..لم يكن وصول الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما إلى البيت الأبيض بواشنطن فى العام 2008أمرًا عاديًا بالنسبة للولايات المتحدة والعالم، ارتبط الحدث غير العادى بأنه الرئيس الأمريكى الأول المنتمى للأمريكان السود، لكن الحقيقة وغير العادى كان وصول رجل يحمل أفكار تيار اليسار المعولم والأخطر أنه يمتلك القوة على تنفيذها.
دفع هذا التيار وعلى رأسه أوباما هذه الأفكار إلى حيز التطبيق لتعم الفوضى فى العالم وكان من نصيب منطقتنا الكثير منها بسبب التحالف الغامض والشرير بين أوباما وإدارته وجماعة الإخوان الفاشية التى أراد فى لحظة جنون أن يسلمها منطقة الشرق الأوسط بالكامل ولكن تصدى الشعوب والقوى الوطنية لهذا التحالف والهجمة الشرسة أوقف هذا الجنون.
لم تكن أجندة هذا التيار وتلك الإدارة الأمريكية متوقفة على صناعة الفوضى بل امتد الأمر إلى محاولة تغيير طبيعة الحياة البشرية ونقل ماهو غير طبيعى وشاذ إلى خانة الحياة العادية، ليفاجأ العالم بألوان علم المثلية الجنسية تغطى جدران البيت الأبيض مع تأييد مطلق من أوباما وإدارته لفرض هذا التوجه المنحرف على المجتمع الأمريكى لدرجة أنه أوصله إلى الجيش الأمريكى.
هناك من رأى أن هذه هى طبيعة تطور الحرية فى المجتمع الأمريكى الذى لا يتوقف عن استهلاك الأفكار الغريبة باسم هذه الحرية حتى لوكانت حرية منحرفة عن الطبيعة البشرية، من ذهب إلى الولايات المتحدة وعاش بها فترة سيدرك تمامًا أن المجتمع الأمريكى هو مجتمع مثله مثل أى مجتمع آخر به نسبة من الخروج عن المألوف ولكن الغالبية العظمى تعيش حياتها الطبيعية بل أن هذا المجتمع لكل من عاش فيه سيدرك أنه أمام مجتمع يحمل قيمًا محافظة إلى درجة بعيدة ويؤسس تدين المواطن الأمريكى العادى لهذه القيم بشكل ملحوظ ويكفى الذهاب إلى ولايات الحزام الأنجليى التى يسكنها ملايين الأمريكان لنرى حجم التناقض بين الأفكار الأوبامية وتياره وبين طبيعة المجتمع.
المتابع للسياسة الأمريكية سواء الداخلية أو الخارجية يلاحظ دائما أن الإدارات الأمريكية المختلفة تتبنى فى بعض الأحيان افكارًا أو ملفات باسم المبادئ والحقيقة هى بعيدة تمامًا عن أى مبادئ وغرضها الرئيسى المصالح وتنفيذ أجندة سياسية خاصة بها وأوضح مثال قريب على ذلك إدارة جورج بوش الابن التى صدعت العالم بأفكار نشر الديمقراطية والحرية وكان كل ذلك يخفى وراءه مطامع استعمارية دفعت ثمنها شعوب العالم وعلى رأسها منطقتنا العربية التى أبتليت بالغزو الأمريكى للعراق مع إدارة بوش ومايسمى بالربيع العربى فى إدارة أوباما .
هناك تفسير سياسى ارتبط بتبنى إدارة أوباما للمثلية الجنسية صحيح فى جزء كبير منه وهو خاص بتطبيق نفس السياسات الاستعمارية الأمريكية لكن بوسائل اجتماعية ، فأغلب دول العالم لا ترى فى المثلية الجنسية أمرًا طبيعيًا أو يمكن تقبله خاصة الدول ذات الجذور الحضارية.
هنا تظهر ألعاب السيرك السياسى الأمريكى فعند الدخول فى أى مفاوضات سياسية أواقتصادية بين الولايات المتحدة وأى دولة ، يبدأ المفاوض الأمريكى فى الحديث عن حرية المثلية أنها نفس نغمة الديمقراطية فى إدارة بوش، بالتأكيد سيقابل هذا الطلب بالرفض من الدولة التى تريد توقيع معاهدة مع الولايات المتحدة بواقع احتياج الكثير من دول العالم الى الولايات المتحدة فهى القوة المهيمنة اقتصاديًا وسياسيًا فى العالم ولكن عند هذا الشرط المنحرف الذى لا يقبله أى مجتمع طبيعى سيكون الرفض.
هنا تبدأ المساومات ولا تكتفى الولايات المتحدة بكل ماتمتلكه من هيمنة ولكنها تريد المزيد ، يمكن للولايات المتحدة التغاضى عن "حريات المثليين" مقابل تقديم تنازلات تخدم المصالح الأمريكية، بهذه اللعبة لم تقدم الولايات أى شيء سوى إبعاد وسيلة ضغط تعلم جيدا أنها لن تتقبلها أى دولة وتحصل على مزيد من المكاسب دون ثمن.
ظل هذا التفسير مقبولا حتى وصول إدارة بايدن ـ هاريس إلى البيت الأبيض وبين أوباما وبايدن كان هناك وقت مستقطع لم يستمر طويلا اسمه دونالد ترامب، تعتبر إدارة بايدن ـ هاريس امتدادا للأوبامية أو اليسار المعولم أو كما يطلق عليه الآن ثقافة الـ woke فجون بايدن كان نائبًا لأوباما وكامالا هاريس هى تلميذة اوباما، الفارق الوحيد أن أوباما تولى مرحلة التأسيس لهذا التيار وتولى بايدن وهاريس التطبيق إلى درجة التوحش والجنون .
تحول ملف "الحرية المثلية " من أداة سياسية إلى أيديولجية جنونية مع بايدن ـ هاريس فأغلب مناصب إدارة بايدن ـ هاريس بها مثليين ومتحولين جنسيًا وغريبى الأطوار وأصبح الهدف الأول لهذه الإدارة المتحولة عن الطبيعة البشرية نشر المثلية الجنسية والتحول الجنسى فى الولايات المتحدة وخارجها ولم يتوقف الأمر على النشر بل وصل إلى الفرض بحيث يصبح الإنسان الطبيعى هو الشاذ والشاذ طبيعى.
مع توالى أيام حكم هذه الإدارة الشاذة فى أهدافها تحول السيرك السياسى الأمريكى المعروف ألعابه إلى مستشفى أمراض عقلية فظهرت معارك الحمامات أو صدور أحكام قضائية تلغى وجود حمامات عامة خاصة بالنساء وأخرى للرجال أو أنشاء حمامات ثالثة لجنس آخر، وفرض حصص مدرسية على أطفال المدارس الابتدائية لتعريفهم بالشذوذ وكيفية التحول الجنسى والقبض على الآباء الذين يعترضون على وجود هذا الانحراف فى مدارس أبنائهم مع العمل على إلغاء تعريف هو أو هى فى اللغة فلا يوجد جنس محدد مع معاقبة كل من يستخدم هذه التعريفات البائدة .!
الكارثة الأكبر أنه عندما أعطت هذه الإدارة الفرصة لغريبى الأطوار وشواذ العقول لينطلقوا فبدأ العنف المسلح تحت رعاية بايدن ـ هاريس فظهرت ميليشيات الجندر المسلحة التى تريد فرض هذا الجنون بالقوة على المجتمع او معاقبة المجتمع لأنه لا يتقبلهم بإطلاق طلقات الرصاص عليه وفى الفترة الأخيرة توالت حوادث إطلاق النار على تلاميذ المدارس وتجمعات النساء من مجانين الجندر بدعوى هدم المجتمع القديم او معاقبته . لم تقف إدارة بادين ـ هاريس أمام هذه الأفعال الإجرامية بحزم بل على العكس أصبح البيت الأبيض وفى حضورالرئيس الأمريكى المقر الدائم للشواذ والمتحولين جنسيًا باسم الحب وتذاع هذه اللقاءات على الهواء مباشرة ولولا انشغال هذه الإدارة المجنونة بمحاولة تدمير روسيا لكانت خطة فرض هذا الانحراف على العالم كله قد بدأت.
تحول هذا الملف من أداة سياسية ووسيلة ضغط إلى هذا الجنون كان بدايته أسباب اجتماعية أمريكية داخلية، خاصة بالطبقة الحاكمة الحالية والمتحكمة اقتصاديًا فرغم أن المجتمع الأمريكى هو مجتمع من المهاجرين إلا أن هؤلاء المهاجرين طبقات بحسب وجودهم على الأراضى الأمريكية بالإضافة لانتمائهم العرقى ، حاليًا يتشكل جزء كبيرمن الطبقة المسيطرة فى الولايات المتحدة من مهاجرين جدد ولاينتمون للكتلة الأكبر من الأمريكيين العاديين سواء البيض او السود ولعل أوضح مثال على ذلك نائبة الرئيس الأمريكى كامالا هاريس وغيرها كثير فى الأوساط السياسية والاقتصادية الأمريكية وخوفًا من تعرض هذه الطبقة لحالة من التنمر أو الاضطهاد كان الأفضل شغل المجتمع بقضية مصنعة وهى حقوق المثليين والمتحولين ليتبعدوا عن طبقتهم لكن هذا الانشغال خرج عن السيطرة وتحول إلى جنون وصراع مرير داخل الولايات المتحدة بين الأغلبية التى تريد مجتمعًا طبيعيًا ومن يريدون حماية أنفسهم بتحويل المجتمع الى مجتمع شاذ فى تركيبته.
كان يمكن لهذا العبث أن يستمر إلا أنه عندما يتكلم الاقتصاد والمصلحة فى الولايات المتحدة يخرس الجميع، فالأزمة الأخيرة من إفلاس عدد من البنوك تكشف تفاصيلها المتعددة حقيقة الصراع ومن ضمنها أن هذه البنوك داعمة ماديًا لمجتمعات المثليين والمتحولين بمباركة الطبقة المسيطرة وفى نفس الوقت كانت هناك قوى أخرى وهى القوى المحافظة أو الطبيعية ولها ايضًا حضور اقتصادى كبير تحاول إنهاء هذا الدعم الاقتصادى وهو مانجحت فيه بحملة الإفلاس تلك وسحب الأموال بمعنى آخر دخلت الحرب بين الطرفين إلى مرحلة تكسير العظام وحرق المصالح.
رغم حرب تكسير العظام تلك والتصاعد العنيف لغضب الرأى العام الأمريكى من هذا الجنون والعبث والذى يمكن ملاحظته على كافة وسائط السوشيال ميديا والتحركات الشعبية إلا أن الطبقة المسيطرة استمرت فى دعم مخططاتها وبالأخص اقتصاديًا عن طريق الشركات الكبرى فكلما تقدم هذه الشركات حوافز لمجتمعات "الميم " كما يطلقون عليها فهى ستنال المساعدة من الطبقة المسيطرة حتى كانت الحقيقة التى لا تقبل التأويل.
استخدم عدد من الشركات الأمريكية بعض المتحولين جنسيًا كوجوه دعائية لمنتجاتهم بتحريض من الطبقة المسيطرة بواقع أن المجتمع الأمريكى متقبل لهذا الجنون أو يجب أن يفرض عليه هذا الجنون وهنا حدثت ثورة "البيرة" ولهذا المنتج استثمارات بمليارات الدولارات داخل الولايات المتحدة .
قررت أكبر شركة امريكية تنتج "البيرة" بل وفى العالم استخدام رجل متحول جنسيًا للدعاية عن منتجاتها وبمجرد ظهورالإعلان وفى ساعات قليلة قرر أغلب الوكلاء المتعاملين فى الولايات الأمريكية مقاطعة منتجها وشن المستهلكون أكبر حملة مقاطعة لمنتجات هذه الشركة لتخسر فى أيام قليلة أرباح تقدربمليارات الدولارات هذا غير فيديوهات المستهلكين على السوشيال ميديا التى تحرق شعارات الحملة الإعلانية وتصور منتجات الشركة مكدسة ولا أحد يقترب منها وتوالت الاستقالات فى مجلس إدارة الشركة مع سيل من الاعتذارات بعد هذه الكارثة ، وبالنسبة للشركات الأخرى التى استخدمت وجوهًا دعائية للمتحولين فسارت فى نفس طريق الاستقالات والخسائر والاعتذارات.
أمام هذه الحقائق الاقتصادية التى تقول بوضوح إن المجتمع الأمريكى رافض لهذا الجنون و استمرار الحرب الشرسة بين اليسار المعولم أو الطبقة المسيطرة حاليا والمحافظين والتى يظهر للعالم جزء يسير منها من خلال المعارك الدعائية بين ترامب وبايدن كان لابد من الوصول إلى حل يحافظ على مصالح الجميع فالأهم هنا المصالح ومليارات الدولارات.
يبدو أن الطرفين توصلا إلى معادلة تحافظ على استمرارية السيرك السياسى الأمريكى دون جنون مع إرضاء الجمهور وحماية مصالحهما نتائج هذه المعادلة هى نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى 2024 وعنوان المعادلة سيكون رون دى سانتيس حاكم فلوريدا المرشح المحتمل للرئاسة أو الرجل الذى سيتولى القسم فى يناير 2025 كرئيس للولايات المتحدة.