استهلت القاعة الرئيسية ندواتها فى اليوم الثانى لمعرض القاهره الدولي للكتاب بندوة «مصر ...فجر الحضارة» ، وشاركت فيها كلا من الدكتورة جيهان زكى الرئيس السابق للأكاديمية المصرية للفنون بروما، وأستاذ علوم المصريات بالمركز القومى للبحوث العلمية بجامعة السوربون الفرنسية ، والدكتور فايزة هيكل أستاذ علوم المصريات وعميد الأثريين المصريين الرئيس الأسبق لجمعية الأثريين الدولية .
وقالت الدكتورة جيهان زكى إن كثير من الناس لا يعلمون المفهوم الحقيقي للحضارة ، فهى يشيع استخدامها وسط الساسة فى المحافل المحلية والدولية ، ويعتقد الكثير أنها كلمة ذات أصل عربى ولكن فى الواقع هى كلمة غربية تبلورت أواخر القرن ال ١٨ وبداية القرن ال١٩ ، وجاءت إلينا مثل كلمتى التاريخ والتراث .
اقرأ أيضا:منتصف اليوم.. إقبال كثيف من زوار معرض الكتاب
وأضافت زكى إن اسم مصر دائما ما يأتى مقرون بكلمة الحضارة ، فهى كائن معنوى يتنفس و كلمة تفسر بتجليات الإنسان ، فهى منظومة قائمة على الإنسان منذ مولده مرورا بنشأته وتكوينه ثم تفاعله مع المجتمع، وأخيرا ما يتركه للأجيال القادمة. والحضارة لها ركيزتان أساسيتان وهما التاريخ والجغرافيا ، لذا يجب على الإنسان إدراك ماضيه وأن يعى جيدا ما يحيطه من ظواهر جغرافية وما يحيطه من بلدان وبحار حتى يستطيع أن يبنى حضارته وأمجاده .
وتحدثت الدكتورة فايزة هيكل عن عمق« التراث المصرى القديم » والمقصود به استمرارنا فى ممارسة حياتنا اليومية بشكل يتشابه إلى حد كبير مع القدماء المصريين دون أن إدراك منا بذلك .
وضربت على هذا أمثال كثيرة منها استمرار استخدام «أسماء المدن» حتى وقتنا هذا وهى لها أصول مصرية قديمة مثل دمنهور وتعنى مدينة الإله حورس، والفيوم وتعنى البحيرة ...وغيرها .
أسماء الأشخاص مثل سوسن فهى تعنى اللوتس ، وكلمات أخرى كثيرة مأخوذة عن اللغة المصرية القديمة مثل شونة وفرش وتمساح ، والمعبد ، والنفر وفوطة والسمسم وواحة ...الخ
وذكرت هيكل أن اللغة تتكون من البيئة المحيطة فالقدماء المصريين استخدموا الحيوانات والنباتات فى لغتهم القديمة حتى ظهرت بهذا الشكل المتعارف عليه .
كما أشارت هيكل إلى أنه بخلاف الأسماء واللغة فقد تشابهنا إلى حد كبير مع القدماء المصريين فى الأشياء الغير ملموسة مثل بعض العادات والتقاليد الموروثة والعقائد والأفكار .
وقالت « تستطيع أن تميز المصريين من خلال النظر إلى وجوههم » وضربت أمثال بذلك على اتباع المصريين عادة تقبيل الأيدى على وجهها وظهورها ونسبتها إلى المصريين القدماء ....والتقويم القبطى الذى يستخدم إلى وقتنا هذا ، والفكر الدينى فى ذهاب الروح إلى السماء وذكرت أن الاعتقاد فى وجود الروح قديما لم يكن موجود فى بلدان كثيرة ...وفكرة الثواب والعقاب بعد الموت ، والطقوس الجنائزية هناك تشابه فى التابوت وطريقة التعبير عن الحزن .
ايضا رغبة المصريين فى استخدام كلمات إيجابية وعدم التلفظ بكلمات سلبية على الأحداث الكئيبة مثل استخدام كلمة النعش وهى تأتى من الانتعاش ، فهى فكرة موروثة من القدماء المصريين فكانوا يطلقون على التابوت كلمة عنخ وهى تعنى سيد الحياة .
وذكرت أيضا حرص المصريين على زيارة الأموات وتقديم الرحمة والتى كان يقدمها المصريين القدماء فى هيئة قرابين ، وزيارة الأولياء ومخاطبتهم ....وغيرها .
أيضا طاسة الخضة فهى مأخوذة عن القدماء وكانت عبارة عن مياه مخلوطة بطلاسم سحرية يروى منها العليل حتى يشفى ، وعقيدة تلبس أرواح الأطفال ليلا فى هيئة القطط ، وقصة القرين، ...وغيرها الكثير من المعتقدات المأخوذة من القدماء المصريين وممارستها بشكل يومى دون الوعى بأنها موروث قومى قديم .