روايتان عن الثروة والفروق الطبقية تقتسمان جائزة بوليتزر

إيرنان دياث و باربرا كينجسولفر
إيرنان دياث و باربرا كينجسولفر

أُعلِنت قوائم جوائز بوليتزر الأمريكية لهذا العام حصول كل من باربرا كينجسولفر، عن روايتها «ديمون كوبرهيد»، وإيرنان دياث، عن روايته «ثروة»، على الجائزة فى فئة الرواية، مناصفة، وهى سابقة تحدث لأول مرة فى  تاريخ الجائزة، تم تقديم الروايتين الفائزتين بالجائزة من قبل لجنة التحكيم كروايتين واعيتين بالفروق الطبقية.

يكشف دياث فى روايته «ثروة» أسرار تكَوُن الثروات الأمريكية فى  أوائل القرن العشرين، ويشرح بالتفصيل الصعود المذهل لمُمول من نيويورك والدور الغامض لزوجته، من خلال أربع وجهات نظر سردية متداخلة: رواية ميلودرامية عن زواجه؛ مسودة غير مكتملة من سيرته الذاتية، والسعى  لتصحيح الرواية السابقة؛ ذكريات امرأة وُظِفَت لمساعدته فى  كتابة مذكراته وأخيرًا، يوميات خلَّفَتها زوجته. يعيد دياث توجيه السرد ويقلب توقعات القراء، مع حضور قوى  لأدباء كبار كهنرى  جيمس وخورخى  لويس بورخيس.

اقرأ ايضاً| د.هيثم الحاج على يكتب: آدم الأول رفض الجاهز وفخ الاحتمالات

ولكن أى  نسخة من الأحداث يمكننا الوثوق بها؟ سلط دياث الضوء على القصص وراء القصص والأعمال الخفية وراء الرأسمالية، بالإضافة إلى الشخصيات غير المعترف بها وراء من يطلق عليهم «الرجال العظماء»، وهو مسعىً لافت.

وبرغم أنها قد تبدو «معقدة بشكل مُنَفِر»، إلا أن الناقد رون تشارلز كتب فى  مراجعته للرواية أنها «أُحجية بديعة لا تقاوَم» وتأمل فى  الكيفية التى  يُكَوِن بها الرجال صورهم الذاتية عن طريق وأد جهود الآخرين فى  حياتهم. وُصِفَت «ثروة» بأنها «رواية مبتكرة وجذابة تدور أحداثها فى  أمريكا القديمة وتستكشف ثروة العائلة وطموحها، كما تطرح رؤية معقدة للحب والسُلطة فى  بلد تتسيده الرأسمالية». 

وقد فازت «ثروة» بجائزة كيركوس للأدب، وأُدرِجت ضمن القائمة الطويلة لجائزة بوكر وظهرت ضمن قوائم نيويورك تايمز وواشنطن بوست كأحد أفضل الكتب لعام 2022.

كما أعلن تشارلز أيضًا أن «ديمون كوبرهيد» هى  روايته المفضلة لعام 2022، واصفًا إياها بأنها «أجزاء متساوية من المرح والحُزن»، وأضاف: «لم تقم كينجسولفر بإلباس شخصيات ديكنز ملابس حديثة وإعادة توطينهم فى  جنوب أبالاتشى  فحسب، بل أعادت صياغة القصة وتضفيرها فى  نسيج الحياة المعاصرة»، وبذلك قدمت رؤية دقيقة ومثيرة وحادة لأزمة المواد الأفيونية ونظام الرعاية البديلة والتشوهات الأخلاقية الأخرى فى  هذا البلد الغنى  جدًا:

مثل ديكنز، تحمِلُ كينجسلوفر توجهات سياسية واضحة، وقدمت رؤيتها لكل ما يدُب على هذه الأرض، بسحرٍ وافر. وأشار إلى ميل كينجسولفر البالغة من العمر 68 عامًا الدائم لنسج القضايا الاجتماعية فى  رواياتها، والتى  تشمل أيضًا «أشجار البازلاء»، و«إنجيل الغابة المسمومة» كما أسهمت فى  إنشاء جائزة PEN / Bellwether للأدب الاجتماعى.

وفى تصريحاتها يوم الاثنين، ذكرت الكاتبة أنها تعتبر بوليتزر ليست فقط اعترافًا  بروايتها، بل جزءاً من البلاد يساء فهمه ويتم تجاهله. عاشت كينجسولفر فى  منطقة ابالاتشيا منذ زمنٍ طويل وتسكن حاليًا فى  مزرعة جنوب غرب ولاية فرجينيا، وتدور أحداث روايتها بالقرب من هذه المنطقة.

رواية كينجسولفر هى  تنويع حديث على الرواية الكلاسيكية «ديفيد كوبرفيلد» لتشارلز ديكنز، باتباع بنية سردية مماثلة. تتطرق القصة لحياة راوى  القصة، ديمون، وهو صبى  صغير يُثابر أثناء نشأته فى  جنوب أبالاتشى  فى  أثناء أزمة انتشار المواد الأفيونية فى  الولايات المتحدة.

وقد وصف المحكمون رواية كينجسولفر بأنها «قوية وبارعة» فى  مناقشتها للفقر والإدمان ونزع الملكية من القرويين والفشل المؤسسى والانهيار الأخلاقى  وإن احتفظت بتركيزها الأكبر على مسألة تكوين وعى  الفنان بشكل مباشر واختارت أوبرا وينفرى  فى  الخريف الماضى  «ديمون كوبرهيد»، للنقاش فى  نادى  الكتاب الخاص بها وظهرت الرواية ضمن تصنيفات صحيفة واشنطن بوست كأفضل إصدار لعام 2022. ذكرت كينجسولفر: «كتبتُ هذا الكتاب لمواطنيّ لأننا غير مرئيين بالنسبة لبقية العالم، وبالتالى  يُساء تمثيلنا باستمرار. لهذا السبب، أنا سعيدة للغاية بشأن بوليتزر».

وفي حين تلقى دياث الأخبار فى  ساوث كارولينا، إحدى محطات جولته الترويجية الحالية للرواية. ورُغم وصوله إلى القائمة القصيرة لبوليتزر من قبل عن روايته الأولى «فى  البعد»، ذكر دياث أنه لم يكن يتوقع الفوز. وأضاف: «إننى  أكتب منذ كنتُ طفلاً»، وأنه كتب روايات ومجموعات قصصية «رُفضت بحماس عالمى»، «أردت التحدث عن عملية تراكم الثروة نفسها، وتناول قضايا الطبقة والمال، وكيف يتم تكوين الثروة فعلًا».

أشار دياث، إلى التقارب بين روايتيه هو وكنجسوفر فى الموضوع، أو الفئة، لكن من وجهات نظر مختلفة. تُصوِر رواية «ديمون كوبرهيد» الحياة على الطرف الأدنى من الفجوة الشاسعة بين الأغنياء والفقراء. بينما تستكشف «ثروة»، كيف نشأت هذه الفجوة بدءاً برواية داخل رواية عن مموِل وابنته.

كما كتب رون تشارلز فى  ذا بوست، أن كارل فيليبس، الذى  وصل إلى نهائيات الجائزة الوطنية للكتاب أربع مرات، والحائز على جائزة البوليتز فى  فئة الشعر لهذا العام عن مجموعته «إنها الحرب إذن: وقصائد مختارة، 2007-2020»، يجمع فى  أعماله بين الجمال والبصيرة فى  سطور مدهشة من الناحية التركيبية، تكافئ دومًا تأملاته المتأنية».

وبجانب فئتى  الرواية والشعر، ضمت فئات الجائزة للكتب حزمة من العناوين القوية. فاز فى  فئة الكتاب غير الروائى: كتاب «اسمه جورج فلويد: حياة رجل والنضال من أجل العدالة العرقية» لروبرت صامويلز وتولوز أولورونيبا. وفى  فئة المذكرات، فاز كتاب «ابقَ على حقيقتك» لهوا هسو، وفى  فئة الكتاب التاريخى، فاز جيفرسون كوى  عن كتابه «سيادة الحرية: ملحمة المقاومة البيضاء للسلطة الفيدرالية»، بينما نال الجائزة فى  فئة السيرة كتاب: «جى  مان: جيه. إدغار هوفر وصناعة القرن الأمريكى  ،» لبيفرلى  جايج.