جلسة صلح بين زوجين انتهت بالفشل.. وقتل «المصلح»

الضحية
الضحية

آمال‭ ‬فؤاد‭ ‬

  يلجأ بعض الناس لجلسات الصلح العرفية، لإيقاف نزيف النزاع في مختلف المشكلات وحلها وتنقية الأجواء ورد الحقوق لأصحابها لنشر السلام الاجتماعي، لكن  ما حدث في منطقة الشرابية  كان عكس ذلك؛ جلسة صلح عرفي، ولكن بعد لحظات تحولت بين طرفي نزاع عائلتين الى «مجزرة» راح ضحيتها مهندس أحد كبار المجالس العرفية بالمنطقة، كل ذنبه أنه حاول تهدئة الأمور وفض النزاع لإرضاء الطرفين وإتمام الصلح لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، سقط المجني عليه غارقا في دمائه وأصيب نجله، لماذا اختلف العائلتان؟ وما هو النزاع الذي تطور في جلسة الصلح إلى بركة دماء؟ وكيف سقط الجناه الثلاثة في قبضة رجال المباحث؟التفاصيل  تحكيها السطور التالية.

سيد محمد عبد المقصود، مهندس «57 سنة» يقيم بشارع جامع بلال بحي الشرابية معروف بين أهالي الحي بالطيبة وحسن الخلق يحترمه ويقدره الجميع، ودائما ما يلجأ اليه أهالي الشارع وغيرها من شوارع الحي لحل كافة مشكلاتهم وفض النزاع بين المتخاصمين في جلسات عرفية، هذا غير مجاملاته للصغير والكبير وتواجده بين أبناء الحي في السراء والضراء، هو ميسور الحال متزوج ولديه ثلاثة أبناء أكبرهم 27 سنه، جميعهم يحملون مؤهلات عليا، تكفل بمساعدة شقيقته في تربية أبنائها الأربعة الايتام بعد وفاة زوجها قبل 17 عاما، كما تكفل برعاية حماته «المريضة» فكان لها الابن البار في كبرها، والسند والظهر والأب والصديق والقلب العطوف لزوجته وشقيقته وأبنائه الثلاثة وجميع أفراد عائلته، إلى أن حدث ما لم يتوقعه أكثر الناس تشاؤمًا.

أتته ابنة شقيقه «منى» 24 سنة متزوجة ولديها طفلان، تشكو عمها أنها دائمًا على خلاف مع زوجها، فهو لا يكاد يستقر في عمل حتى سرعان ما يتركه بلا سبب أو مبرر،علاوة على أنه غيرمتحمل مسئولية الانفاق عليها وعلى أطفاله طوال فترة زواج دامت لأكثر من 7 سنوات، حتى سئمت الحياه معه فقررت أن ترتدي هي عباءة المسئولية ونزلت إلى الشارع تبحث عن عمل الى ان حصلت عليه بأحد المحال التجارية لتلبية احتياجاتها وأطفالها، وعقب ذلك أخبرت زوجها انها تريد الانفصال عنه، فجن جنونه ودارت بينهما مشاجرة زوجية كالمعتاد على اثرها تركت له المنزل وذهبت الى منزل عمها غاضبة، تخبره انها تريد الانفصال عن زوجها وطلبت منه أن يجلب لها حقوقها وأطفالها بالطرق الودية بدلا من اللجوء إلى المحاكم، وبعد أيام من تركها المنزل اتصل زوجها بعم زوجته المهندس سيد عبد المقصود يطلب منه عقد جلسة صلح بينه و زوجته ووعده بتنفيذ كل رغبات ابنة شقيقه وعدم مضايقتها مرة أخرى.

ولكن هل هذا حدث بالفعل؟!

جلسة موت

أعلنت عقارب الساعة الثانية ظهرا، اجتمعت العائلتان في جلسة صلح عرفية بين الزوجين  ابنة شقيق «المجني عليه» والزوج واشقائه المتهمين وأطراف أخرى في منزل «المجني عليه  لانه عم الزوجة وأحد  كبار المحكمين عرفيًا بالمنطقة؛ بدأت  جلسة الصلح بمحاولة الإصلاح بين الزوجين وعودة المياه الى مجاريها لأكثر من ساعتين، كانت  الجلسة تسير طبيعية بين الطرفين، وفجأة بدأت الأصوات ترتفع خاصة مع إصرار ابنة شقيق المجني عليه، عدم الرجوع لزوجها وأصرت علي وقوع الطلاق، هنا اشتد النقاش وفي النهاية وافق الزوج على الطلاق وبدأوا في مفاوضات التسوية بين الزوجين؛ فاختلفوا على قائمة المنقولات والنفقة، وتطور الأمر إلى مشاجرة واصوات عالية، رفض  الزوج معها الطلاق بهذه الشروط وتوعد بصوت مرتفع وهدد أثناء جلسة الصلح بأن زوجته إذا لم تتراجع عن قرر الطلاق سوف تكون العواقب وخيمة، ذهب الزوج وأشقاؤه تاركين جلسة الصلح وهم في حالة غضب شديدة، توجهوا الى منزل شقيقة الزوجة الكبرى لكي تقنع شقيقتها بالرجوع عن قرر الطلاق، واثناء ذلك ذهب المجني عليه ونجله وبعض كبار رجال الجلسة وراءهم لتهدئة الامور والتحدث مع الزوج  وإخباره أن زوجته قررت الانفصال عنه قائلا له عم الزوجة (خلينا نخرج بالمعروف وكل واحد يروح لحال سبيله)، هنا افتعل الزوج واشقاؤه مشاجرة مع المجني عليه وابنه؛ أشهروا أسلحتهم البيضاء «سكين» و»مطواة» في وجه المهندس سيد، وسرعان ما أخذه المتهمون غدرا وانهالوا على رأسه بالعصى وسدد وا له طعنة في قلبه فسقط جثة هامدة غارقا في دمائه وتدخل ابنه لمحاولة ابعادهم عنه لكنه سقط هو الآخر جريحا بطعنة سكين في جسده وارتفعت أصوات  الشجار والصراخ تهز ارجاء المنطقة.

اتصل أحد الجيران بزوجة المجني عليه وأخبرها بالمشاجرة الدائرة بين زوجها ونجلها من ناحية وبين المتهمين من ناحية أخرى، على الفور هرولت ونجل شقيقه الى بيت شقيقته فوجدت زوجها «المجني عليه»غارقا في دمائه ونجلها مصاب بطعنة في يده فتجمع الأهالي ونقلوا الزوج داخل سيارة الى مستشفى الساحل على أمل إنقاذه دون أن يدركوا أنه فارق الحياة.

بلاغ

تلقى قسم شرطة الشرابية بلاغًا من الأهالي بمقتل المهندس وإصابة نجله في جلسة صلح بين زوجين، بعدها تلقى رئيس مباحث القسم إشارة من مستشفى الساحل  يفيد بوصول قتيل ونجله جريح  إثر مشاجرة في جلسة صلح، على الفور انتقل فريق البحث الى المستشفى محل البلاغ وبالفحص والمعاينة تبين أن المجني عليه في العقد السادس من عمره يرتدي كافة ملابسه الملطخة بالدماء مطعون في منطقة الصدر وتوفى متأثرًا بإصابته، وانتقل فريق البحث إلى مسرح الجريمة وقاموا بتفريغ الكاميرات المحيطة بالمكان، واستمعوا الى أقوال بعض شهود عيان الواقعة؛ حيث اكدوا أن المتهمين أخذوا المجني عليه غدرًا بسبب رفض ابنة شقيقه الرجوع الى زوجها أحد المتهمين في جلسة صلح قبل الواقعة بساعة، وتحرر محضر بالحادث وتمكن رجال البحث عقب وضع الاكمنة المحكمة إلقاء القبض علي المتهمين وإحالتهم الى النيابة، التي أمرت بدفن الجثة بعد التشريح لمعرفة سبب الوفاة ووجهت للمتهمين الثلاثة   تهمة القتل العمد، وجاء في  اعترافاتهم امام النيابة؛ انهم أثناء جلسة صلح عرفية بينهم ونجلة شقيقه عقدها المتوفى لفض الخلاف القائم بين الزوجين نشبت مشادة كلامية بين الطرفين  انتهت بالحادث، واعترف المتهمون امام النيابة بأنهم لم يقصدوا قتل المجني عليه، فقررت حبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيق مع مراعاة التجديد لهم.

ذهبت اخبار الحوادث إلى منزل المجني عليه والتقت بأفراد أسرته، قالت زوجته لبنى حزنا وبكاءً على فراق زوجها:حتى هذه اللحظة لا اصدق ما حدث، زوجي كان يعمل مديرًا بالانقاذ المركزي، دفع ثمن شهامته واخلاقه بعودة الوئام بين ابنة شقيقه وزوجها، طوب الأرض كان بيحبه، ورغم انه اجرى منذ عدة شهور قليلة عملية قلب مفتوح في شهر 11 الماضي لم يتأخر يوما عن أداء واجب أو السعي في صلح لا يرجو منه إلا إصلاحا، ويوم الوقعة كان راجع من شغله وأثناء جلسة الصلح  زوجي تناول ووزع على المتهمين العصائر مرحبا بهم، آخر ما كنت اتوقعه أن آراه على الأرض غرقان في دمه، بعدما حد من الجيران كلمني واخبرني انه  سقط قتيلا على يد المتهمين الثلاثة، غدروا به وطعنوا ابني  أيضا، كان زوج مثالي بمعنى الكلمة، لا يقول إلا خيرا دائما، احسبه شهيدًا عند الله وهو حسبه.

وقالت شقيقته سعاد محمد عبد المقصود: اخويا يرحمه الله كان شايل العائلة كلها على رأسه كان ظهرا وسندا لينا كلنا، معطاء لأقصى درجة، من 18 سنه مات زوجي تاركا لي أربعة أولاد كان بتعامل معهم كأنهم أولاده بالضبط فعلا صدق المثل القائل الخال والد، تكفل برعايتهم والانفاق عليهم  طوال فترة دراستهم وظل بجانبي حتى آخر يوم في عمره، حسبنا الله ونعم الوكيل.

وقال «ناصر. م» شاهد عيان: عم سيد كان راجل جدع بمعنى الكلمة، كل اللي يعرفه يحبه مش أهل المنطقه بس، هل ذنبه أنه حاول ان يصلح بين ابنة شقيقه وزوجها، لكن للأسف الزوج وأشقاؤه قلبوا جلسة الصلح الى جريمة قتل راح ضحيتها الرجل الطيب.

اقرأ أيضًا : مصرع «حرامى» أثناء محاولته سرقة كابلات كهربائية بالقاهرة


 

;