المقاومة الفنية وأعمدة الدراما

محمد عدوي
محمد عدوي

سوف يظل الموسم الدرامي الرمضاني هو الأنجح والأكثر مشاهدة ، سوف تظل الدراما المصرية في المقدمة والأكثر نجاحا وإثارة للجدل، سوف تظل القوة الناعمة المصرية محرك المشاعر وحائط الصد المهم في حروب الألفية الجديدة.
لازلنا في البدايات.. مازلنا في مرحلة الاكتشافات الحقيقية للموسم الملتهب الغزير شديد الثراء وهناك عدة ملاحظات مهمة في أيام رمضان الأولى.
نجحت “الشركة الوطنية المتحدة للخدمات الإعلامية” في مسعاها بتقديم وجبة فنية منوعة ومدروسة بذكاء شديد، تنوع يلبي احتياجات وشغف المشاهد الذي يشاهد أعمالها من المحيط للخليج، كما نجحت في تقديم محتوى درامي ضخم شديد الثراء على كافة المستويات، إيمانا منها بالتطور الكبير الذي يحدث في عالم الدراما، وإيمانا منها بأننا نستحق.

هناك خط مهم في التناول الدرامي الذي تقدمه “المتحدة”، هو خط المقاومة، مقاومة تظهر بجلاء معدن الشعب المصري وأصالته، مقاومة الأفكار والاحتلال والإرهاب، المتأمل لأعمال “رسالة الإمام” و”الكتيبة 101” و”سره الباتع” و”سوق الكانتو” و”حضرة العمدة” على سبيل المثال، سوف يجد هذا الخط الدرامي يربط بينهم، حتى ولو لم يكن هناك أي رابط زمني أو درامي على مستوى الحكي والقصة أاو المعالجات الفنية، لكن المقاومة هي محورها جميعا، في “رسالة الإمام” ورسائله الدينية التي يركز عليها صناع العمل بإتقان وإجادة تامة، هناك مقاومة للأفكار الدينية الدخيلة التي نعاني منها الآن، رسالة التعايش والتبحر في العلم والسلام النفسي والبساطة التي تقاوم الغلو والتطرف، صحيح الدين الذي يواجه عشاق الفتن واستغلال الدين، رسائل في وقتها ومكانها، كنا في امس الحاجة لها وللإمام الذي له مكانة ومعزة خاصة في مكنون الشعب المصري.
المقاومة موجودة في “الكتيبة 101” العمل المختلف والمهم الذي يجسد بطولات أسيادنا الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجلنا ومن أجل وطن نؤمن به ونفتديه، “الكتيبة 101” ليس مجرد عمل فني لكنه توثيق مهم للمستقبل، توثيق لحالة من الانصهار في حب الوطن والتضحية يجب أن يعرفها الجميع.
المقاومة مستمرة، وهذه المرة مزدوجة، اختار المخرج خالد يوسف أن يقدمها من خلال “سره الباتع” التي كتبها يوسف إدريس، واختار أن يمزجها بالحاضر ليؤكد أن المصري مقاتل رافض لكل حركات الاحتلال والتطرف في مواجهة الاحتلال الفرنسي ومواجهة الاحتلال الإخواني.
ومستمرة مع المخرج حسين المنباوي والمؤلف هاني سرحان في “سوق الكانتو”، حيث الاحتلال الإنجليزي والصعاب التي واجهها أبناء الشعب الحر، هي أيضا مستمرة في مواجهة النظرة الدونية للمرأة ومحاولات استغلالها وتهميشها في “حضرة العمدة” بخيط درامي صاغه إبراهيم عيسى وأخرجه عادل أديب.
المواجهة والمقاومة خط درامى قدمته المتحدة بذكاء يستحق الاشادة .. وهكذا هو دائما دور الفن
“أعمدة الدراما”
كبار الدراما هم أعمدتها التي يستند عليها الجدار ويعلو ونفتخر به، وجود الكبار لبلبة وهالة صدقي وأحمد بدير وأحمد عبد العزيز وفريدة سيف النصر وسهير المرشدي ومحمد محمود وعبد العزيز مخيون ومحمود البزاوي وغيرهم، هو الأمان الذي يجعل من دراما رمضان هذا العام حالة استثنائية وملهمة، هو البهجة التي تملأ الشاشات عند ظهورهم، هؤلاء هم فاكهة الدراما والحضن الحقيقي الذي يحتضن نجوم الشباك ويجعل من وجودهم ضمانة للإبداع والإستمرار.. هم الكنز الحقيقي الذي لا ينضب ونفتخر به ونحبه.