تسريح العمال الفلسطينيين يفاقم الأوضاع الاقتصادية في غزة وإسرائيل

تسريح العمال الفلسطينيين يفاقم الأوضاع الاقتصادية في غزة وإسرائيل
تسريح العمال الفلسطينيين يفاقم الأوضاع الاقتصادية في غزة وإسرائيل

بعد ساعات قليلة من إعلان مجلس الوزراء الأمني لدى دولة الاحتلال، أن "إسرائيل قطعت جميع علاقاتها مع قطاع غزة، ولن يكون هناك عمال فلسطينيون من غزة يعملون في إسرائيل"، قامت سلطات الاحتلال بإعادة الآلاف العمال الفلسطينيين إلى القطاع بعد أن اعتقلتهم عقب الأحداث المأساوية في 7 أكتوبر المنصرم، ومع هذه الخطوة، ازداد تفاقم الأوضاع الاقتصادية على كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وباتت آثار الحرب على غزة تنعكس بوضوح على الوضع الاقتصادي على حد سواء.

وبينما يتسبب هذا القرار في زيادة معاناة العمال الفلسطينيين الذين عانوا من التشرد والفقدان المفاجئ لوظائفهم في إسرائيل التي كانت مصدر رزقهم الوحيد، فإنه يضع أيضًا ضغوطًا كبيرة على الاقتصاد الإسرائيلي الذي اعتمد بشكل كبير على العمال الفلسطينيين.

وفي ذات السياق، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها بشكل كبير إزاء بدء إعادة هؤلاء العمال إلى غزة، خصوصًا مع عدم وجود منازل أو بنية تحتية جاهزة لاستقبالهم، وهذا يضع العمال في موقف صعب ويعرضهم لمخاطر كبيرة نتيجة للحرب الدائرة في القطاع، مما يجعل الأوضاع تحتاج إلى اهتمام دولي كبير لحماية حقوق هؤلاء العمال وضمان سلامتهم وأمانهم خلال هذه الفترة العصيبة.

وأكدت السلطات الإسرائيلية، على أن هناك آلاف العمال الفلسطينيين الذين كانوا يمتلكون تصاريح للعمل في إسرائيل حتى وقت اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، ولم تقدم السلطات تفاصيل أخرى دقيقة حول عدد العمال الغزاويين الذين كانوا في إسرائيل في ذلك الوقت.

وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إليزابيث ثروسيل، في جنيف، إن "من بين هؤلاء الأشخاص الذين تم إعادتهم إلى غزة، عمالًا فلسطينيين وأشخاصًا مرضى كانوا يعالجون في المستشفيات وتم اعتقالهم بعد الأحداث التي جرت في 7 أكتوبر الماضي".


إسرائيل تلغي جميع تصاريح العمال الفلسطينيين وتعيد آلاف للقطاع

وفي وقت سابق، أشار وزير العمل الفلسطيني، نصري أبو جيش، إلى أن إسرائيل قامت بإلغاء جميع تصاريح العمال الفلسطينيين من غزة الذين كانوا يعملون بها قبل بدء العمليات العسكرية في السابع من أكتوبر الماضي، واعتقلت العديد منهم وتعاملت معهم بشكل عنيف.

وأضاف أبو جيش، أن حوالي 18,200 عامل من غزة كانوا يعملون في إسرائيل، من بينهم، عاد 9000 إلى القطاع خلال فترة الأعياد اليهودية، فيما بقي 9,200 في إسرائيل.

وتابع الوزير الفلسطيني: أن "بعد العملية العسكرية، قامت إسرائيل باعتقال العمال وتعاملت معهم بشكل عنيف، وأرسلت البعض منهم إلى الحواجز على الحدود مع الضفة الغربية، واستقبلنا 5,200 عامل من قطاع غزة، ومن المرجح أن هناك 4,000 عامل لا يزالون في إسرائيل، وبعضهم موجود في معسكرات قرب حدود غزة، بينما آخرون في معسكرات قرب بيتونيا وبالقرب من القدس"، حسبما أفادت وكالة أنباء العالم العربي (AWP) الإخبارية.


منظمة العمل الدولية: غزة فقدت أكثر من 60 % من فرص العمل 

ومن جانبها، أشارت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، إلى أن قطاع غزة فقد أكثر من 60 % من فرص العمل منذ بدء الصراع الدائر بين إسرائيل وحركة حماس، وقد أسهم هذا التدهور في تفاقم الأوضاع الاقتصادية المأساوية في القطاع، الذي يشهد حصارًا إسرائيليًا.

وتشير التقديرات إلى أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الصراع بلغت 182,000 فرصة عمل في هذا القطاع الصغير.


ارتفاع نسب البطالة في غزة يزيد من «هشاشة الوضع الاقتصادي»

وصرّح أبو جيش، بأن الوضع الاقتصادي للعمال في الضفة الغربية أيضًا يشهد تدهورًا كبيرًا، حيث يعاني حوالي 160 ألف عامل من البطالة، وهذا التدهور من المتوقع أن يزيد من نسبة البطالة في فلسطين بشكل كبير، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الفلسطيني الهش الذي يعتمد بشكل أساسي على الأموال الواردة من المقاصة.

وأكد الوزير نصري، على أن نسب البطالة المرتفعة هذه ستؤثر على الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام، حيث يبلغ معدل البطالة في غزة حاليًا ما يقترب من 48٪، ومن الممكن أن يرتفع إلى أكثر من 60٪ بعد الحرب، فيما يبلغ معدل البطالة في الضفة الغربية حوالي 13٪، ومن المتوقع أن يرتفع بشكل كبير في المستقبل.

وأشار المسئول الفلسطيني، إلى أن نسبة البطالة في فلسطين في الوقت الحالي تبلغ حوالي 25٪، ومن الممكن أن تصل إلى أكثر من 35٪ بعد هذه الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة وبسبب التضييقات والانتهاكات في الضفة الغربية، حسبما أفادت "العربية" الإخبارية. 

وفيما يتعلق بتصريحات وزير الاقتصاد الإسرائيلي حول استقدام عمال من الهند بدلاً من العمال الفلسطينيين، أبدى الوزير أبو جيش تحفظًا على مثل هذا القرار، مشيرًا إلى أن إسرائيل حاولت في السابق جلب عمال من الصين والفلبين "ولم تنجح".


بسبب تسريح العمال الفلسطينيين.. إسرائيل تُواجه «ضغوطًا إقتصادية» 

وقال أبو جيش، إن العمال الفلسطينيين يتقاضون رواتبهم بالشيكل ويصرفونها في الاقتصاد الإسرائيلي، بينما سيتقاضى العمال الأجانب أجورهم بالدولار، وهذا سيشكل ضغطًا على الاقتصاد الإسرائيلي، الذي وصفه بأنه "منهار أصلاً".


خسائر إسرائيل الاقتصادية من الحرب على غزة 

وذكرت صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية في تقرير نشرته يوم الأحد الماضي، أن تكلفة الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حركة حماس في قطاع غزة من المرجح أن تصل إلى ما يصل إلى 200 مليار شيكل، وهو ما يعادل حوالي 51 مليار دولار، وقد تم تقدير هذه التكلفة بناءً على افتراض استمرار الحرب من 8 إلى 12 شهرًا، مع عدم مشاركات حركات في الصراع.

وأشار التقرير أيضًا إلى العودة المحتملة لحوالي 350 ألف إسرائيلي تم تجنيدهم في قوات الاحتياط إلى العمل خلال هذه الفترة.

ووفقًا للصحيفة، من المتوقع أن تشكل نفقات الدفاع نصف تكلفة الحرب، والتي من المرجح أن تصل إلى حوالي مليار شيكل يوميًا، كما ستتضمن التكلفة خسائر في الإيرادات تتراوح بين 40 و60 مليار شيكل، بالإضافة إلى ما بين 17 و20 مليار شيكل ستتكبدها إسرائيل كتعويضات للشركات، وما بين 10 و20 مليار شيكل لأغراض إعادة التأهيل.

ويشير التقرير إلى أن هذه التكلفة الهائلة للحرب تشكل تحدًا كبيرًا للاقتصاد الإسرائيلي، حيث أدت إلى تقلص النشاط الاقتصادي وتراجع الاستثمارات، وقد تسببت هذه التكلفة في تحسين تصنيف إسرائيل الائتماني إلى "سلبي" من قبل وكالة ستاندرد آند بورز، ووضع تصنيفات موديز وفيتش لإسرائيل قيد المراجعة لاحتمال خفضها.

وأخيرًا، فالوضع الاقتصادي الحالي لكلا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني قد تأثر بشكل كبير، بسبب أن العمالة الفلسطينية كانت تُمثل جزءًا كبيرًا من القوى العاملة في إسرائيل في مختلف القطاعات الاقتصادية مثل البناء والزراعة وغيرهم، وبالتالي، فتسريح هؤلاء العمال أدى إلى تراجع نشاط هذه القطاعات وارتفاع معدلات البطالة وتفاقم الأوضاع الاقتصادية في فلسطين إسرائيل.