«إعدامْ قلمْ» قصة قصيرة للكاتبة فاطمة مندي

فاطمة مندي
فاطمة مندي

أكتبُ منذ صغري كل ما يختلج في  نفسي.

أوقاتٌ كثيرةٌ تأخذني الكتابة أو القراءة من عالمي إلى ما وراء الحلم والحقيقة، أقرأ بنهمِ الجائعِ الذي لم يأكل طعاماً شهياً لوقت طويل، يقترض هذا العشق عدة ساعات من أوقات راحتي،  بل ونومي.

عندما يحين وقت فراغي أذهب حجرتي ، أختلس الوقت، اغتنم الهدوء،

 تسرقني 

الساعات كثيراً، في صحبة هوايتي، وعشق روحي، ومتنفسي .

ذات مساءٍ كنت أجلسُ في منزلي بمفردي، فكل من في المنزل ذهبوا لحضور عرس أحد أقاربنا .

 يالسعادتي ، هكذا حدثتني نفسي  بشعورٍ يتملكني، وبدوتُ كمن فاز بموعدٍ مع السعادة، بصحبةِ عشيقته، كنت أتراقصُ علي نغمات فرقعة أصابعي كالرقصة الأسبانية الشهيرة (ترن، تا، ترن، تا)

 ولكنها كتبي وأقلامي ودفاتري، سوف أنهلُ من الكتابة والقراءة دون مقاطعة أحدهم.

فتحت اللابَ خاصتي علي المواقع الأدبية التي أرتادها دائما؛ كي أُشبِعَ منها فضولي ونهمي في حب القراءة والكتابة للقصص، شدتني عدة مواضيع بعضها دون المستوى، وبعضها جيد.

عندما وقعت عيني علي هذا الموضوع، أرجأته قليلاً؛ لأنه تعرض لعدة انتقادات لاذعة، ووجب عليَّ قراءتُه قراءةٍ متأنيةٍ، ذهبت لإعداد فنجال من القهوة؛ كي تكتمل سعادتي من البُن الذي اعتدت علي  شرائه، من محل  مخصوص لعمل البُن المحمص الطازج المحوج.

وكم تكون سعادتي عندما أذهبُ لشرائه ؛ لأنني استنشق رائحة تحميصه التي أعشقُها، بل وأتلذذُ باستنشاقِها ؛ وهذا لأنني من عشاق القهوة.

 كثيراً من الأوقات أحدث نفسي معاتب إياها في همس عن سبب ذهابي لشراء البن من ذاك المحل البعيد وبجواري عدة محلات. 

أعددت لنفسي ذلك الفنجالَ الشهي، جلست أتفحص بعض التعليقاتُ علي النص المطروح للنقد مع كل رشفةٍ ، كعادتي أحب الاستماع لجميع الآراء ، هالني ما قرأت، لقد سُنت بعض الأقلام لتشريح النص بكلمات حادة وأسنان مسنونة كالسيوف، أراقوا دماء النص، قليل من الأقلام هم من أشادوا بحال هذا النص، قررت أخير عندما قتلني الفضول أن أرْجع إلى قراءة النص؛ من أجل التحقق والوقوف علي أعتاب الحقيقة؛ لكي أكون حكم عدل بين هذه الأقلام والنص  موضوع النقد،

وعندما بدأت في قراءة كلمات الشطر الأول صدمتني هذه الكلمات، أحسست بأن سخونة قد سرت في جسدي، خرجت الي الردهة، الي الشرفة أتنفس بعض الهواء، أمسكت براحتيَّ سور الشرفةِ ونظرت بعيداً دون التركيز علي شيء محدد،  وجدتني أهذي بكلمات غير مفهومة، أضحك ضحكاً هستيرياً، أمسك السور جيداً وأندفع للأمام ثم للخلف وكأنني أحد المنشدين في حلقة ذكر، اجلس على المقعد ثم اقف،

رجعت ادراجي، جلست علي فراشي، وضعت رأسي بين كفي، وسندتها على ركبتي، وبدأت أجهش بالبكاء كطفلٌ صغير،