غياب المراجع الأزهرية أعطى الفرصة لانتشار كتب «الطب البديل» !

محتويات مكتبات المساجد.. لا تكفي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تطوير مستمر يلحق بالمساجد الأثرية خلال الفترة الماضية، مع بناء عدد آخر من المساجد الجديدة، وهو الأمر الذى ظهر جليًّا خلال رمضان الماضي، حيث كانت المساجد خلايا نحل طوال الشهر الكريم؛ لكن هناك جزءًا أساسيا من المساجد قد اختفى تدريجيا أو هو موجود على استحياء، وهى مكتبات المساجد، التى كانت تضم قديمًا مئات الكتب القيمة التى يجتمع حولها الشباب، خاصة بالإجازة الصيفية؛ أما الآن فقد زارت «الأخبار» عددًا من مكتبات المساجد فلم تجد غير المصاحف، وبجوارها عدة كتب مكررة عن «الطب البديل» ومجموعة كتب الشيخ محمد حسان، وتفسير ابن كثير، والرحيق المختوم؛ إضافة إلى أن بعض المكتبات تكون مغلقة بالمفتاح، أى أنها مجرد «زينة».

◄ الأوقاف: 40 ألف كتاب دعما للمكتبات.. و«ركن الطفل» يلقى إقبال الجمهور

وإليكم هذا التحقيق:

يؤكد د. محمد عباس، أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين القاهرة، جامعة الأزهر، أن تفعيل دور مكتبات المساجد مسئولية الجميع حتى يصبح ارتيادها جزءا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع، ولا يمكن لمكتبات المساجد أن تؤدى دورها المنوط بها من التثقيف والتنوير إلا بإعادة إحيائها شكلا ومضمونا لتكون قادرة على جذب أكبر عدد من شرائح المجتمع، وتطوير ثقافته بما يتوافق مع رؤية مصر 2030؛ ويمكن لمكتبات المساجد التابعة لوزارة الأوقاف أن تقوم بدور عظيم فى تثقيف قطاع كبير من أبناء الوطن فمن خلالها يمكن أن تُعقد الندوات الثقافية، التى تناقش قضايا الفرد والمجتمع، واكتشاف مواهب أبنائنا فى القرآن والإنشاد وإلقاء الشعر والخطابة وغيرها وتقديمهم والاعتناء بهم للإفادة منهم فى تنمية المجتمع. وأوضح أنه للنهوض بمكتبات المساجد لابد أن تضم كل فروع الثقافة الإسلامية مع مراجعتها من هيئة كبار العلماء حتى لا تحوى كتبا لا تتوافق مع وسطية الإسلام.

◄ اقرأ أيضًا | الأوقاف: تسليم 50 عاملاً من ذوي الهمم عملهم بالمساجد

ويشير عبد المجيد أحمد عبد اللطيف، مدير عام الكتب والمكتبات بقطاع المعاهد الأزهرية، إلى أن لمكتبات المساجد والجوامع دورًا تثقيفيا وتوعويا مهمًّا جدًّا، وهو تقديم وإتاحة صحيح الدين والعلوم مما يسهم فى تصحيح المفاهيم ومناهضة الغلو والتطرف، وهناك عدة عوامل تمنع المساجد عن أداء دورها، منها: ضعف وعدم تنوع مجموعاتها العلمية والثقافية كمّا وكيفًا، وعدم الاهتمام باتباع الأساليب العلمية فى تصنيف وترتيب وفهرسة هذه المجموعات بشكل يسهل على الرواد الاستفادة منها، وعدم مواكبة الطفرة الهائلة فى استخدام التكنولوجيا الحديثة وشبكة الإنترنت، ولذلك علينا توجيه القائمين على هذه المكتبات لتشجيع رواد المسجد وتوجيههم للاستفادة منها. وأوضح أن الأزهر الشريف لا يألو جهدًا ولا يتوانى فى إمداد هذه المكتبات بما تحتاجه من مجموعات أو إمكانيات مادية أو دعم فنى كما أن العديد من المجموعات الخاصة بجميع قطاعات الأزهر التى تقوم على تأليف وطبع الكتب ونشر المؤلفات العلمية تملأ هذه المكتبات، وأى مسجد تابع للأوقاف أو غير تابع يطلب مساعدة الأزهر يتم إمداده على الفور.

وعن دور المساجد فى التاريخ يقول د. مصطفى حسين، مدرس التاريخ الإسلامى والحضارة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة: مكتبات المساجد كانت النّطفة الأولى التى تولّدت عنها فيما بعد المكتبات المتخصصة بوصفها مؤسسات علمية قائمة بذاتها، ولقد عرف التاريخ الإسلامى المكتبة أول ما عرفها ملحقة بالمسجد الذى كان المؤسسة الدينية العلمية الاجتماعية الثقافية المتكاملة المعنية بحياة المسلم وبتعليمه وتوجيهه علميا وثقافيا.. وقد أدت مكتبات المساجد نشاطها المؤثر فى الحياة، ولم تكن مجرد مخازن للكتب أو رفوف للعرض، بل كانت شريكة للمساجد فى أداء دورها، ومعلوم أن مؤسسة «المدرسة» نشأت فى تاريخ المسلمين ملحقة بالمسجد وتطلبت وجود مكتبة؛ فالمسجد والمدرسة والمكتبة مؤسسات نشأت فى حياة المسلمين لتربية الإنسان المسلم دينيا وعلميا وثقافيًّا.

من جانبه أكد د. عبد الله حسن، المتحدث الرسمي للوزارة، أن الأوقاف أدركت أن بعض المكتبات زرعت فيها التيارات فى السابق، وتحديدًا فى عهد الإخوان، قنابل موقوتة، لذلك كان لزامًا على الوزارة كبح جماح تلك الأفكار داخل المكتبات، فشكل وزير الأوقاف لجنة لمراجعة محتوى جميع المكتبات بجميع المساجد وملحقاتها.. وأضاف أن المساجد استعادت رونقها بعودة الأنشطة إلى أروقتها، ومن بين تلك الأنشطة المكتبات العامة التابعة للإدارة العامة لمراكز الثقافة الإسلامية والمكتبات بالمساجد الكبرى والبالغ عددها (418) مكتبة، وذلك بعد تزويدها بـ (30947) كتابًا فى الثقافة الإسلامية والعلوم الشرعية والعربية وقضايا التجديد، بالإضافة إلى تزويدها بمجموعات سلسلة (رؤية) للفكر المستنير.

وأوضح أنه قد تم تزويد مكتبات المساجد الكبرى، ولأول مرة، بمجموعة كتب: «ركن الطفل» والبداية كانت فى (150) مكتبة؛ وقد لاقى ركن الأطفال فى مكتبات المساجد تأييدًا وإعجابا شديدًا بالفكرة من أولياء الأمور.