نهاية عصابة الهجرة غير الشرعية أمام الجنايات

الهجرة غير الشرعية
الهجرة غير الشرعية

منى ربيع 

  مازالت الأجهزة الأمنية بالدولة المصرية تعمل على قدم وساق لمحاربة تجار البشر للمحافظة على شبابها وأفرادها؛ لتقوم بالقبض عليهم وتسليمهم إلى العدالة لتأخذ مجراها وينال كل منهم جزاءه الذى يستحقه لما اقترفوه من تعريض حياة الشباب للخطر والمتاجرة بأحلامهم مستغلين الحالة الاقتصادية التى يمر بها العالم أجمع في إيهام الشباب بتحقيق أحلامهم بالسفر للخارج وانهم في وطنهم لن يستطيعوا تحقيق شيء، وينساق الشباب وراء هذه الأكاذيب؛ ليجدوا أنفسهم وقد وقعوا بين شقي الرحى وتم النصب عليهم.

في تلك القضية والتى سنروي تفاصيلها اجتمع الأشرار الثمانية على ارتكاب جريمة النصب مكتملة الأركان؛ ليتزعمهم تاجر معدات ثقيلة أخذ يدبر ويخطط لجمع المال من ابناء احدى محافظات الصعيد؛ ليوهم ضحاياه بقدرته على تسفيرهم الى دولة إيطاليا عن طريق ليبيا؛ حيث صعوبة إبحارهم من أحد شواطئ مصر بسبب يقظة الأجهزة الأمنية، وذلك بمساعدة معاونيه السبعة بينهم سيدتين إلا ان مخططهم فشل بعدما تم إحباطه عن طريق قيام السلطات الايطالية بالقبض على المهاجرين وترحيلهم إلى مصر؛ لتقوم الأجهزة الأمنية بكشف افراد التشكيل العصابي والقبض على بعضهم وتقديمهم للعدالة، وأمام محكمة جنايات القاهرة دائرة الإتجار بالبشر برئاسة المستشار محمد الجندى، وبعضوية كل من المستشارين ايمن عبد الخالق، ومحمد أحمد صبري يوسف، مثل المتهمين مابين حضورى وغيابى؛ لتصدر المحكمة احكامًا تتراوح مابين السجن المشدد ست سنوات وثلاث سنوات وتغريمهم 200 ألف جنيه، وإلى البداية نحكي تفاصيل عملية النصب، وشهادة الضحايا وخطة تهريبهم من مصر لإيطاليا عبر ليبيا.

أقوال الضحايا

القضية ترجع وقائعها إلى شهر سبتمبر عام 2022 حيث تحمل رقم 15128 جنايات النزهة والمقيدة برقم 3772لسنة 2022 كلى شرق القاهرة برقم 7 لسنة 2023 اتجار بالبشر؛ حيث اتهمت النيابة العامة كلا من محمد مصطفى تاجر معدات ثقيلة، وعاطف الحداد عامل، وهيثم محمود سائق، ومدحت عقل بدون عمل، وعزة العدل، ومحمد محمود عامل، ويسر عطا صياد، وفوزية محمد؛ بأنهم قاموا وآخرون مجهولون حال كونهم جماعة إجرامية منظمة بطريقة غير مشروعة وبغرض الحصول على كسب مادي مبالغ مالية من المهاجرين المجنى عليهم وهم سبعة اشخاص وذلك؛ بأن دبروا انتقالهم من جمهورية مصر العربية الى دولة إيطاليا عبر ليبيا وقد كانت تلك الجريمة ذات طابع يبدو خداعا أنها ليست جريمة.

كما انضم المتهمون وآخرون مجهولون إلى جماعة إجرامية منظمة أسسها المتهم الأول بغرض تهريب المهاجرين بطريقة غير مشروعة من جمهورية مصر العربية الى إيطاليا وبناء على ذلك كما جاء في قرار احالة المتهمين إلى محكمة الجنايات يكونوا قد ارتكبوا الجناية المنصوص عليها بالمواد 1 /1،2،3،4،5،6 ، 8،10 و2،4،5،6 /2 بند 5 ،7 /1، 9 من القانون رقم 82 لسنة 2016 بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين.

وامام جهات التحقيق روى المجنى عليهم ماحدث لهم منذ أن تم تجميعهم إلى السلوم  حيث أكد على .ع 29 سنة؛ بأنه كان يبحث عن فرصة عمل في دولة إيطاليا وانه في شهر يونيو 2022 تعرف على المتهم الاول تاجر المعدات الثقيلة والذى أقنعه باستطاعته تسفيره الى إيطاليا مقابل مبلغ مالى مائة وسبعون ألف جنيه، ونظرًا لشغفه للسفر وافق فورا وبدأ في تدبير المبلغ عن طريق بيع قطعة ارض كان يمتلكها والده؛ حيث ذهب الى المتهم الأول يخبره بأن المبلغ المطلوب أصبح بين يديه؛ ليخبره بأنه سيساعده على الهجرة بطريقة غير شرعية، لم يكن امام علي  سوى الموافقة فهو كان يريد السفر بأي طريقة واضاف؛ أن المتهم جمعه هو وآخرين فى احدى الشقق المفروشة في بأحد الاحياء بالقاهرة ثم سافروا في مجموعات إلى السلوم، ليمكثون هناك فترة ما في مكان غير ادمى يتم غلقه عليهم من الخارج واحد الأشخاص يجلب لهم الطعام والشراب، إلى ان جاء لهم بعض الاشخاص؛ ليخبروهم بأنهم سيتحركون إلى ليبيا وبالفعل تم تسفيرهم الى ليبيا عبر الدروب الصحراوية، وفي ليبيا تم تسفيرهم الى ايطاليا عبر مراكب صيد غير معدة للسفر، إلا أن السلطات الإيطالية قامت بالقبض عليهم وعملت على ترحيلهم إلى مصر.

فيما اكد عادل. م صاحب محل قطع غيار انه تعرف على المتهم الاول والمتهمة الثالثة عزة واستطاعا اقناعه بفكرة السفر، ونظرًا لضيق الحال وما وقع له من خسائر بسبب الأزمة الاقتصادية، فقام ببيع المحل الخاص به تاركًا زوجته واولاده ليسافر الى ايطاليا على وعد منه عندما يستقر هناك سيقوم بتسفيرهم اليه لكنه وبعد أن ارسل للمتهمين المبالغ المالية تم تسكين المهاجرين في اماكن غير آدمية وكأنهم في سجن حتى تم نقلهم الى القاهرة ومنها إلى السلوم وعن طريق بعض الاشخاص المجهولين تم تسفيرهم الى ليبيا، وعندما وصلوا إلى ليبيا تم تسفيرهم الى ايطاليا عبر مراكب صيد غير مجهزة إلا أن السلطات الإيطالية ألقت القبض عليهم جميعا ورحلتهم الى مصر.

واضاف الشاهد الثالث اسلام .م عامل؛  انه في غضون شهر أغسطس من عام 2022 واثناء بحثه عن فرصة عمل تواصل مع المتهم الثانى والثامنة واتفقا على تدبير اجراءات هجرته بطريقة غير شرعية إلى ايطاليا واتفق معهما أن يعطيهما مبلغ مائة وعشرون ألف جنيه، وفي الميعاد المحدد استلمته المتهمة الثامنة فوزية لتقوم بتوصيله إلى احدى الشقق بحي النزهة بالقاهرة ليتم وضعه مع آخرين واغلاق الباب عليهم من الخارج حتى تم تسفيرهم إلى السلوم ومنها إلى لبييا عبر الدروب الصحراوية منها الى ايطاليا عبر مراكب صيد إلا انهم تم القبض عليهم بإيطاليا وترحيلهم إلى مصر.

ويقول عاصم 35 سنة؛ انه تقابل مع المتهمة الخامسة والمتهم الاول عن طريق احد اصدقائه والذى اكد له قدرتهم على تسفيره إلى ايطاليا حيث طلبًا منه مبلغ مائة وستة وخمسون الف جنيه وانه قام ببيع مصوغات والدته وزوجته واعطاها للمتهمين والذين قاموا بتسفيره الى ليبيا عبر السلوم ومنها الى ايطاليا.

لم تختلف بقية شهادة المجنى عليهم عن سابقيهم فجميعهم كانوا يريدون السفر وتحقيق الحلم الزائف بالثراء والعمل في ايطاليا رغم المخاطر التى تعرضوا لها فجميعهم باع ما ورائه وامامه حتى يستطيع تحقيق حلم الهجرة ولان حلمهم غير شرعي فتم إجهاضه سريعًا لتحبط آمالهم الزائفة.

ملاحظات النيابة

وامام المحكمة أكد مفتش بإدارة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر؛ وصول المهاجرين المجنى عليهم إلى ميناء القاهرة الجوي على مرحلين من دولة إيطاليا وبمناقشة المجنى عليهم رددوا بمضمون ماشهدوا به، واضاف أن تحرياته النهائية توصلت لصحة الواقعة ليتم القبض على البعض منهم بينما تمكن الباقون من الهرب 

وجاء في ملاحظات النيابة العامة حول الواقعة؛ انه بعرض مستخرج الاحوال المدنية المثبت به صور المتهمين تعرف الشاهد الاول على صورة المتهم الاول وقرر بأنه القائم على تدبير هجرته خارج البلاد على نحو ما شهد به كما تم عرض صور المتهمين الآخرين تعرف عليهم الشاهدان الثانى والثالث وقررا بأنهما القائمن على تدبير هجرتهما خارج البلاد.

وبعد عدة جلسات اصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمها برئاسة المستشار محمد الجندى، وعضوية كل من المستشارين ايمن عبد الخالق، ومحمد احمد صبري، حكمها قائلة بأنه بعد الاطلاع على مواد قانون الاجراءات الجنائية والمادتين 17 و32 حكمت المحكمة حضوريا للمتهمة الخامسة عزة والثامنة فوزية وغيابيًا للاول والثاني والثالث والرابع والسادس والسابع بالسجن ثلاث سنوات وبتغريمهم مائتي ألف جنيه، وبمعاقبة بقية المتهمين ماعدا الخامسة والثامنة بالسجن ست سنوات وتعريمهم 200 الف جنيه لما نسب اليهم وألزمتهم بالمصاريف الجنائية وألزمت المحكمة المتهمين جميعا بتحمل نفقات سكن المجنى عليهم ومعيشتهم ونفقات اعادتهم الى مصر.

اقرأ أيضًا : مسؤولان أمميان: قانون الهجرة غير الشرعية في المملكة المتحدة يتعارض مع التزاماتها الدولية


 

;