في الشارع المصري

مجدي حجازي يكتب: الفطنة والحكمة

مجدي حجازي
مجدي حجازي

■ بقلم: مجدي حجازي

استوقفنى «بوست» نشرته د. نجوى كامل أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، على صفحتها «فيس بوك» جاء فيه:

(فيما كان يطوف فى السوق، إذ مرّت به امرأة تحمل فوق رأسها جرّةً من فخّارٍ قديم.. فقال لها: ماذا تبيعين يا امرأة؟.. قالت: أبيع السمن، فطلب أن يُعاين البضاعة بنفسه ويراها بعينيه.. وبينما هى تُنزل جرّة السّمن من فوق رأسها، إذ وقعَ منها بعض السمن على ثيابه، هنا غضب الرجل غضباً شديداً وهدّد وتوعّد، ثم قال لها: أعطينى ثمن الثوب الذى أفسدته يا امرأة!.. اعتذرت منه المسكينةُ ولكن دونما جدوى.. هنا سألته عن ثمن الثوب، فقال لها: 1000 درهم.. فقالت له: ومن أين لى بألف درهمٍ ياسيدى؟!، ارحمنى ولا تفضحنى.. وبينما هو يتهدد ويتوعد، إذ أقبل شابٌ عليه ملامح الوقار، فسأل المرأة عن شأنها.. فقصّت عليه الأمر وبيّنته.. قال الفتى للرجلِ: أنا أدفع لك ثمن الثوب، وأخرج ألف درهم وبدأ يعدّها على العلن وأعطاها للرجل.. أخذ النقود وهمّ بالرحيل، ولكن الشاب استوقفه وسأله من جديد: هل أخذت ثمن الثوب؟.. أجاب: نعم.. قال الشاب: فأعطنى الثوب؟.. قال الرجل: ولم؟!.. قال الشاب: أعطيناك ثمنه فأعطنا ثوبنا.. قال الرجل: وأسير عارياً؟!.. قال الشاب: وما شأنى أنا.. قال الرجل: وإن لم أعطك الثوب؟.. قال: تعطينا ثمنه.. قال الرجل: تقصدُ 1000 درهم؟.. قال الشاب: لا، بل الثمن الذى نطلبه؟!.. قال له الرجل: ولكنك دفعت لى ألف درهم منذ قليل!.. فقال الشاب: والآن أريد ثمنه 2000 درهم؟.. فقال له الرجل: ولكنّ هذا كثير!.. قال الشاب: فأعطنا ثوبنا.. قال الرجل: أتريد أن تفضحنى!.. قال الشاب: كما كنت تريد أن تفضح المرأة المسكينة!.. فقال الرجل: هذا ظلم!.. قال الشاب: الآن نتكلم عن الظلم؟!، وما قمت به ألا يسمّى ظلماً، بل هو عين الظلم.. خجل الرجل من فعلته، ودفع المال للشاب كما طلب..  ومن فوره أعلن الشاب على الملأ أن المال هديةٌ للمرأة المسكينة.. نعم إنها الفطنة والحكمة فى التعامل مع الأزمات).. «منقول».  

يعجبنى كثيرًا ما تنشره د. نجوى كامل على صفحتها «فيس بوك»، حيث عبقرية الانتقاء فيما تختاره للنشر، وأجدها ترسى به قيمًا مجتمعية وأخلاقية جديرة بالتقدير، لما تنطوى عليه من تصحيح لمسار العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع، علها تصوب السلوكيات المشينة التى أصبحت تشوه وجه مجتمعنا اليوم، فى زحام المادية الطاغية التى باتت تسيطر على البعض، وللأسف أنهم ليسوا بقليل.. أحيى د. نجوى على تفعيل دورها المجتمعى كأستاذة قديرة للإعلام، وأرى أنها أصابت حين تبنت رؤية حضارية توعوية لنشر القيم الأخلاقية، حيث تهدف إلى استدعاء أصالة الأخلاق فى المجتمع المصرى، وإبراز عظمة التراحم بين أفراده، لتعيد تشكيل ملامح مجتمعنا، حيث إنها أصل الحياة فى مصر، وهى بذلك تقدم القدوة الطيبة فى الفطنة والحكمة. 

حفظ الله المحروسة شعبًا وقيادة، والله غالب على أمره.. وتحيا مصر.