وزير الأوقاف: ارحموا تُرحموا فمن لا يَرحم لا يُرحم

محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن ديننا العظيم هو دين الرحمة ونبينا "صلى الله عليه وسلم" هو نبي الرحمة، وربنا "عز وجل" هو الرحمن الرحيم، وفي البسملة التي نقرأها في فواتح سور القرآن الكريم ونتبرك بها في حياتنا كلها.

وتابع الوزير خلال حلقة أسماء الله الحسني التي يقدمها علي قناة المصرية: ونبدأ أعمالنا كلها بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)، وفي سورة الفاتحة التي يقرأها المسلم سبع عشرة مرة في صلاة الفرائض وحدها فضلا عن النوافل ويعاد قراءتها كثيرًا لبركتها نقول كما قال الحق (سبحانه): "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ".

وفرق بعض العلماء بين "الرَّحْمَنِ" و "الرَّحِيمِ" من وجوه، فقال بعضهم "الرَّحْمَنِ" أي: ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة، أما "الرَّحِيمِ" فتعني: ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة، كما في قول الله (عز وجل): "وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا" وقيل: "الرَّحْمَنِ" هو الذي يكشف الكروب، و "الرَّحِيمِ" هو الذي يغفر الذنوب، فالأول عام لأنه يكشف الكرب عن المؤمن وغير المؤمن، والثاني خاص فهو يغفر الذنوب للتائبين والراجعين إليه، وقد اجتمع الاسمان معًا في سورة الفاتحة، وفي سورة البقرة، حيث يقول الله (سبحانه وتعالى): "وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ" وفي سورة النمل، حيث يقول (سبحانه): "إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، وفي سورة فصلت، حيث يقول (سبحانه): "تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، وفي سورة الحشر، حيث يقول الله تعالى: "هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ"، وكثيرًا ما اقترن اسم الله (عز وجل) "الرَّحِيمُ" باسمه (عز وجل) "التواب" و"الغفور"، وهذا ما 

وأوضح الوزير أن هذا ما يؤكد ما ذهب إليه بعض العلماء أن معنى "الرَّحِيم" أي الرحيم بالتائبين والمؤمنين اذا اقترفوا الذنوب، يقول الله (سبحانه وتعالى): "فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"، ويقول (سبحانه وتعالى) على لسان إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام): "رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"، ويقول (سبحانه): "إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"، ويقول (سبحانه وتعالى) في سورة التوبة: "أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"، ويقول (سبحانه): "وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"، ويقول (سبحانه): "نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" ويقول (سبحانه): "وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"، ويقول (سبحانه وتعالى) على لسان سيدنا يعقوب (عليه السلام): "قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"، فهنا يقترن اسم الله "الرَّحِيمُ" باسمه " الْغَفُورُ" دلالة على سعة أبواب رحمته ومغفرته وقبوله للتائبين.

وبين وزير الأوقاف أن اسم الله "الرحيم"ويأتي مقترنًا باسم الله "العزيز" فهو العزيز القوي المتين القادر المقتدر، الذي يعفو عن الزلات رحمة وتفضلا بعزة واقتدار، يقول الله (تعالى): "وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ"، فهي رحمة القوي العزيز، ويقول (سبحانه) في سورة السجدة: "ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ"، ويقترن اسم الله "الرحيم" باسمه "البر" أيضًا، يقول (سبحانه وتعالى) في سورة الطور: "إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ" فهو الرحمن وهو الرحيم وهو البر وهو الودود وهو اللطيف وهو الحكيم وهو العزيز وهو القادر وهو المقتدر وهو المانع وهو المعطي وهو الغني وهو المغني وهو المعز وهو المذل الأمر كله لله.

وجاء اسم الله "الرحمن" منفردًا في مواضع عدة، منها قوله (تعالى) في سورة الفرقان: "الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا"، ويقول (سبحانه وتعالى) في سورة طه: "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى"، ويقول (سبحانه): "يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا"، ويقول (سبحانه وتعالى) في سورة مريم: "ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا"، ويقول (سبحانه وتعالى): "إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا"، ويقول (سبحانه وتعالى) على لسان نبيه إبراهيم (عليه السلام): "يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا"، وهنا إشارة ألا نغتر بإمهال الله، فإن الله (عز وجل) قد يمهل لكنه لا يهمل، فإذا أَخَذَ فأخذه أَخْذَ عزيزٍ مقتدر، فهو الرحيم وهو العزيز، وفي التأكيد على ذكر اسم الله "الرَّحْمَنِ" و"الرَّحِيمِ" والجمع بينهما في البسملة والفاتحة وفي مواضع عديدة من القرآن الكريم ما يؤكد سعة رحمة الله (عز وجل) بعباده، فديننا دين الرحمة ونبينا (صلى الله عليه وسلم) نبي الرحمة، حيث يقول الله (عزو جل) لنبينا (صلى الله عليه وسلم) : "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ"، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "إنَّما أنا رحمةٌ مُهداةٌ"، فإذا أردت أن تحقق معنى اسم الله "الرَّحْمَنِ" ومعنى اسم الله "الرَّحِيمِ" فكن رحيما بخلقه، فمن لا يَرحم لا يُرحم، والراحمون يرحمهم الله، فارحموا تُرحموا، نسأل الله أن يرحمنا جميعًا في الدنيا والآخرة بواسع رحمته، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم).