل الحياة، وعندما يكون فى الثلاثينيات أو الأربعينيات أو الخمسينيات من عمره، حينها يتعين عليه أن يواجه بعض مشاكل الحياة. 

هل تحبيننى أم لا ؟ :

ويؤكد المؤلف على أن العالم بحد ذاته حلم كبير، وعندما نفهم هذا الحلم دون أن نتشبث به، فهذا سلوك رجل حكيم إذا كنت ترغب فى تحويل هذا الحلم إلى شيء حقيقى يمكن الإمساك به فهذا يسمى التمسك بالوهم، وهذا سبب كل المشاكل البشرية،إن أكبر مشكلات البشر هى العثور على اليقين فى هذا العالم الملىء بالشكوك، والحكمة تعنى إخبار الناس أن هذا العالم بطبيعته يشبه الحلم، وأنه متغير، لذلك لا تتعلق به، تماما كما يحدث عندما يسأل شاب حبيبته هل تحبيننى أم لا ؟ تجيب الفتاة : أحبك. وعندما يسألها نفس السؤال ثانية فى الغد، تجيب الفتاة: لا أحبك. يسألها الشاب، قلت أمس أنك تحبيننى، فلماذا تقولين اليوم إنك لا تحبيننى؟! تقول الفتاة الأمس هو الأمس، واليوم هو اليوم.

الفتاة تعلم جيدا أنها كانت تحبه بالتأكيد فى لحظة معينة أمس، لكن بعد انقضاء هذه اللحظة تغير تفكيرها، ولم تعد تحبه، كانت تحبه عندما كان لديها شعور بالحب تجاهه، وعندما تغير شعورها بالطبع لم تعد تحبه. كيف لك تطلب منها ألا تغير شعورها؟

الأفكار التى تدور فى ذهنك تأتى وتذهب مثل الفقاعات ومن المستحيل أن تمسك بإحدى الفقاعات وتبقيها على حالها، أكثر شيء متغير فى العالم هو قلب الإنسان. وبما أن قلوب الناس الأسهل فى التغير، فالحب أيضا أسهل فى التغير.

لذلك فسعى الكثيرين وراء الحب الأبدى يكاد يكون نوعا من المستحيل. بالطبع يتخلل هذا نوع من الاستقرار النسبى أيضا، أى عندما يكون هناك مصير يجمع بين الشخصين، وعندما تعمل قوة الشخصية على بناء اعتراف متبادل بينهما، ستكون هناك علاقة زواج مستقرة نسبيا، لكن هذا ليس أبديا أيضا لأن الناس سيموتون فى النهاية، والموت سيفرق دوما بين أولئك الذين يحبون بعضهم بعضا. بالطبع كلنا نسعى إلى أن يستمر الزواج حتى نهاية العمر، لكن هل من الممكن أن يحدث هذا؟ لا أحد يعلم، فهناك الكثير من العوامل غير المؤكدة فى هذا العالم.

لذلك نقول أن كل شيء وهمى، العالم وهمى، بعدما تدرك أنه وهم ولا تتعلق به يحدث التحرر، أما عندما لا تدرك أنه وهم، ولا يكون لديك الرغبة فى قبول هذا الوهم وتتعلق به مهما حدث فهذه هى المعاناة. إذا كان بإمكانك من الناحية الجسدية استشعار كل شيء على أنه حلم ووهم، فستعرف بوضوح أن هذا العالم بحد ذاته حلم كبير وكل شيء مجرد حلم وكل المظاهر هى نتيجة تلاقى الظروف المسببة لها. 

انتبهه.. فلا شيء فى العالم الخارجى يمكن أن يغير أى شيء يتعلق بك بشكل جذرى، ولكن ما يمكن أن يغيرك هو قلبك عندما يتغير القلب يتغير كل شىء، وعندما لا يتغير القلب لا يتغير أى شىء، وعندما ينتحر مليونير يعيش فى قصر بسبب المعاناة، فهو ليس سعيدا مثل متشرد ينام فى الشارع. لذلك فوفرة المال أو نقصه كلها أمور وهمية ومتغيرة. سيكون ملكك اليوم، وغدا سيكون ملك شخص آخر.

لماذا استمرت حكمة البوذية عبر آلاف السنين، ولماذا سيستمر وجودها فى المستقبل، وما معنى وجودها؟ معنى وجودها هو الرؤية عبر الوهم والاستمتاع باللحظة الحالية واستيعاب اللحظة الحالية وفهم اللحظة الحالية، فهى موجودة لجعل الناس يفهمون حقيقة العالم.

 

مؤلف الكتاب

هو «شيوى تشى موه» (1897-1931) ولد فى مقاطعة تشه جيانغ مدينة هاى نينغ، لعائلة أرستقراطية. ذهب للدراسة فى جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة، حيث اختص بالبحث فى علم الاقتصاد السياسى.

ولشدة تأثره بالتعليم الغربى والرومانسية الأوروبية، والشعراء الجماليين. وضع أسلوبه الشعرى الرومانسى. وأسس عام 1923 جمعية القمر الجديد الأدبية مع مجموعة من المُبدعين أمثال؛ هو شى، تشن يوان، ون يى دوا، وليانغ شى تشيو. وفى عام 1924 أصبح أستاذًا فى جامعة بكين.

وبعدها بعامين شغل منصب أستاذ فى جامعة قوانج هوا، الاسم الأسبق لجامعة شرق الصين للمعلمين.