انتهاك الإنسانية.. الفلسطينيون يروون تفاصيل جحيم الحرب

المتطوعون يستقبلون الفلسطينيين للاطمئنان على أحوالهم وتقديم الدعم والمساعدة
المتطوعون يستقبلون الفلسطينيين للاطمئنان على أحوالهم وتقديم الدعم والمساعدة

وصف الفلسطينيون الحرب التى تشنها قوات الجيش الإسرائيلى على قطاع غزة بأنها انتهاك صريح لمعانى الإنسانية فى كل صورها.. رداً على اخفاقها فى السابع من أكتوبر الماضي.

فرغم أن العالم يرفض تعرض المدنيين لعمليات القتل الجماعى وخاصة الأطفال الأبرياء، إلا أن إسرائيل تمارس القوة الساحقة فى حربها ضد المدنيين الآمنين بتنفيذ الأحزمة النارية والقصف المدفعى، وغارات للطيران تقصف المناطق الآمنة فى جنوب غزة.

اقرأ أيضاً| «الجمعيات الأهلية»: المشاركة حائط صد ضد أية محاولات للنيل من استقرار مصر

تواصلت «الأخبار» مع الفلسطينيين ممن تمكنوا من الدخول إلى قطاع غزة فى أيام الهدنة حيث وصفوا الأوضاع بأنها مأساوية يتعرض لها المدنيون .

ويصف أبو صلاح الذى حالفه الحظ أن يدخل الى أسرته فى دير البلح، المشاهد التى نتجت عن عمليات القصف عقب انتهاء الهدنة، بانتشار الدم والأشلاء فى الطرقات وعلى جدران المنازل، فقد تهدمت البيوت على رءوس ساكنيها، بأنها أوقات عصيبة يمر بها سكان مناطق الجنوب فقد انهمرت دموع الرجال قبل النساء عند وداع أطفالهم، وآبائهم وأمهاتهم قبل نقلها إلى المقابر.

وقال: إن بكاء الأطفال لا ينقطع وعويل الأمهات يتواصل حزناً على من اسُتشهدوا من الأهل والأحباب، فى حين تتواصل المساعى لنقل الجرحى الى المستشفيات لسرعة تلقى العلاج وتخفيف آلام الجراح.

وقالت المسنة أم توفيق 85عاماً، إنها تتذكر وقت أن تم تهجير أسرتها من منطقة «اللد» الى قطاع غزة، واليوم يتكرر نفس المشهد نحن فى حالة يُرثى لها، وكل أمنياتنا أن نعود الى بيتنا حتى لو كان هناك جدار واحد يكفى كى نقيم تحت ظله والوقاية من الغربة والحماية من وجع الفراق.

وتحسر أبو خالد على منزله الذى تهدم فى دير البلح بعد أن قضى فيه ليلتين فقط .. وقال: لا توجد حياة فى غزة، وقد فُرضت علينا الحياة بشكلها الصعب والمأساوى الذى لم نعشه من قبل وقت الحروب السابقة التى مرت على قطاع غزة، وقال: إن الجرائم متعددة والفاعل واحد هو إسرائيل حيث لا يوجد حساب ولا عقاب، من أجل ذلك تكرر فعلتها فى أى مكان وزمان ..فهى تعرف أنها فوق القوانين والأعراف الدولية ..لكن ما زالت أمنياتنا أن ينصف الله الحق ويوفق الرئيس السيسى فى جهوده من أجل وقف إطلاق النار والبدء فى المباحثات الدبلوماسية نحو حل الدولتين.

وجلس أبو زياد بجوار أطلال بيته الذى تهدم عقب انتهاء الهدنة بيومين، ينعى حظه وهو يقول: البيت راح والحلم راح لكن الذكريات لن تروح أبداً.

وقال: إن الفلسطينيين النازحين من مناطق الشمال إلى مناطق الجنوب ينتظرهم مصير مجهول خوفاً على حياتهم، وحماية لأطفالهم بعدم تعرضهم لأصوات القصف وغارات الطيران، خاصة بعد انهيار الهدنة يعيش الفلسطينيون فى توتر وقلق، إن إسرائيل تواصل الدمار والمجازر، وكأنها تشتاق الى رؤية الدماء.

وقالت السيدة فتحية من خان يونس: حقنا فى الحياة أن نعيش حياة كريمة ..كان هناك فرصة للنقل من مكان إلى آخر، كانت فرصة لقصف منازلنا التى تركناها قبل النزوح، لكن الآن نخشى كثيراً من التوغل شرق مدينة خان يونس

ويعانى طفل فلسطينى من كسر فى الجمجمة حيث أصيب نتيجة قصف المنزل فى مخيم النصيرات، وتقول والدته المرافقة له: إن عدداً كبيراً من العائلة اسُتشهدوا تحت الأنقاض من بينهم: زوجى وابني، وقد تمكنا من نقل طفلى عن طريق سيارة إسعاف إلى معبر رفح لتلقى العلاج فى العريش، وهو محجوز الآن فى المستشفى لتلقى العلاج، ونشكر الرئيس السيسى على جهوده المبذولة مع الشعب الفلسطينى دعما له فى المحنة التى يعانى منها بسبب الحرب على غزة .

وقال رائد أبو شكيا العالق فى مدينة العريش مرافقاً لوالدته التى تتلقى العلاج: إن شقيقه محمد ٣٥ عاماً كان فى طريقه من معسكر جباليا فى الشمال للنزوح .. ولدى وصوله إلى منطقة الشيخ رضوان وقعت اشتباكات رغم وجود هدنة حيث أصيب بطلق نارى فى الصدر وتم إيداعه المستشفى، ونسعى إلى تحويله من قطاع غزة كى يدخل إلى الأراضى المصرية لتلقى العلاج وقال: إن شقيقته راندا التى ترافق ابنتيها اللتين أصيبتا فى قصف حزام نارى على معسكر جباليا، وهما يتلقيان العلاج فى مستشفى بئر العبد لإجراء عدة عمليات تجميل وتنظيف ويبقى إجراء عملية فى الساق والتى أصيبت بكسر لتركيب مسامير بلاتين وأكد أن شقيقه علاء مازال متواجداً فى مناطق الشمال مع ابنتيه حيث يحاول الخروج لدخول الأراضى المصرية عن طريق معبر رفح البرى ويتمتع بالجنسية المصرية فهو غير قادر على التحرك خوفاً من إطلاق النار عليه فى مناطق الشمال

أما الطفل محمد نهاد 10سنوات والذى أصيب فى عمليات القصف على مستشفى المعمدانى فى قطاع غزة وبُترت قدمه اليمنى.. حيث تم تقديم الإسعافات الأولية له قبل تحويله للعلاج فى الخارج.

ويحكى محمد من مطار العريش الدولى، قبل نقله للعلاج فى تركيا،  عن أنه كان برفقة شقيقه عندما قصفت الطائرات محيط المستشفى مما أدى إلى بتر فى قدمه اليمنى وبتر أصابع قدم شقيقه وسكت، برهة ثم قال: ما ذنبنا نحن الأطفال وقد فقدنا معنى الحياة وسأقضى باقى عمرى بدون قدم .. قصة محمد واحدة من قصص الكثير من مصابى غزة تدمى لها القلوب بعد أن فقد عدد كبير من الأطفال والنساء أطرافهم فى الحرب الشرسة التى طالت آلاف الضحايا.

وتقول السيدة نعيمة من مخيم جباليا: والله يا رب اللى بيصير فينا حرام الأطفال كانت تلعب أمام منزل تم استهدافه.. دار عمى تم استهدافه وجاء الأب لنقل جثث أبناء أخيه وامهم من تحت الأنقاض.

وما يفزعك هو أن ترى الأب وهو ينزف دماً نتيجة إصابته من آثار القصف وهو يسارع إلى نقل أطفاله المصابين للعلاج .. كل همه نقل الجرحى من الأطفال الى المستشفيات لتخفيف آلام الجراح عنهم بدلاً من أن ننقل لهم الأكل الذى ينتظرونه لعدة أيام بسبب نقص الغذاء .

ويقول أبو حمزة، عقب عودته من مصر الى بلدته فى خان يونس: إن لا أحد يعرف مصيره من سكان مناطق الجنوب والنازحين إليها بعد تعرضهم لعمليات قصف .. ولم يعد أمام هؤلاء أى خيارات للنزوح بعد وصولهم إلى الجنوب.. وأمنياتهم أن تتجدد الهدنة المؤقتة ووقف إطلاق النار بجهود مصر الشقيقة، والتوصل إلى حل سياسى لإنهاء الأزمة .