احذر.. نشر الشائعات وقت الأزمات من «الكبائر»

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

انتشرت في المجتمع خلال تلك الفترة ظاهرة نشر الشائعات وخاصة فيما يتعلق بالأسعار والأزمة الاقتصادية.

ونعرض في هذا التقرير خطورة نشر ونقل الشائعات في ظل الظروف التي تمر بها بالبلاد من جشع التجار وزيادة كبيرة في الأسعار.

حكم نقل الشائعات والأخبار غير الموثوقة

أكدت دار الإفتاء أنه أمر محرم ومنهي عنه شرعًا، فإذا كان ذلك فيما يخص الشأن العام كان أشد خطرًا وأعظم أثرًا، ويزداد الأمر جرمًا وإثمًا إذا كان في أوقات الأزمات، أو كان نشرًا للبلبلة بين الناس وزعزعةً للاستقرار.

وأوضح علماء الدين بأن نشر الشائعات والأخبار غير الموثوقة في وقت الأزمات يعتبر من "الإرجاف" في الأرض، وهذا من كبائر الذنوب التي توعد الله أصحابها، ولعن مثيريها، وحاربهم أشد المحاربة، وقاتلهم أعظم المقاتلة، ويحرم تناقل هذه الأخبار غير الموثوقة وإشاعتها، سواء علم الإنسان بكذبها أم لم يعلم، ويزداد الأمر إثمًا وجرمًا إذا كان تناقلها في أمر العامة أو في أوقات الأزمات أو فيما يهدد أمن المواطنين وسلامتهم، وقد أرشد القرآن الكريم إلى السلوك القويم في دفع الفتن وثقافة حسن الظن، والأخذ على يد الخوارج المرجفين، وأعداء الوطن المنافقين.

وأكدت الإفتاء أنه ما يجب علي المسلم فعله تجنباً لنشر الشائعات وفي هذا الصدد أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية أن على المسلم أن يحذر من جماعات الفتنة وفلول الضلالة التي تسعى بالفساد والإفساد والشائعات الكاذبات، من خلال بعض القنوات المأجورةِ أفرادُها، المعلومةِ أغراضُها، المستعصيةِ أمراضُها، والتي يحاول سَدَنَتُها نشر الفتن، وزعزعة استقرار الوطن، عن طريق الخوارج كلاب النار الذين خرجوا على أوطانهم يرمونها بكل نقيصة هم بها أحق، ويتمنون لها كل بلية هم إليها أقرب.

التصدي لمروجي الشائعات 

ونصحت مؤسسات الدولة الدينية وعلي رأسها دار الإفتاء بأن علاج الإشاعات إنما هو بوأدها في مهدها قبل تفاقمها والامتناع عن إذاعتها، ولا بد للتثبت منها من الرجوع في شأنها إلى أولي الأمر وأهل العلم والخبرة قبل نشرها؛ حتى لا تكون وبالًا على المجتمع أو تسهيلًا للجرائم أو مثارًا للاضطراب، وإلى هذا أرشدنا الله تعالى بقوله: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 83].

وتابعت: فأمرنا الله عز وجل برد الأمور في السَّرَّاء والضَّرَّاء إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإلى أولي الأمر والعلم الذين أقامهم الله تعالى في معرفة خباياها وسبر خفاياها قبل إذاعتها والتكلم فيها، حتى يكون الكلام عن حقيقة، والإذاعة عن بينة، والنقل عن تثبت وتحقق، ونبهنا سبحانه وتعالى إلى أن النكول عن ذلك اتباع للشيطان وخروج عن منهج الرحمن. قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (5/ 291، ط. دار الكتب العلمية): [﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾، أي: يستخرجونه وهم العلماء، أي: علموا ما ينبغي أن يُكتَم وما ينبغي أن يُفشَى] اهـ. وقال الإمام النسفي : [﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ﴾ هم ناسٌ من ضَعَفة المسلمين الذين لم يكن فيهم خبرةٌ بالأحوال، أو المنافقون؛ كانوا إذا بلغهم خبر من سرايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أمنٍ وسلامةٍ أو خوفٍ وخللٍ ﴿أَذَاعُوا بِهِ﴾ أفشوه، وكانت إذاعتهم مفسدة، يقال: أذاع السر وأذاع به، والضمير يعود إلى الأمر أو إلى الأمن أو الخوف؛ لأن (أو) تقتضي أحدهما، ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ﴾ أي ذلك الخبر ﴿إِلَى الرَّسُولِ﴾ أي: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ﴿وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ﴾ يعني: كبراء الصحابة البصراء بالأنور أو الذين كانوا يؤمِّرون منهم ﴿لَعَلِمَهُ﴾ لَعَلِمَ تدبير ما أخبروا به ﴿الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ يستخرجون تدبيره بفطنهم وتجاربهم ومعرفتهم بأمور الحرب ومكايدها] اهـ. الوسائل التي اتخذها الإسلام للحد من إذاعة الشائعات ومن الوسائل التي اتخذها الإسلام للحد من إذاعة الشائعات والإرجاف في الأرض النهي عن سماعها، والبعد عن مواطن إثارتها؛ فقال تعالى ناعيًا هذا الخُلُق على بعض اليهود: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ﴾ [المائدة: 41]، ونعى سبحانه على الذين يسمعون للمرجفين والمروجين للشائعات والفتن؛ فقال تعالى: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [التوبة: 47].

اقرأ أيضا| هل يجوز التبرع بنفقة الحج لأم الزوجة؟ .. الإفتاء توضح 

وقالت دار الإفتاء في معرض إجابتها عن سؤال طرحه أحد المواطنين عليها في هذا الصدد: وقال الإمام البغوي في "تفسيره": [﴿وَلَأَوْضَعُوا﴾ أسرعوا، ﴿خِلَالَكُمْ﴾ في وسطكم بإيقاع العداوة والبغضاء بينكم بالنميمة ونقل الحديث من البعض إلى البعض. وقيل: ﴿وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ﴾ أي: أسرعوا فيما يخل بكم ﴿يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾ أي: يطلبون لكم ما تُفتنون به] اهـ. وليتأمل الإنسان توجيهات المولى عز وجل التي يرشدنا من خلالها إلى السلوك الإسلامي القويم عند رواج الشائعات؛ خاصة تلك التي تمس أمن المجتمع وسلامة الوطن، وذلك في ثنايا معالجة القرآن الكريم لحادثة الإفك؛ في عشر آيات بينات، هنَّ النبراس من رب البريات، في التعامل مع الفتن والشائعات؛ حيث يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ۞ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ۞ لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ۞ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ۞ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ ۞ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ۞ يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۞ وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ۞ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۞ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ۞ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [النور: 11-20].