المايسترو هانى فرحات: مهرجان الموسيقى العربية مظلوم ! | حوار

المايسترو الشاب هانى فرحات
المايسترو الشاب هانى فرحات

عمر السيد

مهمة وتحد جديد يواجهه المايسترو الشاب هانى فرحات صاحب اللمسات الموسيقية الساحرة فى عالم الوتريات، بعد توليه مسئولية إدارة مهرجان الموسيقى العربية فى دورته الجديدة لهذا العام.. حمل ثقيل وتجربة أكثر من شاقة يحضر لها هانى فرحات الذى يحدثنا خلال السطور التالية عن مشروعه الجديد مع المهرجان، وطموحاته فى الوصول بمستوى دوراته المقبلة إلى العالمية، كما يلقى الضوء على أبرز السلبيات التى عانى منها المهرجان فى السابق، وخطته للتغلب عليها.. وأمور أخرى كثيرة عن مشواره وطموحاته يكشفها فى السطور التالية.

يعد مهرجان الموسيقى العربية الأهم والوحيد على الساحة الغنائية منذ سنوات، ماذا مثل لك اختيارك لإدارة هذا المهرجان ؟

بالطبع هو شرف ومسئولية عظيمة أعتبرها الأكبر والأثقل حملا فى مشوارى الفنى، لذا أتمنى أن اكون جديرًا بتحملها، وأطلب دائما ممن يهنئونى على هذا الترشيح أن يدعو لى بالتوفق أولا، لأن كما ذكرت تحمل مسئولية مهرجان كبير يعد هو الوحيد على الساحة المصرية مثل مهرجان الموسيقي العربية، هو أمر ليس هينا ورسالة عظيمة، أتمنى أن أضيف خلال فترة عملى به ولو جزء بسيط فى دعم وازدهار هذا المهرجان، خاصة وأن آمالى وطموحاتى لهذا المهرجان كبيرة، و واجبى تجاه بلدى وفنى سيكونا الداعم الأكبر لى فى هذه التجربة.

 و كيف جاء ترشيحك؟

علمت أن ترشيحى لهذه المهمة جاء من قبل وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلانى، والحقيقة أننى حينما علمت بهذا الأمر لم أتردد فى قبول هذه المهمة، لأننى أعتبرها بمثابة واجب وطنى تجاه بلدى، ورسالة هدفى الأساسي منها هو أن نقدم سويا مهرجان يليق بمكانة مصر فى المنطقة العربية وفنانيها العظام على مدار تاريخ الفن.

ما تقييمك لمستوى المهرجان فى دوراته السابقة؟

هذا الأمر خارج استطاعتى، خاصة وأننى لست غريبًا عن هذا المهرجان، وأعتبر نفسي أحد أبنائه، نظرًا لكم المشاركات التى قمت بها خلال دوارته بالأعوام الماضية، والتى كانت دوما خلال ليال وفعاليات ذات أهمية بالمهرجان كالافتتاح والختام، و لكن كل ما استطيع فعله أن أوضح ما يمكنني تقديمه  لهذا المهرجان وما أحمله من آمال وطموحات أتمنى تحقيقها خلال فترة عملى به.

ألا يوجد أية سلبيات أو نقاط ضعف لاحظت وجودها؟

بالطبع هناك سلبيات عديدة، أكبرها وأهمها بالنسبة لى – إن أحسنت التعبير- أننا لسنا معترفين بهذا المهرجان بالقدر الكافي الذى يؤهله ويعلي من شأنه بالدرجة المطلوبة، بمعنى أننا جميعًا كمسئولين وجمهور لم نعطى هذا المهرجان حقه فى الدعم والاهتمام، ويمكن الاستدلال على ذلك بعقد مقارنة بسيطة بينه وبين مهرجان القاهرة السينمائى على سبيل المثال من حيث الدعم والاهتمام الإعلامى والجماهيرى، الفارق كبير بالطبع في حين أنه من المفترض أن المهرجانين يمثلان مصر، وأن كلاهما يعد الأبرز والأكبر فى مجاله، وهذه من أهم السلبيات التى يمكن الحديث عنها بالمهرجان، لذا أعطيه قدر كبير من اهتمامى وجهدى أملا فى أن تتغير هذه الصورة بداية من الدورة المقبلة للمهرجان، ذلك لأن هدفى كما ذكرت سابقًا هو النهوض بالمهرجان على كافة المستويات والوصول به إلى مصاف المهرجانات الكبرى بالمنطقة.

وماذا أعددت من خطط ورؤى للدورة المقبلة من المهرجان؟

لدى منهج وفكر معين فى مشروعاتى وأعمالى الفنية بشكل عام، وأعتقد أن أحد أسباب وعوامل اختيارى لهذه المهمة يرجع لهذا الأمر، لذا أعد الجميع أن يشهد المهرجان فى دوراته المقبلة تغيير شامل وجذرى على كافة الأصعدة، لكن هناك أمرين هامين، الأول أن هذا التغيير لن يتحقق كله بين يوم وليلة، وقد لا أتمكن من تنفيذ كل ما أطمح إليه خلال الدورة المقبلة، لكنها ستكون البداية لمشروع مهرجان قوى ومتنوع يليق بتمثيل الأغنية المصرية بشكل أكثر فعالية، الأمر الثانى والأهم أنه مهما تعددت لدى الرؤى والطموحات لن أستطع فعل شئ بمفردى، دون دعم الدولة وأجهزتها، وجهود زملائنا وإخواننا جمهورا وفنانين وإعلاميين، أكررها.. إن أعطينا هذا المهرجان نفس القدر من الاهتمام الذى يناله مهرجان القاهرة السينمائي، أعتقد أننا سنذهب به إلى مكانة أفضل بكثير، وهو هدف لن أتراجع عنه.

لكن ماذا عن خطتك فيما يتعلق بإدارة المهرجان، فعالياته وما يمكن أن تشهده الدورات المقبلة من أفكار ومشروعات؟

هناك أفكار عديدة، أبرزها العمل على اتساع النطاق الجغرافي لفعاليات المهرجان، لتتخطى حدود المحافظات الثلاثة المعروفة بالفعاليات "القاهرة والاسكندرية و دمنهور" لتشمل محافظات أخرى عديدة، ومسارح مختلفة خارج نطاق المسارح التقليدية التابعة لوزارة الثقافة أو الأوبرا، كخطوة أولى تمهيدًا لهدفى الأساسى فى هذا الشأن، وهو أن تنقل فعاليات المهرجان فيما بعد لمناطق أخرى تتميز بها بلادنا عن سائر البلدان العالم كالأماكن السياحية، وهو فى رأيى خير استغلال لمصدرين من أهم مصادر قوتنا وتميزنا بين الأمم، وهما "الموروث الفنى والسياحى أو الأثرى"، هذا بالإضافة إلى أفكار أخرى عديدة لا يمكننى الحديث عنها حاليا، لأنها مازالت فى حيز الدراسة بين يدى الجهات المختصة للوصول لقرار بشأن إمكانية تنفيذها من عدمه.

هل يتعامل "الموسيقى العربية" كمهرجان نخبوي بحكم اهتمامه منذ نشأته بالتراث الموسيقي والعمل على إحيائه ؟

أقدر اهتمام المهرجان بهذا اللون، ورسالته المستمرة منذ نشأته فى احياء أعمال التراث الموسيقي وإعادة تقديمه، لكنى أرفض هذا الفكر، كما أرفض التعامل مع المهرجان على اعتبار أنه مهرجان  يستهدف فئة أو شريحة معينة من متذوقي هذا اللون من الغناء، فى النهاية نحن نقدم مهرجان غنائى، وبالتالى من المفترض أن يشمل ألوان وأنماط ترضى كافة الأذواق، إلى جانب رسالته فى حفظ التراث الموسيقي واحيائه.

هذه الاشكالية كانت مصدر نقد لإدارت المهرجان السابقة، خاصة مع أية محاولات لضم مطربين جدد تصنف أعمالهم خارج دائرة مقدمى التراث أو اللون الطربى بشكل عام..

قاطعنى قائلًا: هذا صحيح وأنا أرفض كل هذه التوجهات والأفكار، نحن نقدم مهرجان يحمل مسمى "الموسيقى العربية" وهذا لايعنى أن يقتصر محتواه فقط على موسيقى التراث.. دعنا من هذه الآراء والتصنيفات التى أعتبرها فى رأيى الشخصى عنصرية صارخة لا أقبل بها فى الفن، لأن موسيقانا الشرقية شهدت العديد من مراحل التطور والحداثة، جميعها و بكل مراحلها على مر العصور من "الكلاسيكي إلى المعاصر" موسيقى عربية.

وللعلم أيضا هذا لايعنى أن يقتصر ما يقدمه المهرجان على تجارب أو إسهامات مصر كبلد عربى فقط فى مجال الموسيقى، وإنما الأصح أن يشمل كل تجارب وإسهامات المنطقة العربية، لأننا لا نقدم مهرجان "مصر للموسيقي العربية"، وإنما نقدم مهرجان يعبر عن المنطقة العربية بأكملها، و تستضيفه مصر بحكم مكانتها وريادتها. وبالمناسبة هذا أيضا أحد المفاهيم التى لابد أن نسعى لتغييرها، خاصة أننى كنت أفاجأ فى دورات سابقة بإنتقاد مشاركات بعض الفنانين العرب، وهو أمر فى غاية الغرابة. كما علينا أن ندرك أهمية الانفتاح واستيعاب كافة الأنماط والألوان وخاصة الشبابية، لأن الشباب والأجيال الجديدة هم شريحة لابد من استهدافها من خلال محتوى المهرجان .

 لكن مؤخرا وتحت مسمى الحداثة ظهرت العديد من الظواهر السلبية على موسيقانا، وبات لها جمهور كبير من الشباب ممن تريد استهدافهم، كيف تحقق هذا الهدف خاصة مع تغير و اختلاف أذواقهم من جراء هذه الظواهر؟

هذا صحيح، ولذلك ليس من الطبيعى أن يقتصر محتوى مهرجان معني بالموسيقى كهذا المهرجان، على فنون وألوان قدم أغلبها فى خمسينيات القرن الماضى، بنفس الأنماط وأساليب العرض والتقديم، وأن أغض النظر عن كل ما طرأ على الموسيقى من ظواهر أغلبها سلبية، وتركت أثر واضح بالفعل على  أذواق الأجيال الجديدة ممن يستمعون لـ "ويجز" وغيره من أبناء جيله.. بالطبع هناك خلل، ولكن فى رأيى أن دورى و واجبى معالجة هذا الخلل، بأن أذهب إليهم أخاطبهم بفكرهم، وأن أسعى لتصحيح مسارهم والارتقاء بأذواقهم، وهذا الأمر يطرح نقطة فى غاية الاهمية، إن كنا نريد حقا الحفاظ على تراثنا وثقافتنا الموسيقية فى مواجهة هذه الظواهر السلبية، علينا أن نذهب للأجيال الجديدة، ونبحث سبل تقديم ذلك التراث لهم بالشكل والنمط الذى اعتادوا سماعه. وهذه أيضا من ضمن الأمور التى اقترحت تطبيقها ضمن المؤتمر العلمى للمهرجان، والذى سيشهد توسعا فى دراسة كافة المتغيرات التى طرأت على الساحة الموسيقية، وإيجاد حلول واضحة وممنهجة لمواجهة كل ما هو سلبى منها، كما نبحث إمكانية فتح جلسات المؤتمر للحضور أمام الجمهور، كى نضمن قدر أكبر وأكثر فاعلية فى التوعية والتفاعل مع الجمهور، كما نسعى أن تضم جلسات المؤتمر أيضا عدد من الندوات التثقيفية للجمهور وخاصة الشباب، ولذلك ستحمل الدورة الجديدة من المهرجان هذا العام عنوان "التأثير والتأثر".

 مصادر الدعم والتمويل كانت من أهم المعوقات التى تحدثت عنها مسئولي المهرجان فى السابق.. ماذا أعددت بهذا الشأن؟

بالطبع التمويل الدائم والمستقر شرط رئيسي  لنجاح أى مشروع ثقافى أو فنى، وللأسف هذه من أبرز المشكلات التى كان يعانى منها المهرجان خلال دوراته السابقة، وبشكل مؤسف، ولذا لدى خطة واضحه لاستهداف أكبر قدر من الرعاة لفعاليات وحفلات المهرجان، وبالفعل بدأنا فى تنفيذها أملا فى أن تشهد الدورة المقبلة بداية وخطوة أولى فى التغلب على هذه المشكلة.

 خلال مشوارك الموسيقي رافقت العديد من كبار نجوم الساحة الغنائية، من منهم تعتبره شريك نجاح خلال هذا المشوار؟

أجاب مبتسما.. كنت سعيد الحظ منذ بداياتي فى التعامل مع نجوما كبار فى عالم الأغنية، إنطلاقتي الأولى كانت مع النجم عمرو دياب، وهى خطوة لا تُستهان وبداية لم أكن أحلم بها، ثم جاء بعد ذلك تعاونى مع النجمة أنغام ومن بعدها سميرة سعيد، وفى الخليج محمد عبده ورابح صقر، ونجوم كثر.. الحقيقة جميعهم أصحاب فضل ولهم دور كبير فى مشوارى، حتى إننى اعتبارهم جميعا شركاء فى هذا المشوار.

ومن منهم كنت أكثر تأثرا بتجربته ومشواره الفنى؟

النجمة الكبيرة أنغام، وهذا لعدة أسباب أولها مشوارها المليئ بالثراء والتنوع، إلى جانب أننى أشعر دائما بأن بيننا حالة أشبه بـ"التوأمة الفنية"، وهو ما قد يبدو من خلال تجاربنا سويا، والتى عادة ما تحمل طابع ومذاق مختلف سواء من الناحية الفنية أو على مستوى النجاح وردود الأفعال.

تجمعك بأنغام علاقة صداقة امتدت لسنوات ومنذ الدراسة، هل ساهم ذلك بشكل أو بآخر فى خلق هذه الحالة التى تحدثت عنها؟

بالطبع فنحن زملاء منذ الطفولة، إلى جانب أن هناك أشياء عديدة مشتركة بيننا، منها الدراسة والاهتمامات الثقافية، كذلك نفس الذوق والميول الموسيقية.

وما هى أبرز المواقف التى جمعتكما خلال تلك الفترة ؟

أجاب ضاحكا: "ما كناش بنطيق بعض خالص"، وهذه من المفارقات التى لا يمكن أن يصدقها أى شخص مدرك لطبيعة العلاقة وقدر التفاهم المتبادل بيننا الان، والسبب فى ذلك أننى كنت أحسبها فتاة مغرورة متكبرة بسبب أنها خلال هذه الفترة كانت متحفظة بدرجة كبيرة فى تعاملاتها مع من حولها، وهى كذلك كانت ترانى شخص لا يطاق، ولأننا شخصين خجولين تأخر الحديث بيننا لفترة حتى ترسخ هذا الانطباع لدى كل منا، لكنه زال بعد أول جلسة تعارف أثناء دراستنا سويًا بأكاديمية الفنون.

أضفت نمط وأسلوب مختلف فى التعامل مع الآلات الوترية فى خلال توزيعاتك الموسيقية التى قدمتها لمطربين كثر وأبرزهم انغام، ما سر ارتباطك وعشقك لهذه الآلات على وجه التحديد؟ 

بداية ارتباطي بالوتريات جاءت فى سن مبكر، وتحديدا فى السادسة من عمرى، كنت عاشق لآلة الكمان، وبدأت فى دراستها وتعلم العزف عليها فى هذه المرحلة، إضافة إلى أننى كنت شغوف بالأعمال الكلاسيكية، ولذا كان لدى حلم ومشروع منذ صغرى وهو نقل ثقافة الأعمال الكلاسيكية ونشرها لأقصى مدى، وهو ما انعكس بطبيعة الحال على هويتى وأسلوبى فى التعامل مع الآلات الوترية خلال الأعمال التى قدمتها، وهو ما ساهم بشكل كبير فى إقبال العديد من المطربين على التعاون معى منذ بداياتي.   

نقلا من عدد أخبار النجوم بتاريخ 18/5/2023

اقرأ أيضًا : بعد توليه إدارة مهرجان الموسيقى العربية.. من هو المايسترو هاني فرحات؟