فى الصميم

صراع هندى ـ باكستانى على مستقبل بريطانيا!

جلال عارف
جلال عارف

الدنيا تتغير بسرعة. حتى قلعة التقاليد فى بريطانيا تستسلم أمام رياح التغيير.

قبل خمسة أشهر انتُخب «ريشي سوناك» زعيماً لحزب المحافظين ورئيساً للحكومة.

الاقتصادى القدير كان بصحبة التاريخ وهو يدخل المكتب الذى كان يحكم منه تشرشل نصف العالم ذات يوم، ولم يكن يتصور أحد فى أيامه أن شاباً من أصول هندية سيصبح بعد عدة عقود رئيساً للحكومة البريطانية..

لكنها الأيام وحتمية التغيير وقيم العصر التى أصبحت تتقبل ما كان مستحيلاً فى عصر الإمبراطوريات التى تبارت فى استغلال الشعوب واستعمار الدول.

كانت المفارقة أن صعود «سوناك» جاء مع نهاية رحلة طويلة تبوأت فيها الملكة اليزابيث الثانية عرش بريطانيا، ليخلفها ابنها الملك تشارلز الثالث الذى تستعد بريطانيا الآن لحفلات تتويجه.

كما جاء صعود «سوناك» مع تجاوز اقتصاد الهند لأول مرة الاقتصاد البريطانى ليصبح خامس اقتصاد فى العالم بعد سبعة عقود من استقلالها عن بريطانيا..

لكن الأهم أن بريطانيا كانت تقدم نموذجاً لتطور المجتمع حين يؤمن بالتنوع ويفتح الباب لكل أبنائه دون تفرقة.
بالأمس شهدت بريطانيا تطوراً آخر على نفس الطريق.

فى اسكتلندا اختار الحزب القومى الحاكم رئيساً جديداً له سيتولى رئاسة الحكومة هناك. الزعيم الجديد «حمزة يوسف» شاب فى السابعة والثلاثين ابن مهاجر باكستانى مسلم. ليترقب الجميع صراعاً قادماً بين ابن المهاجر الهندى «سوناك» وابن المهاجر الباكستانى «حمزة» الذى كان أول تصريح له بالأمس هو: «سنكون الجيل الذى يحقق استقلال اسكتلندا»..

وهو ما تعارضه الحكومة البريطانية التى ترفض تماماً المطلب الاستكتلندى بإجراء استفتاء جديد على استقلال اسكتلندا.

بالطبع.. هناك ـ على الجانب الآخر ـ من يؤمنون بالعنصرية البيضاء، ومن يعادون المهجرين ويتمسكون بـ «الإسلاموفومبيا»، وستجد حتى فى ملاعب الرياضة سلوكاً عنصرياً بغيضاً..

لكن سنجد أيضاً جهداً لمحاربة ذلك بالعقوبات الرادعة، وبتقديم مبادرات مثل إيقاف المباريات عند أذان المغرب حتى يستطيع اللاعبون المسلمون كسر إفطارهم، وبما يلقاه نجم مثل محمد صلاح من تقدير واحترام مستحق.

الصراع مستمر بين التعصب والتسامح. لكن العالم يتغير، والمعركة السياسية حول وحدة بريطانيا أو استقلال اسكتلندا، يقودها الآن ابن مهاجر هندى وابن مهاجر باكستانى.

رغم كل شىء.. رياح التغيير تنتصر!