بدون تردد

لغة المصالح

محمد بركات
محمد بركات

يقول البعض.. وهم مقتنعون بما يقولون، ويرون انه عين الصواب من وجهة نظرهم بالطبع،...، إن السياسة لا تعترف بالمنطق والنهج الذى تأخذ به وتسير عليه بالمبادئ والقيم الإنسانية والأخلاقية السامية والمتعارف عليها، مثل الحق والعدل والصدق وصوت الضمير الحى، وغيرها من القيم التى توافق عليها البشر وأكدت عليها كل الرسالات السماوية.

ويرى هؤلاء فى معتقدهم هذا، أن اللغة الوحيدة التى تعترف بها السياسة ويعمل بها أصحابها من السياسيين هى لغة المصالح وتبادل المنافع فقط لا غير،...، وهم فى رؤيتهم تلك يرون أنه إذا ما حدث وتعارضت المصالح مع القيم الإنسانية والأخلاقية العامة، فإن الغلبة لابد أن تكون للمصالح، ولو أدى الأمر إلى التجاهل التام للقيم أو حتى السير على جثتها.

ولقد لخصت «الميكيافيلية» هذا المفهوم الذى يعتنقه البعض، فى مؤلف مكتوب ومعلوم لدى الكثيرين، وهو كتاب «الأمير» الذى أكد أن المبدأ الوحيد الواجب الأخذ به فى التعامل فى سوق السياسة، هو المصلحة فقط، وأن كل  الطرق والوسائل مباحة لبلوغ هذه المصلحة، انطلاقا من الإيمان المطلق بأن «الغاية تبرر الوسيلة».

وفى ظل ذلك لا يرى المؤمنون بهذا المبدأ ضررا على الاطلاق، فى اللجوء إلى أى وسيلة أو السير فى أى طريق يمكن أن يؤدى إلى ما يريدون، ويساعدهم فى الوصول إلى ما يسعون إليه، بغض النظر عن مشروعية أو عدم مشروعية هذه الوسيلة وذلك الطريق.

وفى هذا الإطار وإذا ما دققنا النظر فى واقعنا فى هذا العالم الذى نعيش فيه، وما يحدث فيه ويطرأ عليه من وقائع وأحداث ومشاكل وأزمات، ستجد من هذه الطائفة دولا وشعوبا وأفرادا لا يتوقفون كثيرا أمام المعايير الاخلاقية والقيم الانسانية، فى سعيهم لتحقيق مصالحهم وبلوغ غاياتهم.

وهؤلاء يرون أن الأهم من ذلك هو تحقيق ما يريدون بكل الوسائل الممكنة، حتى لو تطلب ذلك الاعتداء على دول وشعوب أخرى، والحصول على ما ليس لهم، ضاربين عرض الحائط بالقانون الدولى والعدالة الإنسانية وحقوق الإنسان والقيم الأخلاقية.