الذكاء الاصطناعي في الموسيقى.. إبداع أم انتهاك لحقوق الملكية؟

صورة موضوعية
صورة موضوعية

قبل فترة ليست بالقصيرة دخلت انظمة الذكاء الاصطناعي غرف الأخبار لتحرير القصص والتقارير الإعلامية، وكما ظهرت قدراتها على هزيمة أمهر اللاعبين المحترفين فى البوكر والشطرنج، جاء الدور الآن على دخولها فى مجال الإبداع والتأليف الموسيقى، وهو المجال الذى ظل طويلاً حكراً على البشر لاعتماده الأساسي على فكرة الابتكار الخلاق.. القفزة الجديدة فى هذا المجال جاءت مع إعلان معمل OpenAI المتطور لأبحاث الذكاء الاصطناعي، والذى أسهم فى تأسيسه رجل أعمال التكنولوجيا الشهير، «إيلون ماسك»، عن إطلاق نظام حمل اسم Jukebox، وأصبح قادراً للمرة الأولى فى التاريخ على توليد أغنيات كاملة بمجرد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة فهل أصبح دخول الذكاء الإصطناعي مجال الموسيقى.. ثورة ابداعية أم انتهاكا لحقوق الملكية الفكرية ؟

البداية كانت عن نجوم الغناء فى العالم الذين خاضوا التجربة منذ عدة شهور ولكن المطربين العرب اقتحموا المجال مؤخرا وبدأت المنافسة بينهم كان أخرهم المطرب والملحن عمرو مصطفى الذى فاجأ جمهوره باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي لتلحين سيدة الشرق أم كلثوم حيث شارك «عمرو» جمهوره بصورة له برفقة أم كلثوم عبر حسابه الرسمى بموقع تبادل الصور والفيديوهات الشهير «انستجرام»، وأرفق بالصورة بتعليق قائلًا: «على مدار ٢٤ سنة قدمت العديد من الألحان لنجوم الوطن العربي، ومؤخرًا ومع تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى حبيت أسمع لو كوكب الشرق السيدة أم كلثوم غنت من ألحان عمرو مصطفى هيكون ايه الناتج؟!.. تعالو نسمع سوا صوت كوكب الشرق أم كلثوم، ألحان عمرو مصطفى، وقريبًا هتسمعوا الأغنية كاملة ».

فى أول رد فعل على تصريح عمرو مصطفى أكد المنتج محسن جابر، أنه لا يجرؤ أحد بمن فيهم الفنان عمرو مصطفى -رغم علاقتى الوطيدة به- أن يستخدم الذكاء الاصطناعي، لاستحضار صوت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، أو استعمال اسمها وصورتها فهناك حقوق أدبية أبدية غير قابلة للتقادم.

اقرأ أيضًا | بعد إعلان مقاضاته له.. أول رد من عمرو مصطفي على محسن جابر

◄ محسن جابر: هناك حقوق أدبية أبدية غير قابلة للتقادم

وأضاف المنتج محسن جابر: لايجوز تشويه التراث الخاص بالسيدة أم كلثوم، فى مهاترات إلكترونية، فقد سبق وانتشرت أغنية تستخدم الذكاء الاصطناعى لاستنساخ أصوات المغنيين العالميين دريك وذا ويكند على وسائل التواصل الاجتماعي.

تحاكى أغنية (Heart On My Sleeve)، وعلى الفور قامت مجموعة يونيفرسال الموسيقية إحدى أكبر شركات الموسيقى فى العالم، بإرسال إنذار إلى منصات بث الموسيقى، طلبت منها عدم السماح لبرامج ومنصات الذكاء الصناعى من استخدام منصاتها لأغنيات الذكاء الصناعى وطلبت إزالة الأغنية فورا، وأثارت قضية حقوق الملكية الفكرية، على ضوء تطور الذكاء الاصطناعى، وطالبت الشركة بتعويض مالى كبير.

ويؤكد المنتج محسن جابر أنه الآن بصدد اتخاذ كل الإجراءات القانونية، لإيقاف أى مهزلة أو عبث فى صوت أم كلثوم، فأم كلثوم رمز كبير لايجوز لأحد أن يقوم بنسخه أو تشويهه، أو العبث به.

وتسبب رد الفعل الغاضب للمنتج محسن جابر فى اتخاذ «عمرو مصطفى» قراراً بالتراجع عن فكرته، ولكن بعد أن فتح الباب للتساؤل عن مدى تأثير الذكاء الاصطناعى على الموسيقى.
وكيف يرى صناع الموسيقى فى تلك التقنية وتأثيرها، على صناعة الموسيقي؟

◄ هاني شنودة: لابد من التدخل السريع حتى لا نلحق «بالتوك توك»

البداية كانت مع الملحن هاني شنودة الذى قال: لابد من التدخل السريع فى هذا الأمر، وتعديل قوانين حقوق الملكية الفكرية، فبعد واقعة استخدام صوت أم كلثوم لتقديم أغنية جديدة، علينا ان نتسأل عن حقوقها بعد ان يتم أستخدامها صوتا بعد وفاتها، وحتى الان الذكاء الاصطناعى استخدم سوق صوت المطرب فقط، ولكن من الممكن ان يمتد الى التلحين والتأليف 

ويضيف هاني شنودة : لابد وان تجتمع نقابة الموسيقيين مع الجهات المعنية سواء جمعية المؤلفين والملحنين وشعبة القانون بمجلس الشعب لوضع قوانين تنظم استخدام الذكاء الاصطناعى، والا لو قمنا بترك الامر سيكون مثل «التوك توك» الذى ترك يجوب فى الشوارع وينتشر ثم بحثنا فى وضعه سواء بمنحه التراخيص اللازمة، او سحبه ومنعه.

ويستكمل هانى شنودة: الذكاء الاصطناعي لن يتوقف عند الغناء والموسيقى ولكن سوف يمتد الى كل جوانب الحياة والصناعات مثل المصانع وغيرها، أما فيما يخص الغناء، فمن الممكن ان يستخدم وضع صوت مثل «أم كلثوم» على أغانى لا تتناسب مع قيمتها ونسئ لاسمها ولتاريخ بلدنا، لذا فوضع قوانين تنظم وتقنيه سوف يكون الوضع أسوا مما نتصور، فلابد من ان يكون هناك قانون بمذكرة تفصليه نحتكم اليها.

وأختتم هاني شنودة : لابد ان يمثل كل من يعمل فى الفن فى اجتماعات لبحث هذا الامر، ويتم نشره والاستقرار على صيغة نهائية تنظم الامر، كما لابد وان يتم استخدام علم بصمات الصوت حتى لا يدعى شخص استخدم صوت مطرب بالفعل انه ليس صوته.

الشاعر أحمد حسن راؤول يرى ان استخدام الذكاء الاصطناعى أصبح أمر مخيف ليس على الفن فقط، ولكن فى كل مناحى الحياة، ولعل أخرها الكليب الذى تم تصميمه الى ملك إنجلترا.

وتابع الشاعر أحمد حسن راؤول : اعتقد انه لابد من وضع قانون يجرم كل تلك الأمور، على الرغم من ان الذكاء الاصطناعى من الممكن ان يقوم بفعل أى شيء الا كتابة كلمات أغنية لان فى النهاية يحتاج الى مفردات يبنى عليها. 

ويضيف « راؤول» : من الممكن بعد ذلك ان يمتد الأمر الى إصدار البوم لام كلثوم بأغاني جديدة، ولكن ارى ان الامر خلال الفترة القادمة سوف يتم وضع إطار قانونى له.

إما الفنانة نادية مصطفى عضو مجلس إدارة نقابة المهن الموسيقية فقالت: علينا ان نستخدم المميزات الموجودة فى تقنية الذكاء الاصطناعى والتى لا تؤثر على العنصر البشري، فنحن بحاجة دائماً الى اكتشاف أصوات ومواهب جديدة، ولن نكتفى فقط بالفنانين الكبار الذين تعلمنا منهم الفن والطرب، فلو قمنا بتقديم أغانى جديدة بصوت مطربين قدماْ، فماذا سوف نفعل فى الأصوات الشابة الجديدة.

وتضيف نادية مصطفى : لابد من تقنين التكنولوجيا، ولا تسحبنا الى طريق لا نعرف نهايته، وأعتقد النقابة لابد ان تتكاتف مع كل الجهات المعنية لتقنين الوضع، فاذا كان الأمر سوف يضر بالمهنة علينا ان نتوخى الحذر ونتعامل معها، فالامر لا يقتصر على الفن فقط، فلو امتد الامر لباقى الصناعات سوف يؤثر حياة الجميع.