ماير جرجس: كل الخطط التنموية محكوم عليها بالفشل بسبب الزيادة السكانية

الحوار الوطني
الحوار الوطني

قال المهندس ماير جرجس أمين مساعد نقابة مهندسين القاهرة ومستشار حزب مصر أكتوبر لشئون الإسكان والتعمير إن القضية السكانية تعتبر من أكثر القضايا تأثيرًا على شتى النواحي الاقتصادية والسياسية، وإذا واجهت الدولة مشكلات في تناغم التوزيع السكاني أو وجود مشكلات في توضيح الخصائص السكاني في مجتمعها، أصبحت كل الخطط الموضوع للتنمية سواء خطط قصيرة الأجل أو خطط تنموية مستدامة هي في تعداد المحكوم عليها بالفشل.


وأضاف جرجس خلال كلمته في جلسة لجنة القضية السكانية والتي تحمل عنوان "تشخيص الحالة السكانية في مصر وتحسين الخصائص السكانية" ضمن مناقشات المحور المجتمعي في الأسبوع الثاني من انعقاد الحوار الوطني أن القضية السكانية في مصر لها حيثيات وجوانب تختلف عن باقي الدول، حيث أنها مغلفة بموروثات ثقافية واقتصادية، وأيضًا نتيجة لتراكمات تشريعات سابقة، بالإضافة إلى عدم اتخاذ خطط جذرية للحل ملائمة لحجم الزيادة السكانية من قبل صناع القرار في العقود السابقة.


وأوضح أمين مساعد نقابة مهندسين القاهرة أن التعامل مع الأركان الأساسية المتعلقة بالقضية السكانية يجب التأكيد بتوضيح بعض المفاهيم وأهمهم توضيح معنى الكثافة السكانية، وهي عبارة عن مقسوم عدد السكان على المساحة المأهولة بهم، وبتطبيق هذه المعادلة على المجتمع المصري يتضح الآتي: (مقسوم عدد سكان مصر على إجمالي مساحة جمهورية مصر العربية هو 110 نسمة / كم مربع تقريبًا – مقسوم عدد السكان على المساحة العمرانية المأهولة في مصر هو 1700 نسمة / كم مربع متوسط – مقسوم عدد السكان في المناطق الأكثر ازدحامًا في محافظة القاهرة يصلى إلى 35000 نسمة ، كم مربع متوسط).


وأشار إلى أن معدلات الكثافة السكانية في مصر تشير إلى تفاقم توزيع الكثافة السكانية في مصر، وهنا تكمن المشكلة في مصر، حيث عشوائية توزيع الكثافة السكانية على مدار السنوات الماضية والأسباب من وجهة نظر دراسة للوضع العام هي كالآتي: 
أولًا: موروثات ثقافية، حيث تسعى كثير من الأسر لتوفير محل إقامة لأبنائها في أقرب نقطة ممكنة لهم، بإنشاء أسرة جديدة سواء في نفس العقار أو بذات الشارع أو المنطقة أو أقل الفرضيات بذات المحافظة، وهذا يُعد ملئ ذاتي للسكان في نفس المساحة القاطنين بها منذ سنوات.


ثانيًا: موروثات اقتصادية، إذ يُعتبر الاستثمار في القطاع العقاري من أكثر القطاعات الجذب لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة منها والكبيرة، وبناءً على الطلب المتزايد من الأسر في توفير وحدات لأبنائهم يزداد الطلب في نفس الرقعة الضيقة، فتزداد قيمة البيعية لقطعة الأرض والعقار القديم بنسب تتضاعف عن أي زيادة لقطع مماثلة في منطقة جديدة.


ثالثًا: قوانين البناء، لا يمكن اللوم على مشرعين الماضي لانحصار الرؤية وعدم توافر الإحصائيات الكافية التي كانت ربما تعينهم على وضع تشريعات مختلفة لقوانين البناء، ابتداءً من قانون 116 لسنة 1976 وقانون البناء 119 لسنة 2008، حيث شمل كلاهما على نصف فيما يخص الارتفاعات، وهي مرة ونصف من عرض الشارع دون وضع الاعتبارات أن الكثافة السكانية الرأسية ستتحول إلى قنابل عمودية موقوته تعمل على تآكل الخدمات والبنية التحتية للمدينة القديمة، حيث أصبحت قطعة الأرض ذات 500 متر مسطح طبقًا للقانون تحمل كثافة سكانية 160 فردًا.


واقترح جرجس أليات تنفيذية لعلاج الإشكالية تبدأ بالوعي المجتمعي من خلال ترسيخ فكرة اللامركزية للأسرة مع تشجيع الأسر الحديثة على الانتقال إلى المجتمعات أفضل بعوامل جذب للخدمات الصحية والتعليمية لأولادهم في المستقبل، وكذلك التوسع الأفقي العمراني من خلال زيادة ماحة العمرانية فيما لا يقل عن 3 أضعاف المساحة الحالية، وذلك من خلال تضافر جميع الأطراف ووضع تخطيط لتوسعات في الظهير الشرقي والغربي لمحافظات مصر.

واختتم جرجس كلمته مؤكدًا أن الحوار الوطني هو بالفعل الطريق نحو الجمهورية الجديدة، وما سيفرزه من توصيات هي بمثابة روشتة علاجية لكثير من الأمراض الاقتصادية والثقافية المستوطنة في جسد بلادنا الحبيب مع التأكيد على عشوائية توزيع الكثافة السكانية في مصر التي هي أصل معظم المشكلات التي نواجهها في عصرنا الحديث.