مارك روته بين «شبح ترامب» وتهديدات بوتين.. تحديات قيادة الناتو

رئيس وزراء هولندا السابق مارك روته
رئيس وزراء هولندا السابق مارك روته

في مشهد دولي يتسم بالتوتر والترقب، تتجه أنظار العالم نحو بروكسل، المقر الرئيسي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إذ على بعد خطوات من أروقة القرار، يقف رجل هولندي ذو ابتسامة هادئة وخبرة سياسية عميقة.

إنه مارك روته، رئيس الوزراء الهولندي المنتهية ولايته، الذي بات على وشك تسلم دفة قيادة أقوى تحالف عسكري في العالم، بعد انسحاب منافسه الوحيد الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس.

في الأيام المقبلة، من المرتقب أن تعلن الدول الأعضاء في حلف الناتو، البالغ عددها 32 دولة رسمياً عن اختيار السياسي المحنك البالغ من العمر 57 عاماً لمنصب الأمين العام، ومن المقرر أن يستلم مهام منصبه الجديد مع انتهاء فترة ولاية الأمين العام الحالي ينس ستولتنبرج، والتي تنتهي في الأول من شهر أكتوبر القادم.

 

مارك "تيفلون"

لم يكن وصول مارك روته إلى عتبة قيادة الناتو وليد الصدفة، فالرجل الذي لُقب بـ"مارك تيفلون" بالاشارة إلى أواني الطهي المضادة للالتصاق لتمكنه من البقاء في حكم هولندا لمدة 14 عاماً منذ عام 2010، يعد رابع هولندي يقود حلف شمال الأطلسي منذ خروجه من الحرب العالمية الثانية.

وخلال فترة توليه للسلطة، واجه روته تحديات عديدة، من الأزمات الاقتصادية إلى الجائحة العالمية، مروراً بمأساة إسقاط الطائرة الماليزية MH-17 فوق أوكرانيا عام 2014. هذه الحادثة الأخيرة، التي راح ضحيتها 298 شخصاً، بينهم 196 هولندياً، شكلت نقطة تحول في موقف روته تجاه روسيا، وعززت من التزامه بدعم أوكرانيا.

ويقول المحلل السياسي الهولندي يان فان دير فين: "لقد أظهر مارك روته براعة فائقة في إدارة الأزمات وبناء التحالفات. قدرته على البقاء في السلطة لفترة طويلة في نظام سياسي معقد مثل هولندا تشهد على مهاراته الدبلوماسية الاستثنائية."

أقرا أيضا رئيس الوزراء الهولندي يدعو إسرائيل لوقف عمليتها في رفح

طريق شائك نحو قمة الناتو

رغم الدعم القوي الذي حظي به مارك روته من دول محورية في الحلف مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، إلا أن مساره نحو منصب الأمين العام للناتو لم يكن مفروشاً بالورود، فقد واجه معارضة شديدة من تركيا والمجر، مما تطلب منه توظيف كل مهاراته الدبلوماسية لتذليل هذه العقبات.

وفي أبريل الماضي، قام روته بزيارة مفاجئة إلى إسطنبول في محاولة لكسب دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وفي الأسبوع الماضي، نجح أخيراً في التوصل إلى اتفاق مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان على هامش قمة الاتحاد الأوروبي.

تحديات عالمية على أبواب الناتو

إذا تم تأكيد تعيينه رسمياً، سيجد مارك روته نفسه في مواجهة تحديات عالمية غير مسبوقة.. فمن جهة، تستمر الحرب الروسية في أوكرانيا، مهددة بتغيير خريطة أوروبا الجيوسياسية.

ومن جهة أخرى، تلوح في الأفق احتمالات عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مما قد يهز أسس التحالف الغربي.

أقرا أيضا الرئيس الروماني يعلن ترشّحه لمنصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي

روته و"شبح ترامب"

خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، أظهر مارك روته براعة في التعامل مع الرئيس الأمريكي، وقد أشاد الأمين العام الحالي للناتو، ينس ستولتنبرج، بهذه القدرة قائلاً: "أعتقد أن مارك روته مرشح قوي جداً، لديه الكثير من الخبرة كرئيس للوزراء. إنه صديق وزميل مقرب."

لكن التحدي الأكبر قد يكون قادماً، فقد أثار ترامب خلال حملته الانتخابية الحالية مخاوف كبيرة عندما هدد بتشجيع روسيا على مهاجمة الدول الأعضاء في الناتو التي لا تفي بالتزاماتها المالية تجاه الحلف.

مواجهة التهديد الروسي

على الجانب الشرقي للناتو، سيواجه روته تحدياً مزدوجاً، فمن ناحية، عليه حشد الدعم المستمر لأوكرانيا في مواجهة القوات الروسية.

ومن ناحية أخرى، يتعين عليه تعزيز دفاعات الناتو تحسباً لأي تهديد مستقبلي من موسكو.

وفي هذا السياق، سيكون على روته أيضاً مواصلة الجهود لزيادة الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء في الناتو، فرغم التقدم الملحوظ في هذا المجال، حيث أعلن الحلف مؤخراً أن 23 من أصل 32 دولة عضو قد حققت هدف إنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، إلا أن هناك حاجة لمزيد من الجهود.