في أروقة السياسة

د. سمير فرج يكتب: الخامس من يونيو 67... ذكرى أليمة في تاريخ مصر

د. سمير فرج
د. سمير فرج

بعد غد، تحل ذكرى الخامس من يونيو 67، أسوأ ذكريات تاريخ مصر الحديث، يوم شنت إسرائيل، فى صباح ذلك اليوم، ضربة جوية ضد المطارات ووسائل الدفاع الجوى المصرى، فدمرتها، وبدأت، بعدها، هجومها البري، على سيناء، من ثلاثة محاور رئيسية؛ المحور الساحلى من غزة والعريش ورفح، والمحور الأوسط حتى ممر الجدى، والمحور الجنوبى من الكونتلا، إلى نخل، إلى ممر متلا، حتى الضفة الشرقية للقناة.

تلك الحرب التى أطلق عليها الغرب اسم «حرب الأيام الستة»، بعدما تمكنت إسرائيل، فى ستة أيام، من احتلال شبه جزيرة سيناء، والضفة الغربية من الأردن، وهضبة الجولان بسوريا.

في هذا اليوم، الحزين، كنت برتبة ملازم أول، وكنت ضمن كتيبة المشاة، فى منطقة كونتيلا، على خط الحدود، على مسافة 1800 متر من برج المراقبة الإسرائيلى، وصدرت لنا الأوامر بالانسحاب إلى نخل، وبعدها إلى ممر متلا، فنفذنا الأمر، بينما الطائرات الإسرائيلية تهاجم قواتنا بلا غطاء جوى. وقبيل ممر متلا أصاب الطيران الإسرائيلى عربتى، فواصلت، ومن معى انسحابنا سيراً على الأقدام، تحت وابل الطائرات الهيلوكوبتر الإسرائيلية، حتى وصلنا إلى الضفة الشرقية لقناة السويس يوم 9 يونيو 67، لنجد أن طيران العدو قد دمر كل الكبارى، على القناة، لمنع عودة قواتنا، فاستخدمنا القوارب المطاطية للمهندسين العسكريين. 

وفى الخامسة من مساء ذلك اليوم، عشنا محنة جديدة؛ فبينما العلم الإسرائيلي مرفوع على الضفة الشرقية للقناة، وقواتنا المسلحة مدمرة فى سيناء، إذا بالرئيس عبدالناصر يخرج على الشعب، معلناً تنحيه عن الحكم، ليزداد المشهد عتمة، إلا أن الشعب المصري العظيم، رفض تنحيه، إدراكاً منه بأن الدفاع عن مصر هو الخيار الأوحد، وأن السبيل لذلك لا يتحقق إلا بتكاتف جميع القوى والتيارات، للتصدى للعدو الإسرائيلى، ومنع قواته من الوصول إلى القاهرة. 

وبدأنا مرحلة جديدة لإعادة تكوين الجيش المصري، وإعادة تنظيمه، وتسليحه، وإنشاء الدفاعات على الضفة الغربية للقناة، تحت قيادة الفريق أول محمد فوزى، الذى تولى وزارة الحربية، بعد هزيمة 67، ومعه الجنرال الذهبى، الفريق عبدالمنعم رياض، رئيساً للأركان. وخلال ست سنوات نجحت مصر فى رفع كفاءة قواتها المسلحة، والتدريب على عبور قناة السويس، وتدمير خط بارليف، حتى حققت أعظم انتصاراتها، فى العصر الحديث، فى السادس من أكتوبر من عام 1973، لتؤكد أن شعبها، وجيشها، قادران، دوماً، على تخطى أقصى الصعاب.