تقرير| مزارعون في غزة يصرون على زراعة حقولهم رغم توتر الأوضاع

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

منذ بداية الحرب على غزة وتصاعد وتيرة القصف الإسرائيلي على القطاع وخاصة في مناطق الشمال، اضطر السكان إلى تغيير مصادر رزقهم أملًا في البحث عن وسائل أخرى لتأمين لقمة العيش، بعدما أجبروا على النزوح من أحيائهم وترك منازلهم وأماكن عملهم في شمال القطاع ونزوحهم إلى جنوبه.

فلجأوا إلى ممارسة عدة مهن لم يكونوا يعملون بها في السابق، بما في ذلك زراعة الحقول، وقطع جذور الأشجار وبيعها في الأسواق للاستفادة منه في إشعال النيران والاستخدام في عمليات الطهي، وكذلك صنع الحلوى وبيعها في الشوارع، إلى جانب اتخاذ العديد من المهن الأخرى التي كانت غير مألوفة بالنسبة لهم قبيل توتر الأوضاع في غزة.

وعلى الرغم من أصوات الغارات الإسرائيلية التي أحاطت بهم طوال الأسابيع الماضية، إلا أن بعض أهالي غزة من رجال ونساء وحتى أطفال، أو من يستطيع العمل من بينهم، صمموا على مواصلة حياتهم وعملهم في المزارع، لتأمين لقمة عيشهم، رغم التحديات الكبيرة التي تفرضها التوترات الراهنة في القطاع.


النازحون ينخرطون في العمل بالحقول لتوفير لقمة العيش

هكذا يمضي الكثير من النازحون الغزيون أيامهم في مدينة دير البلح جنوب القطاع ينخرطون في العمل بالحقول وزراعتها رغم التحديات الكبيرة التي يواجهونها في ظروف معيشتهم الجديدة، ولكنهم يسعون فقط لتأمين مصدر دخل لهم يعينهم على مواجهة تلك الأوقات المأساوية بعد تغريبهم وتركهم كل شيء وراءهم من منازل وممتلكات وبعد رحيلهم إلى مناطق أخرى خارج أحيائهم في شمال القطاع.

وفي ظل استمرار انقطاع إمدادات المياه عن قطاع غزة لمدة تزيد عن 50 يومًا، جراء فرض إسرائيل لحصارها على المنطقة، تتفاقم معاناة الأهالي الغزيين بشكل مأساوي، ويعاني سكان القطاع من تدهور حاد في وضع المياه، ما يفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.

وفي ذات الوقت، ألقت أزمة المياه في غزة بظلالها أيضًا على المزارعين وتأثروا بها بشكل كبير وكذلك على من عمل بها حديثًا جراء الأوضاع الراهنة الصعبة التي حلت على البلاد منذ السابع من أكتوبر المنصرم.


تحديات صعبة تفاقم وضع المزارعين الغزيون

فواجه المزارعون تحديات قاسية لتزيد من تفاقم الوضع أكثر، حيث شهدوا تلفًا كبيرًا في أراضيهم الزراعية وأشجارهم وشتلاتهم بسبب نقص المياه الحاد، وجراء ذلك أصبح من الصعب عليهم الحفاظ على مزارعهم وحقولهم في هذه الظروف القاسية، مما زاد من معاناتهم ومخاطر نزوحهم.

فتعرضت حقولهم الزراعية المعتمدة على الأرض التي أصابها الجفاف لتهديد جدي بسبب نقص المياه، مما يضعهم في مأزق يفوق الوصف، ولكن حتى في وسط تلك الأوضاع المأساوية، يتعين عليهم التكيف مع الوضع الصعب والسعي جاهدين لتأمين لقمة عيشهم في ظل هذه الظروف الصعبة.


معاناة أحد المزارعين بسبب نقص المياه

وأبدى أحد المزارعين في غزة قلقه وألمه بسبب هذه الظروف الصعبة التي يواجهها مع الأشخاص الآخرين في الجنوب، في حديثه، وقال: "إننا جزء من تلك الجموع الذين خاضوا رحلة النزوح الصعبة إلى الجنوب، بحثًا عن ملاذ آمن". 

وأضاف الرجل الذي عمل حديثًا بمهنة الزراعة في جنوب القطاع بمدينة دير البلح، "استأجرنا هذه الأرض الزراعية في محاولة للبدء من جديد وتأمين لقمة عيشنا بطرق غير تقليدية، إلا أننا نواجه تحديًا هائلًا، حيث تجف الشتول وتذبل بسبب قلة المياه"، حسبما أفادت قناة "العربية" الإخبارية.


باعة غزة يصنعون الحلوى للسكان على نيران الحطب

وفي ذات السياق، وبعد أن نزح آلاف الأشخاص من منازلهم في شمال القطاع واتجهوا جنوبًا بحثًا عن مأوى آمن، خرج الباعة في غزة لإسعاد السكان والنازحين، رغم نفاد الوقود الذي يُعد عصب حياتهم التجارية، ولكن أُلهموا الأمل وأدخلوا البهجة إلى قلوب الناس بصنع بعض الحلوى.

فقد جلب الباعة حلويات شعبية لذيذة، منها البسكويت والعوامة (الزلابية)، وقاموا بتحضيرها بأبسط أدوات الطهي في الهواء الطلق على جوانب الشوارع ليشتري منهم الأهالى والنازحين، وباتوا يستخدمون الحطب الذي أصبح الوسيلة الوحيدة لإعداد الطعام في ظل نفاذ الغاز بالقطاع، بسبب فرض إسرائيل الحصار على غزة منذ أكثر من شهر ونصف، حسبما أفادت "العربية" الإخبارية.

هكذا، تجمع السكان حول المكان، ليستمتعوا بتلك اللحظات النادرة في ظل أجواء الحرب والدمار الذي يحيط بهم وفي ظل الغموض أيضًا الذي يكتنف مستقبلهم.

وعلى الجانب الآخر، وخلال أزمة نفاذ الوقود وانقطاع التيار الكهربائي الناتجين عن الحرب الإسرائيلية على القطاع، حاول الكثير من الباعة التكيف مع هذه الأزمات بجانب مشاهد الدمار من حولهم، حيث اضطروا إلى افتراش الطرقات والبعض الآخر حمل بضاعته على عربات الكارو التي تجرها الدواب، في محاولة للاستمرار في تشغيل أعمالهم وكسب الرزق وهم بين وابل القصف، يسعون لتأمين لقمة العيش اليومية البسيطة لأسرتهم ولأطفالهم الصغار.

فكل فرد كان يحمل عبء مسئولية بيته ومتطلباته، كان عليه أن يفكر بشكل جاد في كيفية تأمين سُبل العيش، وبالرغم من أن القصف طال كل زاوية من أرجاء القطاع، لم يكن لدى السكان فرصة لوضع أيديهم على جبينهم بينما تمر أيام الحياة وتتزايد الظروف المعيشية سوءًا وفقرًا وتدهورًا، ولم يعتبر هؤلاء الرجال والنساء وحتى أطفال القطاع، الاستسلام أمرًا ممكنًا، فكل من كان يستطيع أن يعمل منهم يبادر بالمشاركة بقدر مجهوده وامكانياته بعدما دمر الاحتلال الإسرائيلي أماكن عيشهم ورزقهم.


 الغزيون يجمعون الحطب لبيعه 

تحرك رجال القطاع في رحلة بحث عن الحطب، وبات الرجال يتسلقون الأشجار ويقطعون الغصون الصغيرة، ويجمعونها ويقومون ببيعها في الأسواق للسكان والنازحين بأسعار زهيدة، حيث أصبح الحطب الوسيلة الوحيدة لإشعال النيران وإعداد الطعام في ظل أزمة الوقود بالقطاع.

فعندما أفضت أرفف المتاجر إلى فراغ من المواد الغذائية الأساسية، وتوقفت أفران الخبز عن الخدمة بسبب قطع إمدادات التجارة وكذلك الوقود، اضطر السكان في القطاع لإعداد الطعام بنيران الحطب، وبسبب أن كمية الخشب كانت محدودة ولم تكن متاحة للجميع، دفع ذلك الباعة إلى البحث عن الحطب وتأمينه لمن يحتاجون إليه من العائلات في القطاع.

وبدأ الباعة في قطع الحطب إلى أحجام صغيرة، ثم حملوه من مواقع الأشجار إلى الأسواق في القطاع لبيعها للناس، ومن ثم يتمكن الأهالي من إعداد الطعام المتوفر لديهم، منها يوفروا احتياجات أبناء القطاع ومنها رزق لعائلاتهم ولتأمين لقمة عيشهم، بحسب "العربية" الإخبارية.