فى الصميم

ماذا بعد استهداف موسكو

جلال عارف
جلال عارف

لاشك أن استهداف مبنى الرئاسة فى موسكو "الكرملين" بالطائرات المسيرة قبل نحو شهر كان نقطة تحول خطيرة فى الحرب الأوكرانية. بعدها زادت الجرأة فى اختراق الحدود الروسية براً بهجمات محدودة العدد، وجواً بالطائرات المسيرة أول أمس "الثلاثاء" كان هناك هجوم غير مسبوق من ثمانى مسيرات تم إسقاطها جميعاً وإن كان الهجوم قد أصاب بعض المبانى السكنية وجرح شخصين كما قال الروس الذين اتهموا أوكرانيا بالقيام بالهجوم، وحملوا المسئولية للغرب، فى حين نفى مسئولون أوكرانيون ـ كالعادة ـ صلتهم بما حدث ـ إن كانوا على حد قولهم ـ قد استمتعوا بمتابعته!! 

عسكريا.. لا نتائج كبيرة للهجمات المسيرة على موسكو، لكن الآثار المعنوية كبيرة على سكان العاصمة الروسية الذين كانوا يظنون أن عاصمتهم التاريخية محصنة بما يكفى لردع الجميع. ورغم الرد القاسى الذى يستهدف العاصمة الأوكرانية بالصواريخ والطائرات، فإن استعادة قوة الردع الروسية تواجه تحديات كبيرة مع توقع ازدياد دور المسيرات من الجانبين لتكون التطور الأكبر فى ربيع قد يتحول إلى "ربيع المسيرات"!!

الطائرات المسيرة قد تعوض أوكرانيا عن تأخر وصول طلباتها الكثيرة من الطائرات والمدرعات ومن الذخيرة التى تشكو دول الغرب من أنها تسرف فى استخدامها بلا مبرر!! وهى بالنسبة للطرفين سلاح رخيص وغير مكلف بشرياً أو مادياً ولا تحتاج لإجراءات معقدة لتصل إلى أوكرانيا بالذات كما حدث مع المدرعات وطائرات الفانتوم.. لكن ماذا عن الآثار المترتبة عن استهداف موسكو والرد عليه؟

أمريكا أوضحت بسرعة أنها لا تؤيد الهجمات داخل روسيا وإن كانت قد حملّت مسئولية الحرب كلها لروسيا، وأكدت واشنطون أنها تزود أوكرانيا بالسلاح والتدريب لاستعادة أراضيها فقط. وقد سبق للرئيس بايدن أن صرح بأن أوكرانيا تعهدت بعدم استخدام الطائرات الأمريكية للهجوم خارج أراضيها، وأن هذا كان وراء الموافقة على مدها بطائرات الفانتوم ذات القدرات الكبيرة.

ولاشك أن أمريكا وروسيا والحلفاء فى "الناتو" لا يريدون جميعاً صداماً مباشراً، لكن.. ماذا بعد استهداف المبانى السكنية والكرملين فى موسكو؟ وهل يقتصر الأمر على مسيرات صغيرة يتم إسقاطها؟ وماذا إذا ذهبت "الفانتوم" إلى هناك رغم التعهدات؟ وهل سيظل رد الفعل الروسى محصوراً داخل أوكرانيا.. وإلى متى؟!