صندوق النقد: تراجع أسعار الفائدة يتوقف على قدرة الدولة في السيطرة على التضخم

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

قال صندوق النقد الدولي، أن هناك احتمالات بعودة أسعار الفائدة إلى مستويات ما قبل الجائحة، عقب السيطرة على التضخم.  

أضاف الصندوق، أن توقيت تراجع أسعار الفائدة يتوقف على مدى استمرارية الدين العام، وكيفية تمويل سياسات المناخ، ومدى تفكك العولمة. وأوضح أنه سجلت أسعار الفائدة الحقيقية صعودًا سريعًا مؤخرا نتيجة تشديد السياسة النقدية استجابة لارتفاع التضخم. والسؤال المهم المطروح أمام صناع السياسات، هو ما إذا كانت هذه الطفرة مؤقتة أم انعكاسا جزئيا لعوامل هيكلية.

أسعار الفائدة الحقيقة

منذ منتصف ثمانينات القرن العشرين، سجلت أسعار الفائدة الحقيقية تراجعًا مطردًا في جميع فئات آجال الاستحقاق ومعظم الاقتصادات المتقدمة. وتعكس هذه التغيرات طويلة الأجل في أسعار الفائدة الحقيقية على الأرجح انخفاض سعر الفائدة الطبيعي، أي سعر الفائدة الحقيقي الذي تستقر معه معدلات التضخم عند مستوياتها المستهدفة ويتحقق مستوى التوظيف الكامل في الاقتصاد – دون توسع أو انكماش.

وسعر الفائدة الطبيعي هو نقطة مرجعية تستخدمها البنوك المركزية في قياس موقف السياسة النقدية، وأداة مهمة لأغراض سياسة المالية العامة أيضا. فعادة ما تسدد الحكومات ديونها على مدار عدة عقود، وبالتالي يساعد سعر الفائدة الطبيعي – وهو ركيزة أسعار الفائدة الحقيقية على المدى الطويل – في تحديد تكلفة الاقتراض ومدى قدرة الحكومات على تحمل أعباء الدين العام.

القوى المحركة التاريخية لأسعار الفائدة الطبيعية

من الأسئلة المهمة في سياق تحليل الانخفاضات المتزامنة السابقة في أسعار الفائدة الحقيقية، هو إلى أى مدى كانت مدفوعة بالقوى المحلية مقابل القوى العالمية. فعلى سبيل المثال، هل يؤثر نمو الإنتاجية في الصين وباقي العالم على أسعار الفائدة الحقيقية في الولايات المتحدة؟

يخلص تحليلنا إلى أن القوى العالمية لها دور مهم، لكن صافي تأثيرها على سعر الفائدة الطبيعي ظل محدودا نسبيا. فاقتصادات الأسواق الصاعدة متسارعة النمو كانت بمثابة قوى جاذبة لمدخرات الاقتصادات المتقدمة التي شهدت بالتالي ارتفاعا في أسعار الفائدة الطبيعية نتيجة اتجاه المستثمرين إلى الاستفادة من أسعار العائد الأعلى في الخارج. ولكن نظرا لأن وتيرة تراكم المدخرات في الأسواق الصاعدة كانت أسرع من قدرة هذه البلدان على توفير أصول آمنة وسائلة، أعيد استثمار جزء كبير من هذه المدخرات في السندات الصادرة عن حكومات الاقتصادات المتقدمة - مثل سندات الخزانة الأمريكية - مما أدى إلى تراجع أسعار الفائدة الطبيعية في هذه الاقتصادات، لا سيما منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

ولدراسة هذه المسألة عن قرب، نستخدم نموذجا هيكليا مفصلا لتحديد أهم القوى التي يمكن أن تفسر التحركات المتزامنة في أسعار الفائدة الطبيعية على مدار الأربعين عاما الماضية. وإضافة إلى القوى العالمية المؤثرة على التدفقات الرأسمالية الصافية، توصلنا إلى أن نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج (أي مجموع ما تنتجه جميع مدخلات عوامل الإنتاج في الاقتصاد) والقوى الديمغرافية، مثل التغيرات في معدلات الخصوبة والوفاة أو المدة التي يقضيها الأفراد في فترة التقاعد، من أهم العوامل وراء تراجع أسعار الفائدة الطبيعية.

كذلك أدى تزايد الاحتياجات التمويلية للمالية العامة إلى رفع أسعار الفائدة الحقيقية في بعض البلدان، مثل اليابان والبرازيل. وكان لبعض العوامل الأخرى، مثل تزايد عدم المساواة أو تراجع أنصبة العمالة، دور أيضا، وإن كانت أقل تأثيرا. وتبدو الصورة أكثر تباينا في الأسواق الصاعدة، حيث شهدت بعض البلدان، مثل الهند، ارتفاعا في سعر الفائدة الطبيعي خلال الفترة.


اقرأ أيضا | مطالبة البنك الدولي بتعديلات للإسراع في إعادة هيكلة الديون