نتيجة عدم الفحص قبل الزواج.. القتل والتشهير

عروس كفر الشيخ
عروس كفر الشيخ

منى ربيع

  تشويه سمعة «ولاد الناس» ليس بالأمر الهين، خاصة لو كانت هذه السمعة تمس امرأة في شرفها، والأدهى لو ارتكب هذا الفعل زوج قاصدًا به زوجته، ثم تظهر براءة الزوجة بعد ذلك وما ادعاه الزوج ما هو إلا محض افتراء نتيجة لخلل نفسي بداخله؛ للأسف الشديد يظن البعض أن فكرة فحص الشاب والفتاة نفسيًا قبل الزواج يتعارض مع العادات والتقاليد أو خدش للرجولة أو إحراج للفتاة وسط عائلتها؛ لكنه في الواقع هو لضمان تكوين أسرة سعيدة على أسس صحية سليمة تقي المجتمع من ويلات الطلاق الذي يترتب عليه نتائج وخيمة من خراب البيت إلى تشريد الأبناء الذين يدفعون الثمن وحدهم، واحيانا تكون النتيجة لا التشهير بالسمعة فقط وإنما ايضًا القتل، كما رأينا في حادث كفر الشيخ، والسؤال الذي نطرحه في سطور هذا التقرير هو: ماذا يقول رجال القانون واساتذة علم النفس والاجتماع فى تلك القضية الشائكة وحلولها؟!

عروس كفر الشيخ الاتهامات لم تطلها وحدها، بل طالت اسرتها وألحقت بهم العار لمدة ستة أشهر في خلافات مع أسرة زوجها والذين رأوا أن اتهاماته هذه تجعل لهم الحق في ان يستردوا جهازها بالكامل، اسرة العروس وضعوا رؤوسهم في الرمال لحين الانتهاء من الكشف الطبي على فتاتهم التى كانت تحلم ببناء بيت وعيلة، لتجد نفسها تحمل العار لنفسها ولأسرتها لمجرد أن الزوج كانت لديه مشكلة ليلة الدخلة، نفس الأمر يتكرر في محافظة الشرقية ايضا، ليظل السؤال من يدفع ثمن العار والذل والمهانة طوال الايام التى عاشتها كلا منهما وهي تحمل عارًا ليس عارها، ثم اهانة كل منهما بكشف عذرية وهما اللتان يشهدان الجميع لهما في قريتهما بالأخلاق والسيرة الطيبة.

العروستان واسرتهما دفعتا ثمن جهل أزواجهما، حكاية عروس الشرقية وكفر الشيخ تكررت كثيرًا وهناك من قام زوجها بضربها وإهانتها وطردها في منتصف الليالى لتجر أذيال الخيبة، ويضع ذلك سببًا لنهب حقوقها بحجة انها خدعته وعندما تظهر براءتها يحاول الصلح بردها اليه ليرى أن ذلك رد اعتبار لها، وهناك من توافق على العودة، وهناك من ترفض لتتمسك بحقوقها كاملة وتكون النهاية محكمة الأسرة وفي بعض المحافظات يلجأون للأحكام العرفية.

ليلة الدخلة

حكاية عروس كفر الشيخ بدأت منذ عدة أشهر، عندما تقدم لخطبتها احد شباب قريتها وهو يعلم جيدًا انه سبق وتم خطبتها، واتفقت الاسرتان على كافة تفاصيل الزواج وفي غضون عدة أشهر تم الزواج في فرح كبير حضره جميع الأهل والأصدقاء، انتهى حفل الزفاف لتذهب الى منزلها برفقة زوجها واسرته فهي تقيم معهم في بيت العائلة،  ثلاثة ايام عاشت فيه عروس كفر الشيخ مع زوجها والاسرتان ينتظران الزوج الشاب يخرج عليهما بنتيجة ما وصل اليه، وهل عروسه كانت عذراء ام لا؟ّ!

لكن الزوج مصدوم فهو حاول أكثر من مرة، لكنه لم يثبت له أن عروسه عذراء ليشك في أمرها، خافت العروس الشاب من شكوكه، لتطلب منه بكل شجاعة عرضها على طبيب لتوضح له الأمر وليـتأكد من أمرها، وبالفعل اتصلت اسرة العريس بأسرة العروس ليذهبوا سويًا الى الطبيب.

تدخل العروس الشابة غرفة الكشف وكانت الصدمة الثانية لها بعد شك زوجها به، قيام الطبيب بسؤالها عن اذا كانت مخطوبة سابقا ام لا؟!  فأجابته بالإيجاب، لتفاجأ به بعد الكشف عليها ظاهريًا يقول لها اخبرينى بالحقيقة انا سترت على 5 بنات قبلك ومستعد استر عليكى ولن اخبر احدا !

تخاف العروس الشاب لكنها تستجمع قواها وتهاجمه بأنها لم يلمسها احد من قبل، لتفاجأ به يقول لها انها ليست عذراء، وتم هتك عرضها أكثر من عشرين مرة، ويخبر أسرتها وزوجها وأسرته بنفس ما قاله، العروس كادت هي واسرتها يقعون من هول الصدمة، لتقف العروس تدافع عن نفسها وانها من طلبت بتوقيع الكشف عليها ليصطحبها والديها لطبيب آخر ليؤكد لهم ان ابنتهم عذراء وأن غشاء البكارة الخاص بها من النوع المطاطى ليذهب الاب بالتقرير إلى اسرة الزوج ليكون رد حماتها عليه قائلة: عذراء أو ليست عذراء ابنتكم لن تدخل بيتنا مرة اخرى والعريس سوف يطلقها!

الطب الشرعى

ذهب الاب ليأخذ أغراض ابنته وجهازها لكنه لم يجد شيئا، لجأ الاب إلى كبار العائلتين ليعقدوا جلسة عرفية تم فيها توجيه اللوم لأسرة العريس إلا أنهم ألقوا بالاتهامات على العروس الشابة، ولم تكتف اسرة الزوج بذلك بل رفعوا دعوى يطالبون بفسخ عقد الزواج ويتهمون العروس بالتدليس، وانها لم تكن عذراء، لتحيل المحكمة القضية للتحقيق ويتم عرض العروس على الطب الشرعي، اكثر من ستة أشهر العروس تحمل العارهي واسرتها، حتى جاءت نتيجة الطب الشرعي بأن الفتاة عذراء.

لتخرج الفتاة من المحكمة تحمل براءتها رسميًا، ليحتضنها الاب ويرفع رأسه في السماء لتركب خيلا وتجوب به قريتها كاملة وسط زغاريد وتهليل أسرتها مؤكدين انهم عاشوا الفترة الماضية مظلومين، رأسهم في الارض لا يستطيعون ان يتحدثوا مع احد بعد اتهامهم في شرفهم وسمعتهم، مؤكدين انهم سيلجأون للقضاء للحصول على حق ابنتهم.

انتهت قصة فتاة كفر الشيخ، لكن سبقتها عروس الشرقية والذى تم اتهامها نفس الاتهام وحملها والدها فوق عنقه بعد ثبوت براءتها وتبين انها مازالت عذراء.

شرف العروس

وعن الطريق الذى تسلكه الفتاة قانونًا يقول المستشار معتز الدكر؛ إن ماحدث مع فتاة كفر الشيخ لم يكن اول مرة بل حدث قبل ذلك وخصوصًا في القرى والمحافظات لانهم يربطون الشرف ببعض العادات القديمة وهي نزول الدماء من العروس وإذا لم يحدث ذلك فتكون العروس غير عذراء.

ومن هنا يكون اللجوء إلى الاحكام العرفية ليتم عرض العروس على الاطباء أو بلجوء الطرفين للمحكمة، ومن هنا يتم عرض العروس على الطب الشرعى، وإذا ثبت انها مازالت عذراء وغالبًا يكون غشاء البكارة الخاص بالعروس من النوع المطاطي هنا من  حق الفتاة التعويض المادى والادبي والمطالبة بتعويض كبير لما لحق بها من أضرار مادية وأدبية وللأسف انها مشكلة.

 دورات ثقافة جنسية 

وفى نفس السياق تقول دكتورة ايمان عبد الله، استاذ علم النفس والإرشاد الأسرى؛ للأسف تلك المشكلة تكون بسبب ارتفاع نسبة الأمية، والأمر لا يقتصر على أمية القراءة والكتابة، بل أمية الفكر والثقافة والجهل السلوكي النابع من ثقافة المجتمع الشرقي الذي أصبح متوارثا لدى الرجل.

لذلك يجب ان يكون هناك توعية للمقبلين على الزواج، وعرض الزوجين على أطباء نفسيين، وأن تتضمن دورات ثقافة جنسية وعلم نفس وتوعية.

 

 

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ 4/5/2023

اقرأ أيضًا : المشدد 3 سنوات للعامل تاجر الهروين بالشرقية