بعد الذى جرى ووقع بجوارنا المباشر للأخوة والأشقاء فى كلٍ من ليبيا والمغرب أصبح من الواجب والضرورى، بل ومن الحكمة وحسن الفطن إدراكنا جميعًا، علماء وحكومة ومسئولين وعامة الناس وخاصتهم، بأننا أصبحنا بالفعل فى قلب دائرة التغيير المناخى القاسى والحاد، الذى أصاب كل العالم دون استثناء، من أقاصى الأرض إلى ما وراء القارات والمحيطات، وحتى القطبين الشمالى والجنوبى.
وأصبح من المهم أن ندرك أيضًا أن المتغير المناخى أضحى الآن بالفعل واقعًا مؤلمًا نعيش فيه ونعانى منه، بعد أن كان منذ عدة سنوات مجرد توقعات علمية أو تنبؤات مناخية، خلصت إليها مجموعات متعددة من العلماء والباحثين المتخصصين فى علوم البيئة والمناخ والطقس فى بلاد كثيرة.
وأى عاقل يدرك أن المتغيرات المناخية المحسوسة والظاهرة، التى طرأت على طبيعة الطقس والمناخ فى بلدنا ومنطقتنا، خلال السنوات القليلة الماضية، والتى بلغت ذروتها حاليًا، قد أنهت تمامًا ما كنا متوافقين عليه من قبل، بأن المناخ والطقس فى مصر والمنطقة لهما طبيعة معتدلة شبه ثابتة صيفًا وشتاءً وربيعًا وخريفًا،...، وأن هذا الاعتدال البعيد عن التطرف والحدة هو شبه دائم.
ولعلى لا أتجاوز الواقع إذا ما قلت، إننا لم نعد نستطيع التأكيد أو حتى الادعاء، بأن الطقس فى بلدنا والمنطقة مازال حارًا جافًا صيفًا أو باردًا ممطرًا شتاءً،...، حيث إن مانراه ماثلًا أمام أعيننا وما نكابده الآن يخالف ذلك بالفعل.
وفى هذا الاطار أصبح من الضرورى أن نتعامل بكل الجدية مع هذه المتغيرات، التى حطت علينا وأحاطت بنا،...، والجدية التى أقصدها مع هذه المتغيرات هى أن نتعامل بالمنهج العلمى، الذى يتماشى مع عصرنا الحالى، وهو عصر العلم بكل تأكيد.
وهذا يعنى الإعلاء من قدر وقيمة المؤسسات والهيئات العلمية المتخصصة فى رصد ومتابعة المناخ والطقس والمتغيرات الناتجة عنهما، وتحديد آثارها وانعكاساتها على المناطق والمحافظات المختلفة، ابتداءً من الارتفاع والانخفاض فى درجات الحرارة، وتحديد أو توقع كميات وحجم الأمطار المختلفة ومناطق هطولها، وكذلك أخطار السيول ومساراتها، وأيضًا مناطق الجفاف والتصحر المُحتملة.
ومن المهم فى هذا السياق، التنبه والالتفات إلى ضرورة تدريس هذه المعلومات الأساسية لأبنائنا فى المدارس والجامعات، بالإضافة إلى العلوم الأساسية فى البيئة والمتغيرات المناخية وآثارها على الزراعة والأنشطة الحيوية الأخرى فى الاقتصاد والتجارة والغذاء وغيرها .