ناجي أبو مغنم يكتب: عيدي ناقص فرحة 

ناجي أبو مغنم
ناجي أبو مغنم

لا تقل لي عيدًا وأنا لن أرتمي في أحضان أبي وأمي وأقبل رأسهما وأيديهم، لا تحدثني عن فرحة بعيدًا عن دفء الأسرة والأهل والأحباب وموطن الأجداد هناك في سوهاج.


ورغم أني اشتريت من الملابس جديدها، وفرحت بها كالأطفال وعملت على إعدادها وتجهيزها قبل الخلود إلى نومي كما لو أنني ابن العاشرة من عمري، ومع ذلك غابت عني مشاعر العيد.

اقرأ أيضًا| ناجي أبو مغنم يكتب: رمضان في رحاب الأزهر والحسين 


 استيقظت مبكرًا على صياح ديك جارنا الذي يربيه فوق سطوح منزله، فتحت عيناي على حوائط جافة من كل المشاعر تحيط بي من جميع الجوانب، على عكس حوائط بيتنا التي أشعر بابتسامتها كلما نظرت إليها، ربما لأنها شبعانة من حنين أمي وعطف أبي فتوزعه علينا.
هندمت نفسي بعد الدش الدافئ السريع وهرولت باحثًا عن أقرب ساحة حتى أقف بين يدي الله، كان مسجدًا صغيرًا في شارع العشرين بمنطقة فيصل، ولكن اتسع لآلاف الأسر من أحباب الرحمن الذين افترشوا الشارع أمام المسجد بطول نحو كيلو متر، وحتى الطرق المتفرعة امتلأت بالمصلين، وأصحاب المحال التجارية يفرغون كراتين الحلويات ليفتروشها أرضًا في مشهد مبهج وجدت فيه شحنة طاقة إيجابية مجانية.

اقرأ أيضا | ناجي أبو مغنم يكتب: معلمي الأجيال.. عذرًا

جلست بين جموع المصلين بعدما رفعنا سويا تكبيرات العيد حتى حان وقت الصلاة، أديتها ثم انصرفت وسط التهليل والتهنئة والفرحة المرسومة على الوجوه.
عدت إلى سكني القاهري، غيرت جلبابي الصعيدي، بملابس العمل الجديدة كليا، وذهبت إلى بيتي الثاني مؤسسة أخبار اليوم، وجدت الزملاء سبقوني إلى هناك، جاءوا من منازلهم محملين بالكحك والبسكويت وشتى أنواع المخبوزات والحلويات.
أكلنا سويا واستمتعنا بعد أن ضحكنا وتبادلنا النكات والمواقف الطريفة والتقطنا الصور التذكارية، وارتفع صوت ضحكنا فوق أي سكون أو ملل أو ضيق حال.
ولكن يبقى العيد منقوصا وفرحته مجتزئة، رغم أننا في ليلتنا الماضية خرجت مع الصحب والخلان ومضينا على ضفاف نيل نهرنا الخالد في قلب قاهرة المعز، وأخذنا قسطا من الراحة في واحد من الكافيهات المطلة على النيل.

اقرأ أيضا | ناجي أبومغنم يكتب: السوسة واللتات

تأملت في حالي مليا وندمت طويلا، ولكني صبرت نفسي باتصالات عدة مع أبويا وأمي والأقارب وكتبت كلماتي هذه حتى أذهب إليهما ليبدأ العيد الحقيقي عندما تبصرهما عيني.. وكل عام وجميعكم بكل خير وسعادة وسرور وأعاد الله علينا وعلى مصرنا وأمتنا العربية والإسلامية هذه الأيام المباركة وجميعنا في أحسن حال.