فى الصميم

القتل بالقطاعى.. والاستيطان بالجملة!!

جلال عارف
جلال عارف

الأخطر من المجازر التى ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين فى القدس والضفة أو فى غزة بين فترة وأخرى، هو أن يتحول القتل والاعتقال وهدم منازل الفلسطينيين إلى سلوك يومى يعتاد عليه العالم ويقابله بالصمت اللعين!!

استباحة الأرض الفلسطينية المحتلة مستمرة بلا توقف، حصيلة يوم الاثنين أول أمس فقط كانت استشهاد ضابط مخابرات فلسطينى تابع للسلطة الفلسطينية وإصابة سبعة بالرصاص الإسرائيلى واعتقال خمسة عشر فى الضفة، ولم نسمع حتى عبارة إدانة أو استنكار من دول مازالت تدعم إسرائيل بالسلاح والمال والمساندة السياسية والشراكة فى الديموقراطية التى تعرف كيف تتسامح حين تكون الجرائم ضد الإنسانية من صناعة إسرائيلية!!.

لم تعد إسرائيل ـ فى ظل حكومة عصابات اليمين المتطرف ـ تخفى أهدافها. على الملأ يعلن أهم وزرائها (بن غفير ومسيمو تريتش) أنه لا مكان للفلسطينيين فى أرضهم، وأن مصيرهم القتل أو التهجير أو القبول بأن يكونوا لاجئين فى أرضهم الفلسطينية أو المحتلة (!!).. وبدون أى محاولة للتخفى يؤكد نتنياهو أن الاستيطان لن يتوقف فى الأرض المحتلة، وترصد حكومة عصابات اليمين المتطرف فى الميزانية الجديدة، مليار دولار لتعزيز الاستيطان وتحويل البؤر الاستيطانية غير القانونية (حتى بمعايير إسرائيل نفسها) إلى مستوطنات تحظى بكل الدعم والرعاية من حكومة ترى فى كل من يعارض الاستيطان وسرقة الأوطان إرهابياً لابد أن تطارده ميليشيات المستوطنين أو جنود الاحتلال.. ولا فرق بين الإثنين!!.

بناء المستوطنات فى الأرض الفلسطينية المحتلة جريمة وفقاً لكل القوانين الدولية. وقتل الفلسطينيين أصبح جريمة أخرى تتم يومياً برصاص إسرائيلى. وكذلك الاعتداء على المقدسات ومحاولة تهويدها، وأصل البلاء يبقى هو الاحتلال الذى يمثل الجريمة الأولى والمستمرة.. ومع كل ذلك يبقى الصمت الدولى سيد الموقف، وتبقى بيانات الاستنكار وطلب الهدوء جاهزة عندما تتجاوز الجرائم كل الحدود..

ولا شىء بعد ذلك إلا العودة للصمت والتهرب من إجابة السؤال الطبيعى: وأين العقوبات الدولية على هذه الجرائم؟! وكيف تواصل دول كبرى تقديم المساعدات لإسرائيل ليتم إنفاقها فى بناء المستوطنات التى تعترف هذه الدول أنها غير قانونية وغير مشروعة؟!.

لم يعد مجدياً تكرار الحديث عن «المعايير المزدوجة».. لكن ما ينبغى أن يكون واضحاً أنه لا جريمة بلا عقاب، وأن من يساعد إسرائيل على الإفلات من العقاب أو يمد لها يد المساعدة لتواصل ارتكاب جرائمها، عليه أن يكون مستعداً لأن يدفع ثمن ذلك من مصالحه ومن سمعته كمدافع عن الحرية والعدل.. أو ما تبقى منها وهو قليل!!.