حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: أكتوبر.. ومازالت الدروس مستمرة

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

نصف قرن مر على حرب أكتوبر المجيدة، ومازالت دروسها مستمرة، ومخطئ من يعتقد أنها توارت، فمازلنا نسير بهديها وقوة دفعهابعدة مجالات، ولعل 30 يونيو وتوابعها وما يحدث الآن بسيناء، وأحداث كثيرة بمنطقتنا والعالم، نتاج ودروس حرب أكتوبر.  

ولعل أحد أهم تلك الدروس إقليميا ودوليا فشل نظرية الأمن التى تقوم على بناء قوة هادرة واحتلال أراضى الغير لتأمين داخل الدولة، وهذا ما فعلته إسرائيل التى طورت نظرية أمنها من التخويف والترهيب بأنها مهددة وبحاجة لدعم كبير حصلت عليه بالفعل، ثم طورت تلك النظرية بضرورة احتلال أراضٍ مجاورة للوقوف عند حدود تمثل موانع طبيعية تحول دون مهاجمتها، وهو ما فعلته فى 5 يونيو1967 وأصبحت حدودها قناة السويس وأطراف الجولان ونهر الأردن، ومع حرب الاستنزاف حولت حدودها الجديدة لمناطق هلاك لمن يفكر بمهاجمتها، واستمرت فى سياستها الإدعائية لإقناع العالم بتغولها. 

وفى خضم الزهو الإسرائيلي بنجاح نظريتها الأمنية كان الدرس القوى الذى يجب ألا تنساه بتحطم تلك النظرية على الحائط الصلب لليقين والذكاء الإستراتيجي لقواتنا المسلحة.. وقائدها الأعلى الشهيد أنور السادات، والذى ظهر ذكاؤه فى التوجيه بالحرب وتحديد هدفها بكسر النظرية الإسرائيلية وتحقيق نصر مبين، واختراق الموانع المستحيلة، وكان له ما أراد. 

ولأن إسرائيل تخادع فى فهم ما حدث تحاول الإيهام وببجاحة أنها هُزِمت بداية الحرب فقط، وأن حرب أكتوبر كانت بلا نصر أو هزيمة!!، رغم أن كل النتائج تؤكد النصر المصرى المبين، وباعتراف قادة تل أبيب أنفسهم، ولنراجع تقرير أجرانات عن الحرب، الذى تحاول تل أبيب طمسه ودفنه لتدارى فشلها وهزيمتها، إذن هو النصر المبين بلا أدنى شك، وميلاد جديد للقوة المصرية المفرطة فى الحق والوطنية، وتأكيد على نجاح أحد دهاة العرب والمسلمين طوال تاريخهم، الشهيد السادات، الذى مازال بعض المغيبين والمغرضين يحاولون التقليل مما فعل مع جيشه العظيم ولجوئه للسلام، ولنرى حال دول أخرى الآن رفضت فكره وقتها !!

واستمرارا لدروس أكتوبر، كان ما كان فى 30 يونيو من استعادة الوطن قبل اختطافه، والتركيز وبقوة على أرض الفيروز، أهم خطوط الدفاع عن أمننا القومي، وتبدأ سيناء عصرا من التنمية لم تشهده من قبل، فليست الشجاعة أن تقاتل طوال الوقت، لكن لابد لتلك الشجاعة من دهاء وسياسة وتخطيط يحقق أهدافك وتجنب إراقة دماء أو إنهاك قوى، وتلك قمة الذكاء العسكرى والإستراتيجي، والتنمية الحالية بسيناء أقوى دليل على هذا الذكاء الاستراتيجي، فالتنمية تحمى سيناء، والقوة الحكيمة الواعية تحمى تلك التنمية من أى تفكير فى عدوان. 

الآن يجب أن نعلم أولادنا كيف كان الذكاء المصري بحرب أكتوبر، كيف أصبحت خطة جيشنا لتحرير سيناء واستعادتها على مراحل تكتيكية درسا بكبرى الأكاديميات العسكرية، علموهم أننا مهما انتكسنا لا ننكسر ولا نفقد ثقتنا فى أنفسنا وإيماننا بقوتنا وربنا ووطننا، علموهم أن العثرات ليست نهايات بل أقوى بدايات، وان الصبر والصمت مفتاح كل فرج، عاشت قواتنا المسلحة قادرة شامخة باسلة، وتحيا مصر.