هروب لاعب المصارعة «بغدودة»، ليس حدثا فريدا فى حياتنا الرياضية سبقه لاعبون آخرون فى ألعاب عديدة.. من الأثقال إلى الكرة وحتى الاسكواش، حملوا جنسيات دول أخرى ولعبوا دوليا باسمها. ومع ذلك فإن الهروب الأخير وما اثاره من ضجيج إعلامى واهتمام بمعالجة الأمر، يفتح الباب لطرح القضية من جديد، ويكشف بلا شك - عن واقع غير صحى فى العديد من الاتحادات الرياضية، ويوجه الأنظار إلى الحاجة إلى إصلاح ضرورى خاصة فى الألعاب المظلومة التى هي- للمفارقة الشديدة- الألعاب التى تمنحنا التمثيل الدولى المشرف والميداليات الأوليمبية والتى ترفع أعلام مصر فى المحافل الرياضية العالمية رغم محدودية الامكانيات المادية والفنية، وغياب الإدارة العلمية فى أحيان كثيرة، وبينما تذهب الأضواء إلى من لا يستحق ولا يحقق شيئا!!
ربما تكون الأوضاع قد تحسنت بعض الشىء بالنسبة لأبطال ألعابنا المظلومة فى السنوات الأخيرة، لكن الطريق مازال طويلا، والمسافة بعيدة بين الواقع وبين ما ينبغي. هناك الآن مكافآت مجزية نسبيا لأصحاب الميداليات الأوليمبية وأبطال العالم ورعاية مستمرة ماديا وفنيا. لكن الطريق حتى الوصول لذلك هو المهم، والرعاية للنشء، حتى يعتلوا منصات التتويج تحتاج للكثير الذى لا توفره إلا اتحادات تدير اللعبة بالعلم، ولدينا هنا فى اتحاد كرة اليد الأسوة والمثال الذى ينبغى أو يحتذى إذا أردنا النهوض برياضات أخري، والذى يستحق أكبر الدعم من الدولة ومن المجتمع لأفضل لعبة جماعية عندنا، ولأبطالها الذين حافظوا على مكانتها لسنوات واثبتوا أن التخطيط السليم والإدارة العلمية هى التى تستطيع أن تصل بنا إلى العالمية.
كلنا يعرف أن ثلاثة أرباع اللاعبين فى الدورى الممتاز لكرة القدم لا يصلحون للعب فى هذا المستوي، ومع ذلك يتقاضون مبالغ خرافية إذا قورنت بما يتقضاه أبطال حقيقيون فى ألعاب هى مجال تفوقنا إذا أحسنا إدارتها مثل الأثقال والمصارعة، وإذا امتلكنا خطة حقيقية لرعاية المواهب الرياضية ووفرنا المدربين الأكفاء والإدارة التى لا تعرف إلا الطريق الصحيح.
لابد من تغيير اللوائح والقوانين، وقبلها تغيير المناخ الرياضي، حتى لا نرى اتحادات رياضية تأتى بالتربيطات وتنتهى أمام النيابة العامة، أو مدانة أمام الرأى العام. القضية أكبر من هرب لاعب أو عودته. القضية أن لدينا المواهب، وعلينا أن نبحث عن نظام لرعايتها، وإدارة بالعلم، ومناخ رياضى لا يسمح بأن يطارد المواهب!
